دخلت الدول العربية مؤخرا عصر الاقمار الصناعية والبث المباشر وهو عصر يحمل الكثير من المتغيرات التي نشأت اساسا للتقدم المستمر المبهر في تكنولوجيا الاتصال. والبث المباشر هو: قيام الاقمار الصناعية بالتقاط البث التلفزيوني في بلد من البلدان وبثه مباشرة الى اماكن اخرى تبتعد عن مكان البث الاصلي مسافات بعيدة تحول دون التقاط البث دون وسيط. ومع ان البث المباشر يتيح فرصا للاعلام الدولي بنشر التعليم وتثقيف الجماهير فانه من ناحية اخرى ينطوي على اخطار عديدة منها: أ- خطر الدعاية وتسليط ثقافة على اخرى. ب - التهديد الاقتصادي من خلال التدخل في النظم الداخلية للدول الاخرى. وينبغي التنبّه بشدة الى خطورة هذا البث المباشر على اجهزة التلفزيون في البيوت والمطالبة بالتصدي له للحد من نتائجه المروِّعة لما يسببه من انحراف للافكار وما ينشره من مذاهب هدامة وبرامج قد تتنافى مع عاداتنا وتقاليدنا ومبادئنا فضلا عن الاعلان التجاري عن سلع كالمسكرات والمشروبات والملابس التي لا تقرها شريعتنا ويحرمها ديننا الحنيف. ومن هنا يرى العلماء ان حوالي 75% من البرامج التي تعرض في الدول العربية والاسلامية هي ذات انتاج اجنبي وان حكومات الدول العربية والاسلامية لا تسيطر الا على 25% من المعلومات والبرامج الموضوعة والمعروضة لمواطنيها. ويعد الوطن العربي المستهدف الاول من البث المباشر وليس أدل على ذلك من ان المنطقة العربية الآن من اكثر مناطق العالم التي يبث لها الاذاعات الموجهة من كل اتجاه وعلى مستويات متعددة مستخدمة اشكالا وأساليب مختلفة باثة في كثير منها سمومها الفكرية والثقافية في نفوس ابناء هذه المنطقة. ولهذا كله كان لا بد من وقفة مع البث المباشر والرؤية العلمية والموضوعية التي يجب ان تكون لدينا نحوه لنصل معا للاسلوب الامثل الذي ينبغي على المسلم اتخاذه لمواجهته والتعامل معه لتلافي شره والاستفادة من خيره لأن البث المباشر يؤكد خطورته على النشء يوما بعد يوم. ولاشك ان للبث المباشر مزايا ايجابية وان كانت اقل بكثير من سلبياته التي لا تعد ولا تحصى فمن مزاياه: أ- النقل المباشر للأحداث والاخبار مباشرة في اللحظة نفسها والاسهام في تطوير التبادل العلمي والثقافي واتاحة فرص للتعرف على الثقافة العالمية. ب - التوسع في امكانيات المواصلات السلكية واللا سلكية. اذاً فالبث المباشر حقيقة يجب الا نرفضها ونعرض عنها لاننا وان ربحنا في بعض الجوانب في هذه الحالة فاننا سنخسر في جوانب اخرى ولذا يجب ان نواجه اخطار البث المباشر والاستفادة من ايجابياته. ومن الآثار السلبية للبث المباشر واخطاره على الامة العربية والاسلامية. 1- إضعاف عقيدة الولاء والبراء والحب والبغض في الله وذلك باستمرار مشاهدة الحياة الغربية وابراز اعمال الشرق والغرب داخل بيوتنا. 2- تقليد النصارى في عقيدتهم وذلك باكتساب الكثير من عاداتهم المحرمة كالانحناء ولبس القلائد. 3- شيوع الرذيلة وسهولة ارتكابها. 4- تفجير الغرائز والبحث عن سبل غير شرعية لتصريفها كمشاهدة الافلام الجنسية. 5- تعويد الناس على وسائل محرمة كالخلوة والاختلاط. 6- انصراف المرأة للازياء العالمية. 7- دخول الكثير من العادات الغربية الى بيوت المسلمين. ولهذا كله كان لا بد من مواجهة اخطار البث المباشر لما له من اضرار جسيمة وفتا كة على وطننا العربي الحبيب وذلك عن طريق بعض الطرق الآتية: أ - وضع استراتيجية اعلامية وتربوية شاملة ومنسجمة والتخطيط لتطبيقها من اجل الحد من مساوىء الاهمال والارتجال ومواجهة الغزو الثقافي والاعلامي الذي يحمل في طياتها عوامل مسخ حضارتنا وذاتيتنا. ب - تقوية الارضية الصلبة في نفوس اطفالنا وشبابنا وذلك بملء فراغ تكوينهم بأكثر ما يمكن من مبادىء ومعلومات عن هويتنا الخالصة وغرس الايمان في نفوسهم بهذه القيم والاخلاق الاسلامية الفاضلة وظهور الآباء والمربين والمسؤولين بمظهر القدوة والمثل الصالح. ج - العمل على توجيه الاعلام المستورد باختيار ماهو صالح منه ومقاومة ما يكتنفه ضرر تربوي او اخلاقي. وفي النهاية نأمل من الدول الاسلامية التنسيق فيما بينها والنهوض بمسؤولياتها الجسام في الدعوة الى الله وتسخير تكنولوجيا الاقمار الصناعية في الدعوة الى الله. فيصل محمد مشعل المطيري جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية قسم علم نفس