تتزايد التحديات الحضارية التي تواجه الشعوب العربية يوماً بعد يوم تبعاً للتطور التكنولوجي الحاصل في الدول الصناعية والتقهقر الذي يقابله في الدول العربية. وتأتي في مقدم هذه التحديات قضية امتلاك تكنولوجيا الفضاء بعدما أصبح الانسان العربي محاصراً بالاقمار الاصطناعية الاجنبية وامتلاء فضائه بهذه الآليات المتطورة التي ترصد كل تحركاته وتتحكم في نومه ويقظته... وطريقة تفكيره... وأدركت معظم الدول العربية الأهمية والخطورة المتزايدة لتلك الاقمار في مجال الاتصالات الهاتفية والبث التلفزيوني والاذاعي اضافة الى استخدامات اخرى متعددة، فعملت على الدخول في عالمها. يقول المهندس سعد عبدالعزيز البدنة مدير عام المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية عرب سات ان انتشار ظاهرة استخدام اجهزة استقبال البث التلفزيوني الخارجي الستلايت وما يترتب عليها من مشاهدة برامج تلفزيونية لا تتفق مع التقاليد الاسلامية يعتبر أحد التحديات التي يجب التصدي لها. وأضاف ان "عرب سات" تقوم بدور فعال وايجابي في توفير الرد الحضاري المتميز على البرامج التلفزيونية الوافدة من الخارج وذلك بتمكين المؤسسات الاعلامية العربية بقطاعيها العام والخاص من بث برامجها الاذاعية والتلفزيونية الى المشاهد العربي اينما كان، اضافة الى ربط المغترب العربي بوطنه الأصلي لتبقى بعد ذلك عملية تطوير البرامج العربية حتى يقبل عليها المشاهد دون غيرها لتنوعها وتوافقها مع قيمه الاخلاقية وسلوكياته وفطرته التي نشأ عليها، وتقع مسؤولية ذلك على اجهزة الاعلام العربية. تقول نشرة اعلامية صدرت عن "عرب سات" في وقت سابق ان المؤسسة عند بداية تشغيلها عام 1976 منحت كل الدول الاعضاء فترة ستة أشهر للتبادل التلفزيوني مجاناً - كحافز تشجيعي - كما انها وافقت على تأجير قناة فضائية لاتحاد اذاعات الدول العربية لغرض التبادل التلفزيوني الاقليمي دون اعتبار لعدد البرامج المبثوثة وذلك بدلاً من محاسبتها عن كل دقيقة في كل محطة أرضية، ما ساعد على انشاء حقيبة تلفزيونية اخبارية موحدة اضافة الى تشجيع بث البرامج التلفزيونية التعليمية المفيدة بالتعاون مع مختلف المنظمات العربية المتخصصة. المدير العام يتحدث زارت "الوسط" المقر الرئيسي للمؤسسة العربية للاتصالات الفضائية "عرب سات" في الرياض والتقت مديرها العام المهندس سعد عبدالعزيز البدنة الذي تحدث عن مشروع اطلاق قمرين عربيين جديدين من أقمار الجيل الثاني في العام 1996 بعد ان اقترب العمر الافتراضي لاقمار الجيل الاول من نهايته، حيث تم اطلاق القمر العربي الثالث من أقمار الجيل الاول في اواخر شباط فبراير من العام 1992، فقال المهندس سعد البدنة: "تم التعاقد مع شركة أيروسباسيال الفرنسية في نيسان ابريل 1993 على تصنيع قمرين واطلاق أولهما وتسلمه في المدار المخصص له على ان يتم ذلك في شهر كانون الثاني يناير 1996، الا انه نظراً لفشل الرحلة رقم 63 لصاروخ أريان الذي اطلق في شهر شباط فبراير الماضي، فقد تم تأخير اطلاق القمر الاول من أقمار الجيل الثاني والمقرر له على صاروخ اريان الى منتصف عام 1996. لكن المؤسسة تقوم الآن باجراء اتصالات عدة لمحاولة تقديم اطلاق ذلك القمر الى موعد أقرب". وحول مزايا هذه الاقمار الجديدة ومواصفاتها الفنية قال المهندس سعد البدنة: "حرصنا عند التفكير في انجاز أقمار الجيل الثاني ان نوسع من عمرها التصميمي لتمتد الى فترة أطول من تلك التي كانت عليها أقمار المجموعة الاولى، لذلك فقد تضمن عقد التصنيع شرطاً هو ان يبلغ العمر التصميمي لاقمار هذه المجموعة 12 سنة بدلاً من سبع سنوات لأقمار المجموعة الاولى، وان يكون العمر التشغيلي الافتراضي الذي يعتمد على كمية الوقود التي ستتوافر في الاقمار ما بين 15 - 16 سنة، الامر الذي يحقق ارباحاً اكبر للمشروع ويخفف من تكاليف صناعة اقمار اخرى لاحقة". ميزات الجيل الثاني ويضيف المهندس البدنة: تغطي أقمار الجيل الثاني مساحة أكبر لتشمل كافة الدول العربية في الأطوال الموجية "كي يو" وبطاقة هابطة يمكن بموجبها استخدام أطباق هوائية صغيرة جداً قد تصل الى 80 سم فقط للاستقبال التلفزيوني في معظم المدن العربية، كما ان قوة وجودة المواصفات الفنية لهذه الاقمار تجعلها تمتد لتشمل معظم الدول الاوروبية واجزاء كبيرة من آسيا وافريقيا في موجة سي حيث يمكن استخدام اطباق تتراوح ما بين 1 - 2م للاستقبال في معظم مناطق التغطية". وحول احجام الاقمار الاصطناعية العربية المتوقع اطلاقها عام 1996 قال مدير عام "عرب سات" ان هذه الاقمار تتميز بأحجام كبيرة من حيث اتساع مداها وعدد القنوات التلفزيونية الفضائية التي ستتوافر عليها، حيث يحمل كل قمر 12 قناة في الموجة "كي يو" و8 قنوات في الموجة "سي" عالية الطاقة و14 قناة في الموجة "سي" متوسطة الطاقة. وعما اذا كانت "عرب سات" تقدم خدمة تجارية أم انها خاصة بحكومات الدول الاعضاء فقط، قال المهندس البدنة ان "عرب سات" انشئت بهدف توفير قطاع فضائي عربي يمكن من خلاله خدمة وسائل الاتصال واجهزة الاعلام في الدول العربية. ولا تقتصر هذه الخدمات على الاجهزة الحكومية الرسمية فقط بل تمتد لتشمل مؤسسات القطاع الخاص التي يمكنها بعد التعاقد مع "عرب سات" ان تستفيد من خدمات الاقمار العربية، فالمؤسسة تقدم خدمات تجارية للقطاع الخاص وللدول الصديقة المجاورة. وسبق ان استأجرت الهند 12 قناة قمرية لخدماتها المحلية للفترة من عام 1989 حتى عام 1990. وكذلك استأجر عدد من جهات البث التلفزيوني ساعات للبث ونقل البرامج التلفزيونية في العالم العربي. كيفية استفادة القطاع الخاص وتقوم شبكة التحكم الرئيسية التي تم انشاؤها في منطقة ديراب ضاحية العاصمة الرياض باستلام ومعالجة طلبات الارسال التلفزيوني والاذاعي اليومية وطلبات فتح القنوات الهاتفية بين الادارات العربية اضافة الى مراقبة كافة الخدمات المتوافرة للاقمار العربية على مدار الساعة لضمان جودتها واستمراريتها، تساندها في ذلك محطة اخرى في منطقة الدخيلة في تونس حيث يتوافر في كل محطة هوائيان ومعدات متطورة تمكِّن من المراقبة والتحكم عبر الاقمار العربية. وتعتمد "عرب سات" في كل مجالات تشغيلها وصيانتها على كوادر عربية مؤهلة. وحول كيفية استفادة مؤسسات القطاع الخاص من خدمات "عرب سات" وحجم اقبالها على هذه الخدمة قال المهندس البدنة: "ان الدول العربية تستخدم أقمار "عرب سات" في اقامة شبكات الربط الهاتفي ولتبادل البرامج التلفزيونية والاذاعية الاقليمية في ما بينها وبث النشرات الاخبارية وتغطية أخبار مؤتمرات القمة والنشاطات السياسية والثقافية والرياضية. كما تقوم دول عربية وشركات خاصة عربية وأجنبية باستخدام أقمار "عرب سات" لبث قنوات تلفزيونية فضائية واذاعية يمكن التقاطها في كل الدول العربية ومعظم الدول الافريقية والآسيوية والاوروبية، ومنها قناتان اجنبيتان هما قناة تلفزيون سي. ان. ان الاميركية وقناة تلفزيون فرنسية دولية اضافة الى قنوات عربية هي القناة السعودية الاولى والثانية والقنوات الفضائية المصرية والكويتية والأردنية والاماراتية في دبي، اضافة الى قناة تلفزيون أبو ظبي - قناة تلفزيون عمان - قناة تلفزيون المغرب - قناة اذاعة السودان - قناة تلفزيون موريتانيا - قناة مركز تلفزيون الشرق الأوسط - قناة اذاعة الشرق في باريس". واضاف مدير عام "عرب سات" قائلاً: "ويمكن لرجال الاعمال والشركات والبنوك اقامة شبكات اتصالات متقدمة لتبادل المعلومات والربط الهاتفي وعقد المؤتمرات المصورة عن بُعد بواسطة محطات أرضية صغيرة جداً تنشأ في موقع الاستخدام، وبذلك يوفر القمر العربي وسيلة فعالة وناجحة واقتصادية لتوفير خدمات الاتصالات، متخطياً كل العوائق الطبيعية والامكانات الفنية المحدودة التي توفرها شبكات الاتصالات الأرضية القائمة حالياً. "وتقوم المؤسسة حالياً بتأجير القنوات الفضائية من أقمار الجيل الثاني مقدماً، ما يدل على حجم الاقبال الكبير على خدمات "عرب سات" وذلك نتيجة للتنافس الشديد بين القطاعين العام والخاص الاعلامي في مجال القنوات الفضائية التلفزيونية وغيرها". المهندس عبدالعزيز البدنة - تخرج من كلية الهندسة الكهربائية عام 1972. - ماجستير في الاتصالات من جامعة كولورادو الاميركية عام 1979. - التحق بعد التخرج بالعمل في وزارة البرق والبريد والهاتف في السعودية حيث عمل مديراً للاتصالات البعيدة المدى. - مثل الوزارة في منظمات عالمية عدة مثل "إنتلسات" و"عرب سات". - يتولى الآن منصب مدير عام المنظمة للاتصالات الفضائية "عرب سات" منذ عام 1992.