المشهد الأول: مجموعة من الشباب في غاية الاناقة قد ترجلوا من سياراتهم في منظر يوحي لك بالغوغائية، فما هي لحظات حتى بدلوا ملابسهم وأخذوا يهرولون بجوار سور الحو.. وقت الصلاة.. ناديت مذكراً، الصلاة الصلاة هداكم الله، فما كان منهم إلا الاكتفاء بقولهم إن شاء الله ابشر والله أدينا الصلاة وبعد ذلك خرجنا وما زال هؤلاء الشباب الرياضيون منهمكون في المشي! المشهد الثاني: شاب يجلس في سيارته بجانب أحد محلات الفيديو والإمام يصلي بالناس، توجهت له مباشرة قلت لماذا لا تصلي هداك الله طأطأ رأسه وقال: إن شاء الله، قلت له: هل المسجد بعيد: قال لا ولكن، قلت ماذا: قال أنا لا أصلي ، قلت له اتق الله واذهب وصل ما دمت قادراً فلا يخفى عليك حكم تارك الصلاة متعمداً، )فالعهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر( ، نزل من سيارته وذهب لتأدية الصلاة. المشهد الثالث: مجموعة من الشباب وقوف أمام محراب أحد المساجد والإمام يصلي، ناديت فيهم وقلت: هل بلغ بكم المجاهرة يا شباب بهذا المنكر أن لا تؤدوا الصلاة بجانب بيت الله؟! قال أحدهم: لقد أدينا الصلاة في المسجد الآخر، قلت له وهل تحلف بذلك، فأراد أن يحلف فإذا بزميله يقول: اسكت فنحن لم نصل وسنذهب الآن للصلاة ووالله إننا نؤدي الصلاة ولكننا اليوم تكاسلنا عن ذلك وأخذنا الحديث! المشهد الرابع: شاب يقف بجانب المسجد كل يوم ينزله والده ليبيع بعض الخضار، يذهب هذا الشاب حينما تقام الصلاة ويتخفى عن أعين الناس وحينما يسلم الإمام يأتي ليبيع ويتكسب، لم ألحظ هذا الموقف من هذا الشاب إلا حينما تأخرت في أحد الأيام لظرف ما، فإذا بي ألحظه يتقدم ويتسلل ليبيع بعد الصلاة، سألته مباشرة بانفراد، لماذا لا تصلي هل تقدم مكاسبك الدنيوية على طاعة الله ، طأطأ رأسه واعترف بخطئه وعاهد نفسه بتأدية الصلاة، فرحت حينما شاهدته من الغد يبادر للصلاة. أخي القارئ الكريم إن مواقف الشباب في شأن الصلاة كثيرة، حيث ان زيارة واحدة لمركز من مراكز الهيئات تعطيك التصور كاملاً، فليس بغريب أن يعرف رجال الهيئات بالتنبيه للصلاة وكأنه ليس لهم هم إلا قضية الصلاة، فالصلاة جاء الأمر بها من فوق سبع سماوات وما ذلك إلا لعظم شأنها، وهذه الدولة المباركة أعطت هذه الشعيرة جل اهتمامها فصدر المرسوم الملكي الكريم الخاص بنظام الهيئة ولائحته التنفيذية حيث ورد في مادتها الثانية :)لما كانت الصلاة هي عمود الدين ، وسنامه، فيتعين على أعضاء الهيئة مراقبة اقامتها في اوقاتها المحددة شرعاً في المساجد، وحث الناس على المسارعة إلى تلبية النداء اليها، وعليهم التأكد من اغلاق المتاجر، والحوانيت، وعدم مزاولة أعمال البيع خلال أوقات اقامتها(.وإن الناظر في أحوال بعض شبابنا اليوم ليرى تقصيراً كبيراً في هذا الجانب مما يدفعنا للبحث عن اسباب هذه المشكلة وحلولها فمجتمع لا يقيم شبابه الصلاة مجتمع على شفا جرف هار! أخي : تعال معنا لنسلط الضوء على هذه المشكلة ومدى خطورتها. أسبوع الصلاة ولمزيد من القاء الضوء على هذه ا لظاهرة كان لنا هذا اللقاء مع أحد المربين، حيث إن هذا القضية تتعلق بالدرجة الأولى بأبنائنا الطلاب فقد كان لنا هذا اللقاء مع الأستاذ/ عبدالعزيز بن يوسف المسعود معلم العلوم الشرعية بالمتوسطة الأولى الذي تحدث عن هذه الظاهرة الخطيرة منوهاً بأهمية هذا الموضوع حيث أشار المسعود في حديثه أن للمدرسة دورا كبيرا في مكافحة هذه الظاهرة واعطائها شيئا من الأهمية وذلك باقامة بعض البرامج التوعوية والتي كان لها أثر كبير في استجابة كثير من الطلاب حيث اقيم في المدرسة اسبوع ثقافي ضمن الاسابيع الثقافية التي تقام في المدرسة لتوعية الطلاب، وهذا الاسبوع يتعلق بالصلاة والحث عليها كان الهدف من ذلك توضيح أهمية الصلاة في حياة الفرد والمجتمع، وكذلك حث الطلاب على الاهتمام بأداء الصلاة في اوقاتها في جماعة وتعويد الطلاب على الاهتمام بأداء السنن التي تسبق الصلاة والتي تليها، ومن ذلك ايضا تنظيم الندوات والمحاضرات الدينية التي تهدف الى توعية الطلاب وارشادهم دينيا بمختلف علوم الدين، وكذلك متابعة الطلاب اثناء الصلاة لادائها بالشكل اللائق بها ومتابعة الطلاب اثناء الوضوء وتقسيمهم حسب الصفوف، ويشير المسعود كذلك إلى انه يتم في هذا الاسبوع تكثيف الاذاعة المدرسية بمواضيع تتعلق بالصلاة وأهميتها وخطورة تركها، وفي خلال هذا الاسبوع ايضا توزع الجوائز على الفائزين، وحول بعض الاساليب الناجحة والتي اتخذت لعلاج هذه الظاهرة الاستبانة التي تم توزيعها على الطلاب حيث ظهر من خلال هذه الاستبانة ما نسبته 25% انهم محافظون على الصلاة، و40 % يصلون احيانا واحيانا لا يصلون، وأما 60% من الطلاب فهم لا يصلون البتة ولا حول ولا قوة إلا بالله مشيرا الى ان هذا الاسبوع الثقافي المتعلق بالصلاة قد احدث اثرا كبيرا في نفوس الكثير من الطلاب حيث يذكر هذه الحادثة فيقول: في احد الايام وبعد انتهاء هذه الاسبوع لاحظت أحد الطلاب يريد التحدث الي فقلت له ماذا عندك، فقال: يا استاذ اريد ان اصارحك فأنا قد تأثرت من هذا الاسبوع والحقيقة انني لا اصلي ولا اعرف الصلاة إلا في المدرسة، حيث انني أصلي الظهر معكم وبدون وضوء، وأنا الآن اريد ان اتوب خصوصا حينما علمت بكفر تارك الصلاة وعقوبته ولا اريد ان اموت على هذه الحالة، فقلت له: وما موقف والدك؟ فرد علي بأن والدي يذهب للصلاة ولم يأمرني في يوم من الايام بالصلاة!! ويستطرد المسعود في حديثه فيقول: وبعد هذه الحادثة ماذا على المدرسين والآباء الذين قد يكونون هم السبب الرئيس في تضييع الابناء للصلاة، فينبغي على الآباء الاهتمام بهذه الرعية )يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون( فيجب على الأب أن يكون قدوة صالحة لأبنائه وأن يتقي الله فيهم وأن يأمرهم بالصلاة ولا يتساهل في ذلك، كما يشير المسعود إلى ان هذا الاسبوع لا تقتصر عليه الجهود فقط فجهود المدرسة مستمرة في متابعة الطلاب وحثهم على الصلاة، ولعل من اساليب التحفيز ابراز الطلاب المتميزين في الصلاة وذلك بشكرهم وذكر اسمائهم باستمرار ليقتدى بهم، ومن ذلك حث الطلاب على الالتحاق بالرفقة الصالحة التي تعين على الخير ومعروف عنها تأدية الصلاة في وقتها. ما بال مساجدنا خالية من الشبان! من جانبه تحدث فضيلة الشيخ د. صالح بن فوزان الفوزن عضو اللجنة الدائمة للإفتاء عن خطورة هذه الظاهرة وعن حال كثير من الناس تجاه الصلاة خصوصا الشباب حيث تعجب فضيلته من ذلك بقوله: ما بال مساجدنا خالية من الشبان الا التردد اليسير؟ ما بال جمعتنا وجماعتنا لا يحضرها الا العدد القليل من الجمع الكثير؟ أيعاف اغنياؤنا المترفون حضور المساجد والوقوف بين يدي الملك القدير! ما بال مساجدنا معطلة من ذكر الله معظم الوقت ما عدا لحظات تؤدى فيها الصلاة على عجل! وفي حالة فتور وكسل؟ ألم تكن المساجد محل اجتماع المسلمين بكرة وعشية؟ لا يتخلف عنها الا مسافر او مريض او معذور، مشيرا فضيلته الى ان المساجد كانت تغص بالمسلمين شيوخا وشبانا، وكانت تعج بأصواتهم تسبيحا وتهليلا واستغفارا وقرآنا، وكانوا يؤمونها اذا سمعوا الاذان مبادرين، لا يتخلف منهم الا مريض فيعاد او غائب فيسأل عنه، واليوم قد هجرت بيوت الله واصبح كثير من الناس يترفعون عن دخولها، وكثير منهم يبخلون بصرف شيء من وقتهم فيها، بينما نراهم لا يبخلون بطويل الوقت في مجالس القيل والقال، او السعي في طلب المال، او مشاهدة الملاهي واستماعها، او حضور الاندية ، وبيوت الله خالية من العلماء والعباد ورواد المساجد في ظلمات الليالي من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة قد فقدوا في هذا الزمان. ويستطرد الشيخ الفوزان بتوجيه هذا النداء بقوله: فيا شباب الاسلام ويا شيوخ المسلمين كيف هجرتهم المساجد وجالستم العصاة والفاسقين وهبطتم الى مستوى السفلة والمنافقين؟ أيحب احدكم ان يسمع منادي الصلاة فيدبر عنها ولا يجب فيكون كمن قال الله فيه :)ولكن كذّب وتولى *ثم ذهب إلى أهله يتمطى( ان المؤمن يستجيب لداعي الله )والله يدعو الى الجنة والمغفرة بإذنه( )يدعوكم ليغفر لكم من ذنوبكم ويؤخركم إلى أجل مسمى( )والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم(. ويشير فضيلته كذلك إلى اننا نرى اليوم من بعض الناس تساهلا عظيما في الصلاة مع الجماعة، فمنهم من لا نراه في المسجد ابدا في جميع الصلوات وهو يسكن بجوار المسجد، يخرج من بيته لأعماله الدنيوية ولا يخرج من بيته لأداء الصلاة في المسجد وهو يسمع النداء خمس مرات في اليوم والليلة فيقول: سمعنا وعصينا والعجيب في الامر ان مثل هذا الشخص الذي عصى ربه وأبى ان يجيب دعوته ويحضر في المسجد لأداء فريضته، العجيب في الامر ان هذا يسكن معه في البيت رجال من اهله يصلون مع المسلمين ولا ينكرون عليه، بل يتركونه في البيت وكأنه لم يفعل شيئا، ويؤاكلونه ويشاربونه ويجالسونه فأين الغيرة في الدين؟! واين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر؟ ان الواجب على هؤلاء ان ينكروا على هذا العاصي اشد الانكار فإن تاب الى الله وصلى مع المسلمين وإلا أخرجوه من مسكنهم، وان كان المسكن له خرجوا وسكنوا في بيت بعيد عنه، فلا محاباة ولا مداهنة في دين الله، وان كانوا يرجون من الشخص العاصي طمعا دنيويا فما عند الله خير وأبقى )ومن يتق الله يجعلْ له مخرجا *ويرزقه من حيث لا يحتسب(. الذين هم عن صلاتهم ساهون بعد ذلك يتطرق د. الفوزان لعِظَم هذه الشعيرة وما جاء فيها من الوعيد الشديد فيقول: الصلاة هي آكد أركان الاسلام بعد الشهادتين وهي عمود الدين، وأول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة، والصلاة شرعت في اوقات معينة لا يجوز تأخيرها عنها او تقديمها عليها من غير عذر شرعي كسفر او مرض يبيحان الجمع بين الصلاة، قال تعالى:)فخَلَف من بعدهم خَلْفٌ أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا إلا من تاب( ، قال ابن مسعود: «ليس معنى اضاعوها تركوها بالكلية، ولكن أخروها عن أوقاتها»، وقال سعيد بن المسيب إمام التابعين :«هو ان لا يصلي الظهر حتى تأتي العصر ولا يصلي العصر الى المغرب، ولا يصلي المغرب الى العشاء، ولا يصلي العشاء الى الفجر، ولا يصلي الفجر الى طلوع الشمس، فمن مات وهو مصر على هذه الحالة ولم يتب اوعده الله بغي وهو وادٍ في جهنم بعيد قعره شديد عقابه» وقال تعالى:) يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ومن يفعل ذلك فأولئك هم الخاسرون(. قال جماعة من المفسرين: «المراد بذكر الله الصلوات الخمس، فمن اشتغل عن الصلاة في وقتها بماله كبيعه او صنعته او ولده كان من الخاسرين». ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «اول ما يحاسب عنه العبد يوم القيامة من عمله صلاته فان صلحت فقد افلح وأنجح، وان نقصت فقد خاب وخسر». وقال تعالى )فويل للمصلين *الذين هم عن صلاتهم ساهون( قال صلى الله عليه وسلم :«هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها». وأخرج الامام احمد بسند جيد والطبراني وابن حبان في صحيحه. انه صلى الله عليه وسلم ذكر الصلاة يوما فقال :«من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وكان ويوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابي بن خلف» . قال بعض العلماء :«انما حشر مع هؤلاء لأنه ان اشتغل عن الصلاة بماله اشبه قارون فيحشر معه، او بملكه اشبه فرعون فيحشر معه، او بوزارته اشبه هامان فيحشر معه، او بتجارته اشبه ابي بن خلف تاجر كفار مكة فيحشر معه» وروى ابن حبان في صحيحه :«من فاتته صلاة فكأنما وتر اهله وماله». وروى الشيخان والاربعة :«الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر اهله وماله» زاد ابن خزيمة في صحيحه : قال مالك: «تفسيره ذهاب الوقت» . وروى البخاري عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال :«كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكثر ان يقول لأصحابه هل رأى احد منكم رؤيا فيقص ما شاء الله ان يقص وانه قال لنا ذات غداة: انه اتاني الليلة آتيان وانهما انبعثا بي. وانهما قالا لي: انطلق واني انطلقت معهما وانا اتينا على رجل مضطجع واذا اخر قائم عليه بصخرة واذا هو يوهي بالصخرة على رأسه فيثلغ رأسه فيتدهده الحجر اي فيتدحرج فيأخذه فلا يرجع اليه حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود اليه فيفعل به مثل ما فعل في المرة الاولى قال: قلت لهما سبحان الله ما هذا؟ فأخبراه انه الرجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلاة المكتوبة». وفي حديث البزار قال: «ثم اتى النبي صلى الله عليه وسلم على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم من ذلك شيء قال يا جبريل: من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين ثقلت رؤوسهم عن الصلاة». كثرة الصوارف والمغريات بعد ذلك يدلف الشيخ سعد بن صالح الصرامي امام مسجد حذيفة بن اليمان لينبه الى ابرز الاسباب في تخلف كثير من الناس عن الصلاة وهجر المساجد خصوصا الشباب والتي منها:اولاً: استثقال الطاعة واستثقال ادائها في المساجد في الجماعة فكأن الطاعة كالحمل الثقيل، لذا نرى ضعيف الايمان ينقر صلاته ويخففها ولا يطمئن فيها لانه حرم التلذذ بها :)وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين( بينما تراه لا يستثقل الجلوس امام القنوات الفضائية الساعات الطوال. ثانياً: ايثار شهوات الدنيا الفانية على الاخرة والاستسلام لها واستعبادها لكثير من الناس، فكم تخلف مسلم من الصلاة مع الجماعة بسبب ايثارة لذة الفراش على لذة المناجاة، وكم تخلف مسلم عن الصلاة مع الجماعة بسبب ايثارة شهوة البطن، اننا نرى بعض الموظفين يرجعون من اعمالهم مجهدين من اثار العمل ثم لا يجاهد نفسه للصلاة مع الجماعة. ثالثاً: التشبث بأقوال لبعض اهل العلم لا تستند الى ادلة صريحة، والصواب في هذه المسألة )والله اعلم( انه يجب شهود الصلاة مع الجماعة. يقول سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله معلقا على قوله تعالى:)وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين( هذه الاية نص في وجوب الصلاة مع الجماعة والمشاركة مع المصلين في صلاتهم، ولو كان المقصود اقامتها فقط لم تظهر مناسبة واضحة في ختم الاية بقوله :)واركعوا مع الراكعين(، ويقول سماحته ايضا رحمه الله «لقد اوجب الله سبحانه اداء الصلاة مع الجماعة في حال الحرب فكيف بحال السلم، ولو كان احدا يسامح في ترك الصلاة جماعة لكان المصافون للعدو المهددون بهجومه عليهم اولى بأن يسمح لهم في ترك الجماعة». رابعاً: كثرة الصوارف والمغريات، فقد كثرت في زماننا هذا الصوارف من رياضة وفن ووسائل ترفيه جعلت الكثير من شبابنا لا يعرف المسجد الا يوم الجمعة او في رمضان، فافتتن بعض الشباب وتعلقوا بها واخذت جل همهم ووقتهم وقد ساعد على اذكاء روح التعلق بها الصحف والمجلات بما تخصصه من صفحات انستهم بذلك هموم امتهم ومصداق ذلك انك تدخل مسجد الحي فلا تجد الشباب الا قلة يعدون على الاصابع. خامساً: عدم ادراك فضيلة شهود الصلاة مع الجماعة فلو ادرك اولئك القوم المتخلفون عن الصلاة عن الجماعة فضلها لما فرطوا فيها، وقد يدرك بعضهم فضلها ولكن تغلبه نفسه وهذا دليل على ضعف ايمانه وارادته، والا اين هؤلاء القوم من قوله صلى الله عليه وسلم : )من غدا الى المسجد او راح اعد الله له في الجنة نزلا كلما غدا او راح( وقوله صلى الله عليه وسلم : )بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة( وقوله صلى الله عليه وسلم:)من صلى البردين دخل الجنة( يعني بذلك الفجر والعصر. سادساً: السهر، حيث يسهر الكثير من الناس الى ساعة متأخرة من الليل فيترتب على ذلك تفويتهم لصلاة الفجر وقيام الليل، ولعلك ترى الفرق بين عدد المصلين في صلاة الفجر ليلة الخميس والجمعة وبين غيرها من الليالي، لذلك تراهم لا يأتون لصلاة الجمعة الا عند دخول الخطيب وترثي لحال هؤلاء القوم اذا رأيت احدهم بعد ان صحا من نومه وهو خبيث النفس كسلان فتستعيذ بالله من شر هذه الوجوه التي اضناها السهر والركض وراء الدرهم والدينار، وهذا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم :)يعقد الشيطان على قافية رأس احدكم اذا هم نام ثلاث عقد عليك نوم طويل فارقد، فان قام فذكر الله انحلت عقدة وان توضأ انحلت عقدة وان صلى انحلت كلها والا اصبح خبيث النفس كسلان(. مروا ابناءكم بالصلاة وهم ابناء سبع الشيخ سلطان بن حمد العويد عضو مركز الدعوة بالدمام اكد ان من الظواهر التي لا يمكن ان يغفل عنها ولا ان نتغافل عنها، ظاهرة اهمال الكثير من الشباب للصلاة التي هي عماد الدين، بل هي الفيصل بين الكفر والاسلام ، فكثير من الناس اليوم لو سألته عن حكم الصلاة لأجابك ببداهة وفطرية وقال لك : ان ترك الصلاة كفر، من كثرة ما سمع هذه العبارة، لكن ما مدى تأثير هذا الحكم علينا، ماذا نفهم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم :)بين الرجل وبين الكفر او الشرك ترك الصلاة(، ما مدى تجاوبنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سيما فيما يتعلق بالاولاد ومن يعيشون معنا في البيوت وزنا! فالصلاة ليست من حسابهم وليست في برامجهم اليومية، أهؤلاء مصدر السعادة لوالديهم؟! ايظن مسلم ان اولاداً مثل هؤلاء سيكونون سبب سعادة في يوم من الايام! ام ان الامر غير ذلك؟ من المسؤول عن شباب الامة؟! ويضيف العويد قوله: يشترك في هذه المسؤولية عدة اطراف، لكن من هم اهم هذه الاطراف؟ انهما الوالدان، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :)كلكم راع ومسؤول عن رعيته والرجل راع في اهله ومسؤول عن رعيته(، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول :)مروا ابناءكم بالصلاة وهم ابناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم ابناء عشر سنين(، فأمر الضرب في الاسلام ليس امرا عاديا، ولو بحث المسلم في الاحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم التي يؤمر فيها بمد يده ليضرب ولو كان الضرب لصبي صغير، لن يجد الاحاديث بالضرب الا ما ندر ومنها حديث الصلاة، ولولا اهميتها ما امر المصطفى عليه الصلاة والسلام المشفق الرحيم بضرب الطفل الذي لم يبلغ سن الحلم، والضرب قال عنه المفسرون هو الضرب غير المبرح الذي لا يكسر عظما ولا يجرح انما هو ضرب تأديب، انما هو رحمة بهذا الطفل، لان الطفل اذا بلغ سن التكليف وهو لا يصلي فان هذا الجسد سوف يكون لجهنم، فأي رحمة يزرعها بعض الرجال وبعض النساء اذا قالوا اننا لا يمكننا ان نمد ايدينا على اولادنا بسبب الصلاة، وهل انتم ارحم من الرسول صلى الله عليه وسلم !! مَن مِن المخلوقين ارحم من محمد عليه الصلاة والسلام ؟! )لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم(. ويستطرد العويد بقوله: خلال السنة السابعة الى العاشرة هناك ثلاث سنوات ماذا لو داوم الوالدان المسلمان على امر الابناء بالصلاة خلال هذه الثلاث سنوات وتعاهدوهم دون ضرب ودون عنف، لان هذه الثلاث سنوات ليس لك حتى ان تضرب، مشيرا العويد الى قضية مهمة ان ايام الاختبارات الاب والام صباح مساء يحثون الابناء بأن يذاكروا على الطعام وقبل الطعام وبعده، ولو خرج الابن لحظة من البيت قالوا اين تذهب والمذاكرة؟! اذاً هناك قدرة على المتابعة، وهناك قدرة على الاهتمام لكنها للدنيا! مع الاسف كثير من اهل الصلاح لا يحسنون هذه الاشياء لماذا؟ ان الامر خطير ان اهمال هذا النشء امر نذوق الان مرارته ولا ندري في المستقبل كيف ستكون الاحوال! ويضيف العويد قائلاً: ثلاث سنوات حث وترغيب ومتابعة يا ترى كيف سيكون حال هذا الصبي الذي فطرته اسلامية نقية، فطرة تصعد الى ربها كيف سيكون حاله مدة ثلاث سنوات وهو يقال له الصلاة يا بني ترغيب وحث وتشجيع، لو طبقت هذه الاحكام على ابنائنا، كم سيكون عدد المتخلفين المتمردين بعد هذه السنوات الثلاث؟ اظن ان الذين لا يصلون سيكونون نشازاً في المجتمع يعدون على الاصابع، فلا بد اذاً من الصراحة مع انفسنا وعدم التهرب من المسؤولية والاعتراف بالاخطاء، كم عدد الاباء والامهات الذين يطبقون هذا الحديث؟! اننا مهما بدأنا مشاريع تنموية لتنمية الاسلام في القلوب، ولزرع الخير في النفوس مهما اعددنا من برامج لنساعد الامة مما فيها، ان لم تكن الصلاة هي اول خطوة لن تفلح هذه الامة، ان ترك الصلاة بهذا الشكل وبهذه الطريقة لم يكن معروفا في عهد الاوائل ولم يتصوروا ابدا حتى في اقوالهم الفقهية ان تكون في بعض المجتمعات ردة جماعية في هذه الصلاة، ولو بحثنا في الكتب الفقهية لا نجد الا قليلا من المسائل التي تبنى على وجود مسلم في مجتمع اسلامي لا يصلي، وكم عدد هؤلاء اليوم؟ كم عدد المصلين؟ كم عدد الذين يصلون الفجر في وقتها؟! لا يريد ان يقوم من النوم لان الصلاة ليست في المرتبة الاولى من الاهمية بالنسبة له! اي خير يرجى من امة لا تقيم لهذه الشعيرة وزناً! الاعمال التي جاء بها الشرع لو تركها الانسان فهو تحت مشيئة الله ان شاء الله غفر له وان شاء عذبه الا الصلاة من تركها فهو كافر! وهذه النصوص الشرعية بين ايدينا، فاذاً نخلص الى ان شرع الله حكيم ولو تأملت في هذا الحديث )مروا ابناءكم بالصلاة لسبع(.. لوجدت انه علاج ناجح لمشكلة تهاون الشباب فيها. قل نار جهنم اشد حراً ويواصل الشيخ العويد هذه النصائح الغالية بقوله: ان من العجب ان نرى بعض الاباء والامهات يجتهدون اعظم المجاهدة لايقاظ الاولاد للمدارس اما الصلاة فهم ما زالوا صغارا عند والديهم، ففي الشتاء يخافون عليهم من البرد وفي الصيف يقولون ان الليل قصير ولم يناموا وهم يعلمون انهم يسهرون على المحرمات، فيا ترى اين عقل المسلم؟ كيف يخافون على ابنائهم البرد والحر ولا يخافون عليهم نار جهنم والله تعالى يقول :)قل نار جهنم أشد حرا لو كانوا يفقهون(، مؤكدا العويد انه لا بد ان نعلم ان في الحرص على الابناء لاقامة الصلاة فوائد عظيمة جدا منها: اولاً: براءة الذمة امام الله. ثانياً: الخروج من هذه الدنيا سالمين غير مضيعين للامانة، يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله «من كان عنده صغير او مملوك او يتيم او ولد ولم يأمره بالصلاة فانه يعاقب الكبير ويعزر على ذلك تعزيرا بليغا لأنه عصى الله ورسوله». ثالثا: احتساب الاجر عند الله في تعويد الابناء على الصلاة اعظم دعوة واعظم مجاهدة لك ان تجاهد مع ابنائك وتصلح ذريتك، قال عليه الصلاة والسلام )من دل على هدى كان له من الاجر مثل اجور من تبعه( فكيف اذا كان هذا التابع هو ولدك؟! رابعاً: استشعار ان الابن في حفظ الله، كثير منا يخاف على ابنه ويتابعه خوفا عليه من حوادث السيارات ورفقة السوء ومن المخدرات وهذا كله امر حسن، ولكن اين انت من قول النبي صلى الله عليه وسلم ) من صلى الفجر فهو في ذمة الله(؟ فاذا حرصت عليه وقام وصلى الفجر فهو في ذمة الله، حتى لو قبض الله روحه فهو في ذمته، وهل انت ارحم من رب العالمين ؟! خامساً: انقاذ الابن من الكفر والنفاق، ، لأن الصغير سوف يبلغ واذا بلغ جرى عليه القلم وصار مكلفاً مثله مثلك، فهل تظن انه يوم البلوغ او في اسبوع البلوغ سيتغير الطفل ويقبل منك ان تقول له )صل(؟ كلا فالصلاة ليست فعلا واحدا يسقط بمرة واحدة، الصلاة خمس مرات في اليوم، فإذا ما اعتاد عليه الانسان وصارت جزءا من حياته يقبل عليها بمحبة وشغف لا يقبل عليها ليزيحها عنه كما يفعل كثير من المسلمين، حالهم )أرحنا منها( ليس )أرحنا بها( فكثير من المسلمين يريد ازاحتها، فليست هذه الصلاة التي تنفع التي قال عنها المولى جل وعلا:)ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر( فالصلاة التي تنهى عن الفحشاء هي التي تقام لا تؤدى فقط، الله تعالى قال )وأقم الصلاة( فلم يقل أدها، فالصلاة امرها اخطر مما نتصور واخطر مما نصنع في واقعنا العملي، لابد ان يستشعر المسلم وهو يمارس الامر والنهي والمتابعة انك تنقذ هذا الجسد الذي هو من احب الناس اليك تنقذه من الكفر عياذا بالله او من النفاق، ومن صفات المنافقين التثاقل عن الصلاة، وكم يعجز بعض الاباء مع ابنائه كل فرض من الفروض أراد ان يخرج مكث عشر دقائق او ربع ساعة ليقول لهم الصلاة وهو مأجور ان شاء الله، لكن ماذا لو كان هذا وهم صغار فلم يبلغوا العشرين ونحوها وهم صاروا من اهل المساجد؟! سادساً: نفع الاولاد لابائهم وامهاتهم بعد الممات فقد جاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال :)اذا مات ابن ادم انقطع عمله إلا من ثلاث..( وكلنا سوف نموت )إنك ميت وانهم ميتون( الى ان قال «أو ولد صالح يدعو له» فالذي لا يصلي هل هو صالح؟! ومتى سيذكر اباه وامه الذين ماتوا فضلا عن دعائه هل هو مستجاب او غير مستجاب؟! تذكر الموت وفي ختام هذا الموضوع يطرح الشيخ سعد بن ناصر الصرامي جملة من الحلول يوجزها فيما يلي: 1 مجاهدة النفس وحملها على الصلاة مع الجماعة والصبر على مشاق المجاهدة فلقد وعد المجاهدون بقوله تعالى :)والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين(، ووعد المجاهدين انفسهم على طاعة الله بقوله :)يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون( قال ابن رجب الحنبلي :«اعلم ان نفسك بمنزلة دابتك ان عرفت منك الجد جدت وان عرفت منك الكسل طمعت فيك، وطلبت منك حظوظها وشهواتها» قال احد السلف :«مازلت اسوق نفسي الى الله وهي تبكي حتى سقتها وهي تضحك». 2 استحضار ما اعد الله من الجزاء والنعيم لمن شهد الصلاة مع الجماعة فهناك نصوص وردت في السنة على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعد المحافظين بالجنة منها : قوله )من صلى البردين دخل الجنة( وقوله :)بشر المشائين في الظلم بالنور التام يوم القيامة( ، وقوله )من غدا الى المسجد او راح اعد الله له نزلا في الجنة كلما غدا او راح(. 3 تجنب المعاصي صغيرها وكبيرها، فالمعاصي سبب لحجب العبد عن الطاعة والتلذذ بها، قيل للحسن البصري ما بالنا لا نقدر على قيام الليل، قال :«قيدتكم ذنوبكم» ، وقال ايضا:«اذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فإنما انت محروم قد كبلتك الخطايا والاثام». 4 عمارة القلب بذكره وصيانته من المؤثرات الخارجية التي تضعف سيره الى الله او توقفه. 5 تذكر الموت والحساب واهوال القيامة والقدوم على رب العالمين، وان الدنيا مزرعة الآخرة، فذلك يحفز المسلم الى الاستزادة من الاعمال الصالحة والتشمير في الطاعة. 6 مجالسة الصالحين ممن يذكر الله ويعلق القلب بالآخرة ويعين على الصلاة ويذكر بها وتجنب مجالسة البطالين والكسالى الغافلين الذين يثبطون العزائم ويوردون العبد موارد العطب والهلاك. 7 رؤية نعم الله على عبده ورؤية التقصير في شكر تلك النعم فلعل ذلك يحمله على الحياء من الله.