لا يكاد يخلو كتاب من كتب التطوير الإداري وإدارة الموارد البشرية من التأكيد على أهمية زيادة معارف ومهارات العنصر البشري وضرورة إعطائه جرعات تدريبية وتعليمية ترتقى بمستواه المهني والإداري، بل إن بعض أنظمة التطوير الإداري تذهب إلى إلزام الموظف أو الموظفة إلى رفع مستواه من خلال الالتحاق بالبرامج التعليمية التي تفوق مؤهله العلمي والدراسي، ويذهب البعض من المتخصصين في الإدارة إلى القول بأن استمرار الموظفة أو الموظف أياً كانت طبيعة مهامه ووظيفته على مستوى تعليمي معين وعدم إلحاقه ببرامج تعليمية وتدريبية تستهدف الارتقاء بمستواه المهني يمثل خللاً في النظام الإداري ويعتبر سبباً من أسباب شيوع اللامبالاة وانعدام المبادرة وغياب الحماس والاخلاص وكثرة الإهمال. ومن هنا تبرز أهمية حصول الموظف أو الموظفة على مؤهل علمي يفوق مؤهله العلمي أو دورة تدريبية تكسبه مهارات جديدة ويصبح وضع أنظمة وقوانين إدارية مربوطة بالمميزات والحوافز المعنوية والمالية للموظفين أمراً في غاية الأهمية، والرئاسة العامة لتعليم البنات وبصفتها أعلى جهة إدارية تتولى شؤون المرأة العاملة في المملكة ربما لا تخرج عن هذا السياق على المستوى النظري لكنها في الواقع تختلف معه، وليس أدل على ذلك من عدم احتساب المؤهل العلمي الذي تحصل عليه المعلمة وهي على رأس العمل، فكاتبة هذه السطور التحقت بالمجال التعليمي بعد حصولها على شهادة دبلوم معهد إعداد المعلمات وعينت على المستوى الثاني، ولأن الطموح لا تحده أنظمة والمعرفة لا تقيدها قوانين والعلم لا يحول دونه عوائق فقد التحقت بإحدى الجامعات في المملكة عن طريق نظام الانتساب واستطعت بعون الله وتوفيقه الحصول على شهادة البكالوريوس في احدى التخصصات المناسبة للتعليم. وحينما تقدمت بشهادتي الجديدة إلى الرئاسة على أمل تحسين مستواي الوظيفي فوجئت بأن الرئاسة لا تعترف بهذا المؤهل وأن الاستفادة من هذه الشهادة تكون عن طريق وزارة الخدمة المدنية بحيث أقدم عليها على اعتبار أننى «متخرجة حديثاَ» وهو ما يعني أنهم سيوجهونني إلى احدى المناطق المحتاجة والبعيدة وعلى البند )105( وأنه لن يتم تحسين مستواي وأنا في وظيفتي الحالية، الأمر الذي جعلني أكتفي من الشهادة بما حصلت عليه من المعرفة والعلم وأكرم بها من غنيمة، لكن هذا لا يعني أنني لا أتوق إلى تحسين مستواي الوظيفي غير أن المفاجأة السارة ما أصدرته الرئاسة قبل أشهر من تعميم يحث المدارس على تزويد الرئاسة بأسماء المعلمات «اللاتي حصلن على تأهيل علمي أعلى )جامعي( جديد وهن على رأس العمل ويشغلن مستويات أقل من المستوى المستحق للمؤهل العلمي الذي حصلن عليه على أن يكون المؤهل مناسباً لمجال التعليم». هذا التعميم جاء بمثابة رد اعتبار للمعلمات الطموحات وانصافاً لهن مما يشعرن به من اجحاف تجاه أنظمة الرئاسة، ورغم أن هؤلاء المعلمات لا يعرفن حتى الآن نتيجة هذا التعميم إلا أنهن في غاية التفاؤل من هذه الخطوة التي إن دلت على شيء إنما تدل على حرص معالي الرئيس العام لتعليم البنات والفريق العامل معه على إنصاف المعلمة الجادة والمجتهدة والتأكيد على أن التسلح بالعلم والمعرفة هو الشعار الذي يجب أن ترفعه كل معلمة.