من بلاد الشعر والشعراء.. والاثار والتراث.. وارض الزراعة والمياه العذبة.. ارض الاصالة والعراقة.. انه وادي الدواسر .. تلك الارض المنبسطة التي تحفها الرمال الذهبية فهو ليس واديا بين جبلين تشقه السيول كما هو معروف في تسمية الوادي جغرافيا وإنما هو ارض منبسطة تحفه الرمال وتحيط به الصحارى من جميع الجهات منحدر من الغرب الى الشرق حيث جريان وادي تثليث ووادي رنية ووادي بيشة.. والصحيح ان تسميته بالوادي يعتبر مجازا في الوقت الحاضر لسببين رئيسين اولهما ان الرمال غرب وادي الدواسر حجبت عنه تلك الاودية التي كانت تمده بالجريان خصوصا ان اخر مرة سال فيها هذا الوادي كانت سنة 1917م فمع مرور هذا الزمن الطويل غيرت الكثبان الرميلة اتجاهات جريان الاودية التي كانت تمده بالجريان. والسببب الثاني هو انشاء تلك السدود العملاقة في تلك الاودية مما قلل من اندفاع السيول عبرها الى وادي الدواسر. والاراضي الرعوية خارج مناطق الزراعة والعمران تتزين بانواع الاعشاب عند هطول الامطار وتبقى لفترات طويلة مرعى جميلا بخلاف بعض مناطق مملكتنا الحبيبة التي هي موسمية تزول مع اشتداد حرارة الشمس. ووادي الدواسر غني بالمياه العذبة الغزيرة والاراضي الزراعية الخصبة ففيه النخيل الباسقة.. يقول الشاعر فهاد بن محسن آل حصن الشرافي: منزله وادي الدواسر ومشروبه قراح والغروس السود تشبع قطين حالها كما يشتهر بزراعة الاعلاف والخضار والقمح والشعير وبعض انواع الفواكه. وكانت ربوعه مرتعا للصيد من الظباء والغزلان والارانب والى وقت ليس بالبعيد. يقول الشاعر عبدالله بن حمير السابر الدوسري: بين الاشاعر والهبالة ورافده عشنا ليال ما يعوض حسابها في مرتع زاهر.. وصيد نفوز به سعادة يابخت حي هنا بها ووادي الدواسر غني باثاره وتراثه فمن اثاره قرية «الفاو» الاثرية التي كانت حاضرة لدولة كندة المعروفة في التاريخ قبل اكثر من الفي عام يقول الشاعر عيسى بن حصن الدوسري الذي عاش في نهاية الدولة السعودية الاولى: قرية بلاد جدودنا من قبلنا وتوارثوها من الجدود عيالها ومن اثار وادي الدواسر قرية «الجو» الاثرية شمال الفرعة وقصر «سلام» شرق الشرافاء وقصر الحكومة بالخماسين وقصر «ابو طوق» باللدام وقصر ربيع بالمعتلا وحصن «الخويري» في نزوى. يقول الشاعر مثبت الحزيم: يامن يبشر ربعنا الغايبين الصيف طاح )وسور نزوى( بنيناه وكان وادي الدواسر يسمى العقيق وعقيق بني عقيل وعقيق تمره يقول الشاعر: وجز في ممرات العقيق مغردا وفي صوتك البشرى تنادي بني دسر وقيل ان وادي الدواسر غني بمناجم الذهب مثل منجم العقيق وقد ذكره الهمذاني ووصف مكانه واورد حديثا نسبه الى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو : )مطرت ارض عقيل ذهبا( لكثرة ما فيها من المعادن كما توجد مناجم فضة في «اوفيرا» قديما واسمها حاليا «وعيفره». تغنى الشعراء بوادي الدواسري قديما وحديثاً وبرع كثير من اهله وسكانه في الشعر والادب والثقافة ومكارم الاخلاق. يقول الشاعر مقبل بن شريد السبيعي: وادي الدواسري عسى وبل المطر يسقيه وجعله يعم برحمته كل الاوطاني لحيث الكرم والجود طبع لاهل واديه رجال كرام تكرم الضيف والعاني ليا جاهم العاني لقى لابة تشفيه رجال الدواسر شانهم في العرب شاني وقال الشاعر راشد الخلاوي: خلت نجد ما يلقى بها طالب الثنى اقع ضمين يم وادي الدواسر وما يزال اهالي وادي الدواسر متمسكين بأصالتهم وعاداتهم القديمة فالاكلات الشعبية ما تزال وجبة مفضلة لجميع اهالي وادي الدواسر تقدم للضيوف في المناسبات وتتعلمها فتيات المستقبل منذ الصغر وتقدمها لاسرتها وضيوفها . ومن هذه الاكلات الشعبية قرص الجمر والمعصوبة او العريكة كما يحلو للبعض تسميتها وكذلك الفته والمثلوثة والجريش. كما يفخر اهالي وادي الدواسر كبقية بلدان نجد بالقهوة العربية كمشروب عربي اصيل. ومن العادات الاجتماعية اقامة حفلات الزواج في الساحات القريبة من منزل المتزوج واحياؤه بالعرضة النجدية كما هو الحال في الاعياد والمناسبات السعيدة وفيها يردد شعارهم: اشعار البطولة والحرب والفخر يقول الشاعر عبدالله بن حمير السابر: حل ليل العيد ثم زان لي الكلام واسفرت ثم انورت ليلها ونهارها اطربوا مافي الطرب شرهة والا ملام والطرب سنوه من قبلنا غمارها لاد زايد مقدم الجمع لاثار العسام وما يقدم باول الجمع كود اخيارها من حربهم ما تهنت عيونه بالمنام شربوه الكدر وسقوه كاس امرارها لاعنا اللي بالوصايف كما ظبي العدام العنود اللي تكاشف جمال انوارها ومن الرقصات الشعبية ايضا سامري الدواسر المشهور ويصحبه عادة الطبل وغناء الغزل ومما يقال فيه: جيت في ديرة واكثرت فيها المقام لاجفتني ولا مليت من طيبها يا غزال نطحني في دماث العدام والمزاريق من عينه رماني بها شوف عيني على خده علامة وشام والجدايل على متنه يماري بها ومن اهالي وادي الدواسر البدو الذين يتبعون مساقط الغيث ومراعي الماشية ويقطنون المناهل في القيظ ويملكون الابل والنخيل والماشية ويعطون البداوة حقها من ناحية وحاضرة من ناحية اخرى. يقول الشاعر سعد بن مدوس الفصام الدوسري: حضر ليالي القيظ وان جا المخاضير بدو نطرد بالوسامي زهرها نهد بالكلب السلوقي وبالطير ونسجها من برها اليا بحرها ويملك الكثر من اهالي وادي الدواسر نجائب الابل على انواعها الا ان المجاهيم لها مكانة في نفوسهم وهي اغلب ابلهم يقول شاعرهم شلعان بن فهيد بن ظافر الدوسري: مداهيل حلوة اللبن خلقة الرحمن مجاهيم سود خالق الكون مسويها مجاهيم جاذبها الفحل والوجيه زيان وساع مرافقها طوال خطاويها جليلات عظم الساق مرفوعة الحجبان طوال الرقاب مشرفهات اذانيها عراض الخدود اللي تماري بها البدوان كبار الفقار موسعة صدر راعيها مجاهيم رمليات لخشومها نيشان ترافض بلادمها حداد نواصيها وخوفا من الاطالة فانني اتوقف عند هذا الحد الا انني اسوقها دعوة لقرائنا الكرام بزيارة وادي الدواسر ليقفوا على الحاضر الزاهر والتطور الهائل في شتى المجالات يداعبها تراثنا العريق وماضينا المجيد بين بساتين النخيل الباسقة والمياه العذبة الرقراقة والرمال الذهبية وقطيع الصيد من الوعول والغزلان في محمية بني معارض على ضفاف وادي الدواسر مصحوبة بالعادات والتقاليد العربية الاصيلة. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته قبلان محمد الحزيمي الدوسري