بعد التحية قبل عدة ايام تصفحت احدى المجلات العربية التي كانت تتحدث عن نسبة العوانس في العالم العربي، ولقد لفت انتباهي نسبة العوانس هنا لدينا اذ انه رقم مخيف، وبغض النظر عن صحة ذلك الرقم من عدمه فلنا وقفة مع آباء واولياء امور تلكم العوانس في هذا البلد المبارك الذي لايرضى بغير الشرع فصلا ومنهجا، ففي الحقيقة ان اصابع الاتهام دائما تحوم حول والد او ولي امر تلك العانس التي اصبحت بين عشية وضحاها غير مهيأة للزواج او كما يقال «فاتها قطار الزواج» ولو تعمقنا قليلا وبحثنا في تلك الاسباب المؤدية بالفتيات الى العنوسة لوجدنا ان نسبة ليست بالقليلة تلقي اللوم على والد الفتاة، ومن هنا يحق لنا ان نهمس في اذن والد تلك العانس ونقول له ماسبب منعك ابنتك من الزواج المبكر الذي هو ستر لها في هذه الدنيا؟ ومن الطبيعي اننا سنجد اجابة غير مقنعة اطلاقا مهما بلغت المبررات، لكن دعوني افيدكم ببعض الاسباب التي لن ينطق بها اولياء امور تلكم العوانس، فمن ضمن الاسباب التي تجعل الآباء يرفضون تزويج بناتهم في سن مبكر الاختلاف في تحديد المهر فبعضهم كأنه في مزاد يساوم بزيادة ذلك المهر على حسب رغبته وليس على حسب قدرة ذلك الشاب الذي اراد ان يكمل نصف دينه باقترانه من تلك الفتاة. قال تعالى «وآتوا النساء صدقاتهن نحلة.. الآية» فأين أولئك الذين يأخذون مهر الفتيات ويساومون بزيادته وهو اصلا للفتاة الا يخجلون من انفسهم؟ ألا يخافون الله في بناتهم؟ اين هم من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول «رفقا بالقوارير.. الحديث» اين ذلك الرفق الذي حث عليه صلى الله عليه وسلم؟ ومن الاسباب التي جعلت فتياتنا عانسات اصرار الاب على ان يختار هو زوج ابنته سواء رضيت أم أبت وكأنه هو الذي سوف يتزوج. وهنا لا اقصد من يبحثون لبناتهم عن الازواج الصالحين المعتدلين فهذا حق من حقوق اب الفتاة بالبحث والتحري عن زوج صالح يرضاه لابنته ولا اعترض عليه اطلاقا وانما اعتراضي هنا على الاصرار وبقوة على تزويج ابنته من الشخص الذي يريده هو فأقول له اين انت من حديث الرسول صلى الله عليه وسلم الذي يقول «البكر تستأذن.. الحديث» اي تؤخذ موافقتها من عدمها ولاتجبر على الاقتران بمن لاتريد. ايضا من ضمن الاسباب التي جعلت بناتنا حبيسات بيوت آبائهن دون زواج هو تدخل الاسرة ككل «الاب، الام، الاخ» وكأنها غنيمة بين أيديهم يريدون اقتسامها بينهم فالأب يريد هذا والأم تريد ذاك والأخ لايريد الاثنين والضحية البنت، والأسباب كثيرة وكثيرة لايسع المجال لذكرها وقد ينعتني البعض بالمبالغة او المحاماة عن الفتاة او غير ذلك ولكن هي الحقيقة، ومايمنع بناتنا عن النطق الا الحياء ولا يلمن في ذلك فكم من فتاة اجبرت على الزواج ممن لاتريد وكم من فتاة قيل لها لن تتزوجي من ذاك وكم وكم.. وهن صابرات محتسبات مغلوبات على امرهن لاحول لهن ولا قوة. فرجائي من الآباء بل رجاء كل غيور على بنات هذا الوطن المبارك ان يتقوا الله في بناتهم ويجعلوا نصب اعينهم مصلحة بناتهم فكم من نادم لم ينفعه ندمه وكم من مكابر لم تنفعه مكابرته وكم من انف دس بالتراب بعد ارتفاعه وكم وكم ولات ساعة مندم ومن الطبيعي انكم تعرفون جيدا ما أقصد ولا داعي للإفصاح. عموما ايها الآباء ليكن المصطفى عليه افضل الصلاة والتسليم خير قدوة لنا فقد تزوج عائشة رضي الله عنها لسبع ودخل بها لتسع، ولايكلف الله نفسا الا وسعها فلك ايها الاب في رسول الله قدوة حسنة واجعل تزويج ابنتك في سن مبكر جدا والعادات والتقاليد لدينا ترى ان السن الذي يناسب في هذا الوقت نظرا لاختلاف التربية عن وقت حياة الرسول صلى الله عليه وسلم هو سن الرابعة او الخامسة عشرة على ألاّ لايزيد العمر على ذلك. وفق الله جميع آباء فتياتنا وهداهم لما فيه خير وصلاح بناتهم. آمين، وزوّج الله جميع فتياتنا العانسات. اللهم آمين. وشكراً ل«الجزيرة» طرحها هذا الموضوع ونحن على مشارف الإجازة الصيفية. عمر الربيعان - القصيم