تحدثت في مقال سابق عن الإدارة المتسلطة وذكرت بعض الأنواع الموجودة في مدارسنا وأثر ذلك على العملية التربوية وبخاصة التلاميذ واتحدث اليوم عن نوع آخر من الإدارة المدرسية وهو الإدارة المتساهلة وهي نوع آخر من الإدارة السيئة لما لها من تاثير بالغ على المعلمين ففي هذا النوع من الإدارة تهبط مستويات الاداء إلى أقل معدل لها ويتساوى المجد والمهمل وتنعدم الرغبة في التميز ويسود جو من الإحباط العام وفي هذا الجو المليء بالفوضى والإهمال لايجد المبدعون مكانا وكل ذلك يؤثر بالطبع على عمل المعلمين وبالتالي على التلاميذ الذين هم محور العملية التعليمية, ولهذه الإدارة نماذج منها: المدير التاجر: هذا النوع من المدراء في كثير من الاحيان لايابه بالمدرسة ولايلقى لها بالاً ولا يدري من جاء من التلاميذ ومن ذهب فالأعمال يقوم بها غيره من المساعدين والحاشية. المدرسة عند هذا النموذج تجدها قُلبت إلى مكتب تجاري، استقبال مندوبي شركات وتوديعهم وعروض تقدم وعروض ترفض ولايهم من حضر من المعلمين او غاب ولا يهمه نشاط او مستوى للتلاميذ المهم المكسب والخسارة وهو يدير بعقلية (اكسب وفقط) فالعمل في المدرسة عنده لاعلاقة له بالتربية, وهنا قد يتساءل البعض كيف تسير المدرسة إذاً؟أقول حين تنظر إلى هذه المدرسة ترى الأمور تسير في الظاهر بشكل مرضي ولكن لو دققت في الأمر لوجدت الزمام بيد قائد آخر ولذلك استطاعت المدرسة المسير. المدير الضعيف: هذا المدير المهزوز يخاف من كل شيء ولايستطيع التصرف من تلقاء نفسه قراره ليس بيده, فلا يعاقب ولا يكافئ ولايحل ولايربط وكل الأمور تسير بالبركة وجهد المخلصين في المدرسة فهو يهاب المشكلات وعذره دوماً (لانريد مشاكل مع أحد) فغياب المعلمين مستديم والاستئذانات بالجملة والفصول بلامعلمين والوكلاء نائمون والمدرسة في خبر كان. المدير الضائع: المدير لايعرف من أين يبدأ ولا من أين ينتهي لا تحكمه خطة ولايسير على منهج. الجدول يوكله إلى آخرين، والسجلات لايدري ماذا كتب فيهاُ أول النهار عنده كآخره,, سؤاله ماذا فعلتم؟ هو موجود في المدرسة لكنه حاضر كغائب, ظاهره الإخلاص والتفاني وحقيقته البعد والتنائي. المبكرون والمتأخرون دائماً لافرق بينهم المحسنون والمسيئون لافرق بينهم كأنه في بحر لجي وقد غابت شمسه وتلبدت سماؤه فهل هذا النموذج متساهل لأنه طيب؟ أم لأنه (الرجل غير المناسب وضع في المكان غير المناسب) بمعنى أنه لايصلح لهذا المكان ولا المكان الذي وضع فيه يصلح له,المدير المشغول: الذي يترك ما استودعه الله ويترك مسؤوليته التي يحاسب عليها أمام الله وأمام الناس ويترك المهم ليذهب لما هو أقل أهمية بل وربما هناك من يكفي للقيام بهذا العمل الذي ترك من أجله عمله وواجبه ويضع العبء على الآخرين. وهو له الشكر والتقدير والمكافأة ولهذا كان متساهلاً. المدير المودع: الإدارة بطريقة المدير المودع تبدو جامدة ورتيبة ومملة لأنه لايريد تغيير شيء ولايريد أن تسوء علاقته بزملائه لأنه علىوشك الوداع فكلها أيام كما يرى ويغادر ولهذا يجب ان يحسن علاقته بالآخرين ويسير بالمدرسة بهدوء ممل ورتابة تقضي على التميز وهو لايرفض طلب أحد وعذره كلهاأيام ولهذا تجده في قمة التساهل. المدير المحبط: هذا النوع يختلف عن الباقين لأنه كان شعلة من النشاط واضح الرؤية محدد الأهداف فعّال ومحبوب أيضاً استطاع بجهوده وجهود زملائه أن تكون مدرستهم انموذجاً يحتذى به ويشيد بها كل من زارها ومع ذلك عندما جاء التكريم كُرّم غيره وعندما جاء التقدير بقدرة قادر تحول إلى سواه لماذا؟ أترك الإجابة لك أيها القارئ الكريم. ولهذا أصيب بالإحباط واستوى عنده الجد والكسل والنشاط والخمول ولذلك تساهل مع الجميع التساهل الذي أدى إلى الفوضى والتسيب. وهذه النماذج من الإدارة المتساهلة لها تأثير سيء على المعلمين وبالتالي على التلاميذ، ولأنه في خضم هذا النوع من الإدارة تنفلت زمام الأمور ولاتحقق الأهداف التي تسعى الإدارة التربوية إلى تحقيقها. ولهذا كان تغيير مدراء المدارس كل فترة قراراً صائباً من معالي وزير المعارف, ولأن التغيير يتماشى مع سنة الله في الكون، ثم بأي حق يبتاع مدير المدرسة كرسي الإدارة إلى الأبد؟ إن التغيير في مصلحة المدير والمدرسة والعملية التعليمية بشكل عام. ومضة: قال تعالى: (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب,,).