لا أنوي أن أتطرق الى تاريخ الفتح الاسلامي في العهود الزاهرة فذلك تاريخ قديم جاءت الكثير من الزلازل فأحدثت به شروخاً ومعاول هدم ما زلنا نعيش آثارها ونحاول ما وسعنا ترميم آثارها عن طريق اقامة جسور ثقافة مع تلك الشعوب الاسلامية التي تلقت مثلنا صفعات المد واخطبوط بعثاته التنصيرية التي تجولت في الأقطار الاسلامية الفقيرة لاسيما في أفريقيا وأقاصي آسيا. ومن الطبيعي أن تلك الوفود الغربية حاولت بشتى الطرق تشويه الفكر الاسلامي وأظهرت سيئات أحكامه حتى يتسنى لها أن تبدو بوجه مشرق أكثر تعاطفا وتقرباً من تلك الشعوب التي كان الجهل والفقر يعشش في جنباتها وليس مثل التلويح بالرغيف ما يؤثر في الجائع المعدم الذي تنخر الأمراض في أوصاله فضلا عن قر الشتاء ولفح سموم الصيف لاسيما حين يرى أطفاله يتضورون جوعاً ويرتجفون هلعاً. فكانت تلك البعثات المضللة تجد النجاح والترحيب خاصة حين تكون دعاواها مقرونة بتلك المساعدات «الانسانية» فإذا أضفنا الجهل والأمية السائدة كان ذلك إيذاناً بالانتشار التنصيري الذي طغى واستقر. فالمهام التي يواجهها الدعاة اليوم أصبحت أكثر صعوبة لمن ارتد أو عصفت بفكره رياح الوافد الجديد ومع ذلك فان دعاتنا في بعض الدول الاسلامية الشقيقة لم يستسلموا لتلك الصعوبات إنما استمروا بإيمانهم الراسخ بجدوى ما يدعون اليه الى اقتحام تلك الصعوبات حتى بلغوا مناطق يجهل أهلها حتى وجود إله للكون )والعياذ بالله( فتحية لهؤلاء الدعاة ولهم خير الجزاء من رب العباد على نشر الدين الحنيف في مختلف بقاع الأرض. وما الفكرة التي تبنتها جامعة الامام محمد بن سعود الاسلامية في هذا النطاق سوى خطوة هامة نحو تلك الشعوب عندما عمدت الى الاقتراب من ثقافتهم رغم ضحالة الكثير منها بالترجمة حتى نعرف واقعهم الفعلي الذي يواجهون من خلاله هجمات الأعداء من كل حدب وصوب وما ذلك إلا خطوة ايجابية نحو التلاحم مع تلك الشعوب الاسلامية التي تربطنا بها تلك الوشائج المتينة من التوجه الى رب البشرية جمعاء بأن يأخذ بأيدينا نحو ما يحبه ويرضاه ويدعم جهودنا لتقريب المسافة بيننا وبين تلك الشعوب التي تواجه أفدح الأخطار مما يهدد معتقداتها الدينية وجذورها التاريخية. ولا ننسى كيف أن أجدادنا الأشاوس بدافع البحث عن الشهادة والجهاد في سبيل الله قد قطعوا عشرات الآلاف من الأميال في تلك الظروف الصعبة لا سيما بُعد المسافات والمواصلات الوعرة حتى بلغوا تلك الممالك البعيدة والتحموا مع الكفار في معارك ضارية بغية نشر الدين الاسلامي الحنيف كما أمر الله سبحانه وتعالى وكان لهم ما سعوا من أجله حيث ثبتوا الدعوة على أسس سليمة وعايشوا تلك الشعوب رغم ظروفها الاقتصادية السيئة. انما الضعف تخلل تلك الأقطار كما تخلل مصدر الدعوة في قلب الجزيرة بفعل الترف والخلافات التي دبت بين القيادات ودخول العناصر التي تبحث عن الفرقة لأغراض لا تخفى على أحد من المجوس والكفار حتى أوشك الأخ أن يقاتل أخاه. إننا نحيي جامعة الإمام على هذا الاتجاه وندعو الى المزيد من أمثال هذا التلاحم والتوفيق بيد الله. للمراسلة ص.ب 6324 الرياض 11442