فالمبيت بمزدلفة ليلة النحر، والمبيت ليالي منى بها من واجبات الحج، قال تعالى: «فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام» وهذا دليل على الوجوب، لان رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر هذا الامر بما فعله امتثالاً لامر الله، فمكث في مزدلفة حتى صلى بها الفجر واسفر جداً. لكن يرخص لمن له عذر من الضعفة ومن في حكمهم في الدفع من مزدلفة بعد نصف الليل، كما قالت عائشة رضي الله عنها :«كانت سودة امرأة ثبطة فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع بليل فأذن لها». متفق عليه. وقال ابن عباس: «أنا ممن قدم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة في ضعفة أهله» رواه الجماعة. ونحوه حديث ابن عمر عند احمد. وفي حديث اسماء المتفق عليه: «ان رسول الله اذن للظعن» وهذا يعم النساء معذورة او غير معذورة. ويحصل الامتثال والاتيان بواجب المبيت بمزدلفة بالمكث فيها اكثر الليل، وهو مازاد عن نصفه ولو قليلاً، هذا ما عليه اكثر اهل العلم. وكذلك المبيت بمنى لياليها واجب، ويرخص لاهل الاعذار بالمبيت بمكة او غيرها كأهل السقاية او الحاجات التي تنفع الحجاج ضرورة، او من في حكمهم من المعذورين، يدل عليه حديث ابن عباس، قال: «استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له»، متفق عليه. ومثله عندهما من حديث ابن عمر. وغير الواجب الرخصة فيه قائمة دون استئذان، فدل الاستئذان على وجوبه، وهذا ضميمة الى قوله تعالى: «واذكروا الله في أيامٍ معدودات» الآية. وخرج فعل النبي صلى الله عليه وسلم ببيتوتته ليالي منى فيها مخرج التفسير للامر فدل على الوجوب، وكذلك يدل للوجوب ترخيصه صلى الله عليه وسلم لرعاء الابل في البيتوتة عن منى، رواه احمد واصحاب السنن.