السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وبعد : أدون هنا وصفاً لزيارة قمت بها لأحد مقاهي الإنترنت بالرياض ، كانت الأولى لي لمثل هذه الأماكن ، ولقد دهشت حقا مما شاهدته فيها ، ووجدت أن من واجبي أن أبعث بهذا الوصف لكل من له شأن أو علاقة بهذا الأمر من باب : قول الله عز وجل : )وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب( . كانت هذه الزيارة يوم الأحد 26/2/1422ه من الساعة 2:45 إلى الساعة 3:15 في أحد مقاهي الإنترنت في الرياض. وكانت تلك الزيارة لهذا المقهى هي الأولى لي لمثل هذه الأماكن ، حيث أني نادرا ما أحتاج إلى تصفح الإنترنت خارج مكان العمل . عندما دخلت كانت رائحة الدخان تملأ المكان ، وأشار لي العامل الموجود إلى أحد الأماكن ، والتي هي عبارة عن حجرة صغيرة ، كل حجرة تحتوي على طاولة وجهاز حاسب آلي وملحقاته. وعندما دلفت إلى إحداها رأيت أعقاب السجائر تملأ الوعاء المخصص لذلك. وكان المكان مظلما رغم أننا في منتصف النهار. والحق أقول أنني شعرت بريبة المكان وسوداويته الباعثة على الشعور أنك دخلت مكانا مشبوها. وبعد جلوسي ببرهة انبعث صوت عال بالغناء. ويظهر لي أنه من أحد الزبائن، حيث ان الغناء كان عربيا وقريبا مني ، واستمر فترة كلما انتهت أغنية بدأت أخرى. وبعد ذلك خرج هذا الزبون من المحل . وأثناء صوت الغناء فوجئت بصرخة وضحكة هستيرية روعتني . وعندما أنصت ونظرت جانبا علمت بصاحب هذه الضحكة الهستيرية المتواصلة والذي كان يستخدم الإنترنت للمحادثة ؛ إذ لم يكن أحدا بجانبه وكانت يداه تشتغل على لوحة المفاتيح . ولكم أن تتصوروا ما شعرت به وأنا أسمع هذه الضحكة الهستيرية ، لقد شعرت والله بأن المكان هو أقرب ما يكون لحانة تقدم فيها المشروبات المذهبة للعقل وأن هذه الضحكات ناتجة عن هذه المشروبات . وتكررت هذه الضحكة الهستيرية عدة مرات خلال جلستي بالمقهى . كان ظاهرا أن العامل الهندي لا يستطيع السيطرة على المكان فهو منزو في إحدى زوايا المقهى، بينما جمع من الشباب والمراهقين تعلو صيحاتهم وضحكاتهم بين الفينة والأخرى ، وأصوات الغناء تملأ أرجاء المكان وكأننا في بلد أوروبي أو أمريكي لا تحكمه أخلاق أو شريعة . ولقد رأيت شابا صغير السن في 15 أو 16 من عمره ، يلبس لباسا غربيا ويتجول بين الأماكن وهو يردد أغنية بين شفتيه وينظر بشكل غريب إلى الموجودين بالمقهى. إني أشعر بعمق الصدمة لما رأيته في مقهى من 200 مقهى منتشرة بالرياض كما نسمع . فإذا كانت معظمها بمثل هذا الحال فلنعز أمتنا بشبابها، ولنعز عاصمتنا لهذه القروح والدمامل المنتشرة فيها . إن الأمر جد خطير ولا يجوز السكوت عليه ، ويجب إعلام المسئولين وأولي الأمر بحقيقة ما يجري في مثل هذه الأماكن . فالإنترنت كما هو معلوم يعرض فيها كل شيء . فإذا وفرنا المكان الذي يساعد بل يدعو إلى إساءة استعمال الإنترنت فلا نلوم رواد مثل هذه الأماكن . إني لأتعجب حقا ما الداعي إلى فتح مقاه للإنترنت ؟ لماذا لا توضع الإنترنت في المكتبات العامة المحترمة والمفتوحة ، مثل مكتبة الملك عبد العزيز أو مكتبة الملك فهد الوطنية وسواهما من مراكز الثقافة والعلم النافع تحت الضوء الساطع وبلا حواجز . طاولات طويلة مرصوص عليها أجهزة الحاسب بعضها بجانب بعض لمن أراد استخدامها . مثل هذه الطريقة سوف تشجع على استخدام الإنترنت الاستخدام النافع والجاد . وبوجود مشرفين يقومون بمساعدة من يطلب المساعدة والإشراف والمتابعة للحفاظ على هدوء المكان وتوفير الجو المناسب للاستفادة المثلى من هذه الوسيلة . إن أهل العلم والحكمة والبصيرة قد سبقوني بضرورة ترشيد استخدام الإنترنت، ولكن وللأسف علت أصوات الجاهلين والإمعات عبر الإعلام لتطغى على صوت الإيمان والعقل والبصيرة . هنا الترشيد يأخذ المعنى الحقيقي للكلمة بمعنى استخدام الإنترنت استخداما نافعا يعود بالخير والرفعة والنماء لمجتمعاتنا . هنا الترشيد أهم بكثير من دعوات ترشيد استخدام المياه أو الكهرباء ، لأن عدم ترشيد المياه أو الكهرباء قد يؤدي في أسوأ أحواله إلى توقف الأعمال أو موت الأجساد بينما عدم ترشيد استخدام الإنترنت سوف يؤدي ولا ريب إلى موت قلوب قد لا تنفع معها شحنات دعوية أو إرشادية لإيقاظها . نسأل الله السلامة والعافية . سعود الهزاني الرياض الجزيرة: نشكر الأخ سعود الهزاني على تواصله الذي سلط الضوء على منطقة حساسة في مجتمعنا السعودي وهي مقاهي الإنترنت والموضوع كما يقال أكبر من أن يكتب عنه مقال واحد ولكن كما عودت «الجزيرة» قراءها دائما في فتح باب النقاش فمن أراد التعقيب على مقال الأخ الكريم يمكنه أن يرسل مشاركته على فاكس 4871063 4871064 4871120 عناية «القرية الإلكترونية» أو على البريد الإلكتروني evillage@al jazirah.com