تنهض المجتمعات والأمم بمدى تقدم التربية والعلم والتعليم، وكلما كان هناك رجال أكفاء في هذه الميادين وبالاعداد المرموقة، كان ذلك مؤشرا على تقدم المجتمع. ولقد نذر عدد من الرجال أنفسهم للعمل التربوي والتعليمي يوم كانت بلادنا تفتقر الى الكفاءات العلمية والامكانات الكافية مما ساهم في وضع اللبنات الأولى لنشأة التربية والتعليم. ومن هؤلاء الرجال المربي الجليل الشيخ عثمان ناصر الصالح الذي كانت له أياد بيضاء في مجال التربية والتعليم بالمنطقة الوسطى. وكانت شهرة الشيخ في مجاله قد انتشرت بما عرف به من صرامة في التربية وقوة في منهج التعليم، وان كان يجمع بين الصرامة واللين، والحزم والأسلوب. وقد شهد له في ذلك تلاميذه ممن أصبحوا الآن في مواقع المسؤولية فلا يذكرون الشيخ إلا ويذكرون فضله وطريقته. ولم تكن التربية والتعليم هما الشواغل الوحيدة للشيخ عثمان الذي عرف بقوة البيان والبراعة في الأدب، فيكتب حينا الشعر العربي كمبدع وحينا المقالة كناقد. ولم يكن لتنقصه العلوم الشرعية أيضا مما أهله ليرأس تحرير مجلة البحوث العلمية الصادرة عن هيئة الافتاء والبحوث العلمية في سنوات مضت من التسعينيات الهجرية. وللشيخ عثمان تجربة في الصحافة كما في الأدب والتعليم، فلقد كان من الرواد المؤسسين لمؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر عام 1383ه، التي أصدرت جريدة الجزيرة عام 1384ه وتولى الشيخ رئاسة تحريرها وإدارتها العامة بعض الفترات من عقد الثمانينيات الهجرية. ومع تقدم السن بالشيخ عثمان - أمد الله في عمره - الا أنه لم يتراجع عن دوره التوجيهي والتشجيعي، فيكتب عدة مقالات في الثقافة والمجتمع شارحا أو مناقشا ، أو مشجعا، أو ناقدا. وألمس ويلمس كثيرون غيري فيه - حفظه الله - روح التواضع والأريحية الجمة، كما أنه لا يتوانى عن المشاركة الاجتماعية في كافة المناسبات الوطنية والاجتماعية فمهما كانت ظروفه لكنه يدأب دائما على الحضور، وخاصة في المناسبات التعليمية والثقافية والتربوية والعلمية. مكرسا اهتمامه بالتربية والتعليم والتوجيه. ولا يمكن ان يرقى الشك أبدا الى كلمات الاطراء والثناء التي يبديها لمن يستحقها فهو مجبول على الكلمة الطيبة وطراوة اللسان وصدق القلب وسماحة النفس. فهو نسيج من الأخلاق والمثل الرفيعة. لذلك فهو يشجع الصغير قبل أن يشكر الكبير، ويربت على كتف الناشىء قبل أن يتحدث عن الرائد. وللشيخ الصالح باع في التوجيه والاصلاح فهو على ثغرة من ثغور الكلمة النافعة والجهاد بالقلم واللسان، فما يترك مناسبة إلا ويشارك فيها - ليس بالحضور فحسب - بل بالالقاء والتوجيه، داعيا الى مكارم الأخلاق، وحاثا على نبل المقاصد والنوايا، وموصيا بالتمسك بشعائر الدين القويم. وما تكون هذه الكلمات الهادفة المعبرة عن قيم المجتمع مؤثرة لو لم تكن من شيخ محنك وقور، ومرب خبير جليل، وأديب تربى على الثقافة الأصيلة. متع الله الشيخ عثمان الصالح بالصحة والعافية. وطول العمر على التقوى والصلاح.