الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين... أما بعد: فقد صدر حديثاً، كتاب، طالما اشتاق إليه القراء، ولمعرفة مضمونة كانوا أشوق، فهو كتاب يجمع مادة علمية قيمة ويبين فضل أئمة أعلام وهداة أبرار، ولا شك أن القارئ الكريم قد تطلع وانتظر مثل هذا الكتاب المتمثل في رصد بعض رسائل أئمة دعوة التوحيد، الأئمة من آل سعود في الدولة السعودية الأولى والثانية والحديثة أدامها الله وأعزها ووفقها لكل مايحب ويرضى. هذه الرسائل هي عبارة عن رسائل من أئمة دعوة التوحيد إلى المسلمين جميعاً، رسائل توجيهية صادقة لتبصير المسلمين في أمور دينهم ودنياهم، تبين للمسلمين العقيدة الصحيحة والشريعة السمحة، صدرت من قبل أئمة مشفقين على المسلمين حريصين على ماينفعهم ويصلح أحوالهم في الدنيا والآخرة، رسائل ملؤها المحبة والتواصي على البر والتقوى، فيها من الأصالة والريادة والمودة ما يجده القارئ الكريم ظاهراً واضحاً. وهذه الرسائل هي رسائل أئمة حملوا راية التوحيد منذ منتصف القرن الثاني عشر إلى يومنا هذا صادقين فيما حملوا ناصرين لما حملوا بكل ما أتوا من قوة في سبيل نصرة الإسلام الصافي النقي، وخدمة المسلمين في كل مكان كانوا أو وجدوا، وقد أبلى صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبدالعزيز بلاءً حسناً في إخراج مثل هذا الكتاب المبارك بإذن الله، وقد بذل سموه جهداً مشكوراً في إخراج هذا الكتاب بهذه الصورة البديعة، استشعاراً من سموه الكريم بالقيمة العلمية المتينة لهذه الرسائل، ورداً لبعض الواجب عليه اتجاه آبائه وأجداد أئمة دعوة التوحيد. وفي مقدمة الكتاب يقول سموه وفقه الله تعالى: "فإنني لا أدعي أن حركة بناني، أو بلاغتي، تستطيع أن تقدم رسائل أئمة من أئمة الهدى الذين أمدهم العليم الحليم بإيمان راسخ، جعل من رسائلهم وكلماتهم نبراساً وضياءً سلفياً يضيء الدروب فكيف بمن هو مثلي يحاول أن يقدم لمثل أولئك الأعلام الذين آمنوا بقول ربهم (والآخرة خير وأبقى) واستمسكوا بالعروة الوثقى، لم تهتز لهم عزائم في سبيل الله، ورفع راية التوحيد الخالدة بإذن الله، ولكنني - في نفس الوقت - أعزي نفسي بأنه ربما يشفع لي في هذا التقديم غير المتكافئ - لما هو بعده - ما جرت عليه العادة من كتابة مقدمة لكل كتاب..." إلى أن قال وفقه الله: "أن نستعيد جزءاً هاماً من التاريخ الإسلامي للقرون الثلاثة الأخير من أسرة كريمة استمدت قوتها وشرعيتها من رفع راية لا إله إلا الله محمد رسول الله وتحكيم كتابه وسنة رسوله عليه أفضل الصلاة والسلام في جميع نواياهم وأهداف حياتهم المجيدة... وحينما نتطرق في هذا الكتاب إلى رسائل الأئمة من آل سعود رحم الله سلفهم، وحفظ الله خلفهم، فليس بسبب القربى لهم من كاتب هذه الأسطر، ولكنه لما في هذه الرسائل من وصايا جامعة نافعة، مستلهمة من القرآن والسنة، وربما لم يتطرق الكتاب إلى جمع رسائلهم في كتاب واحد، ليتسنى للأحبة القراء الاطلاع على تاريخ أسرة ربما كثر هذه الأيام من لايعرف جذورها وشرعيتها، وتفردها بأسبقية وحدة أراضي معظم الجزيرة العربية تحت لواء هذه الدولة الإسلامية الكريمة، ما لم يتحقق لها من وحدة في العصور الغابرة منذ فجر الإسلام. ولئن أصبحت عاجزاً عن التعبير عن كل مابخاطر كل مؤمن بالله ومنصف، حول دعوة الإمامين المصلحين محمد بن عبدالوهاب الإصلاحية، والتي أعادت تعاليم الاسلام في إطارها الصحيح، ونهضت بهذه الأمة التي تراكم عليها غبار الجهل والفوضى، حتى جاءت دعوة الشيخ، ونصرة الإمام - بعد نصر الله-، لإعادة الحق ونبذ الباطل، ومن هنا استمرت ولله الحمد دولة التوحيد بجناحي (الدعوة إلى الله) و(الجهاد في سبيل الله) إلى هذه اللحظة، وسوف تستمر بحول الله وقوته ناصرة لدين الله جل وعلا، خادمة لبيته العتيق ومسجد نبيه صلى الله عليه وسلم، داعمة للخير، منبعاً للبذل، ومنارة للإسلام ولكل مسلمي المعمورة... إن مداد القلم وبلاغة التعبير ليست كافية لأي كائن كان أن يستذكر الشواهد، لإبراز الحقائق التي أغفلها التاريخ الإسلامي المعاصر لهذه الكوكبة من الأئمة، الذين صدقوا ماعاهدوا الله عليه، فصدقهم وعده، ومكنهم في الأرض..." انتهى كلامه وفقه الله. لقد أحسن سموه الكريم في هذه المقدمة المفيدة التي أعطت القارئ الكريم، نبذة عن مايحتويه هذا الكتاب المبارك من رسائل جديرة، يحرص القارئ الكريم على الاطلاع عليها والاستفادة منها في دينه ودنياه. يحتوي الكتاب على اثنتين وعشرين رسالة مقسمة على أربعة فصول وكل فصل فيه مباحث وهناك تمهيد عن حالة الجزيرة العربية قبل الدعوة الإصلاحية ثم بعد ذلك رسائل أئمة دعوة التوحيد، الإمام عبدالعزيز بن محمد بن سعود، والإمام سعود بن عبدالعزيز بن محمد، والإمام عبدالله بن سعود بن عبدالعزيز، والإمام تركي ابن عبدالله، والإمام فيصل بن تركي، والإمام عبدالرحمن بن فيصل، والملك الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن، والملك سعود بن عبدالعزيز، والملك فيصل بن عبدالعزيز، والملك خالد بن عبدالعزيز رحمهم الله تعالى، وخادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز حفظه الله تعالى. أحببت في هذه العجالة أن أبين للقارئ الكريم قيمة هذا الكتاب العلمي وهذه الرسائل الرصينة المفيدة، التي هي من جواهر الدرر وأنفس من أنفس الذهب، لما في ثناياها من توجيهات سديدة، ونصائح صادقة، وحكم بالغة، وروائع القيم. مافي الكتاب أكثر مما ذكرت فأنا لم أعط فكرة كاملة عن هذا الكتاب، تاركاً ذلك للقارئ الكريم لكي يعيش مع هذا الكتاب وكنوزه وفرائده، مكتشفاً بنفسه قيمة الكتاب، وأجزم أن القارئ الكريم سيجد في هذه الرسائل القيمة مايثلج صدره وينير فؤاده. وفي الختام أسأل الله عز وجل أن يرفع درجة أئمة دعوة التوحيد في عليين وأن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء كما أسأله سبحانه أن يجزي سمو الأمير الدكتور فيصل بن مشعل خير الجزاء على ما قام به من جهد مبارك في نشر هذه الرسائل النافعة. هذا والله تعالى أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.