في مائتين وإحدى وثمانين صفحة من الحجم المتوسط صدر عن الجامعة اللبنانية كتاب من تأليف الأديب والكاتب السعودي الدكتور عبد العزيز بن عبد الله السنبل نائب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وقد اختار المؤلف عنوانا لكتابه يعبر بكل دقة عما احتواه. فلقد حاول الكاتب ان يدون ايحاءات خلوة الاغتراب في اطار مقاربات اختزلت كل هموم الكاتب النقدية والفكرية وهو بذلك لا يعد وان يكون قد سحب هموم الوطن والأمة والثقافة على مرآة ذاكرة مثقلة بهذه الهموم وذلك لما تواجهه من تحديات الرهانات الحضارية رغم تاريخ مفعم بالعطاء. فكأن الثنائية العنيدة بين الواقع المعيش والتاريخ الغابر باتت مجردا يقسم ذات الكاتب شطرين فيحاول ان يلملم قسميها في اطار مقاربات أنضجها وقع الاغتراب الذي يزيد بلا ريب من الحالة الدرامية لفعل ثنائية التاريخ والواقع. ولقد حاول الاستاذ الدكتور أسعد دياب رئيس الجامعة اللبنانية ان يقدم للقارئ ما اشتمل عليه كتاب مقاربات من وحي الغربة قائلا انه يريد تأصيل المثل والقيم السامية التي ترفع الإنسان.. ويحث على القفز الى ما هو جدير بهذه الأمة الزاخرة بمجد العطاءات. انه كشف للخواطر من حيث هي خواطر جيل يبحث في وقت واحد عن الجمع بين حدود الأصالة والمعاصرة في عصر القفز بين الحدود هكذا إذن أراد الأستاذ الدكتور أسعد دياب ان يحمل مسعى الكاتب في مقارباته وخواطره ولكن مجمل القول في كتاب مقاربات من وحي الغربة هو انه جاء بمثابة لوحة فسيفسائية تأخذ من كل مشاغل الأمة والثقافة العربيتين بطرف وبأسلوب ينبئ عن اتساع ثقافة المؤلف وتوقد ذهنه معبراً بكل صدق عما يسعى ان يكون عليه حال المثقف الذي يفترض فيه «ان يعرف كل شيء عن بعض الأشياء وان يعرف بعض الأشياء عن كل شيء» لقد حاول الكاتب في مقارباته إذن ان يجمع الإشكاليات والقضايا المتعلقة بميادين الإبداع واللغة والتربية والاقتصاد والعلوم التقنية والطبيعية والاجتماعية بعبارة واحدة أراد الكاتب ان يكون متمثلا لرأي ابن قتيبة في الأديب الذي يشترط فيه الإلمام بكل العلوم. ومن أجل ان يكتمل محتوى الكتاب بمبتغاه فان الكاتب قد تبرع بريعه لصالح جمعية المقاصد الاسلامية لدعم برامجها التربوية وهو بذلك يؤكد صفته كمثقف يخرج عن طور التنظير الى طور الفعل والتمثل. وللاشارة فان هذا الكتاب ليس هو الأوحد لمؤلفه الدكتور عبد العزيز السنبل بل إن عطاءاته الأدبية والفكرية والتربية زاخرة تأليفا ووظائف. فقد صدر له كتاب بعنوان نظام التعليم في المملكة العربية السعودية. ورواية بعنوان مليحة وأزاهر الوجد بين تونس ونجد «ديوان شعر» . كما ان له دراسات وأبحاثاً متعددة في حقل التربية وسيصدر له قريبا كتاب حول التربية في الوطن العربي على مشارف القرن الحادي والعشرين. أما المناصب العلمية والإدارية التي شغلها فهي: نائب المدير العام للمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم «حالياً»، رئيس الجهاز العربي لمحو الأمية وتعليم الكبار، استاذ التربية بجامعة الملك سعود، مستشار لدى الرئيس العام لتعليم البنات بالمملكة العربية السعودية، مستشار لدى برنامج الخليج العربي لدعم منظمات الأممالمتحدة الإنمائية، سفير المجلس العالمي للتعليم عن بعد لدى الدول العربية، عضو مجلس أمناء جامعة السودان المفتوحة، عضو الجمعية الامريكية للتعليم المستمر، الأمين العام المساعد للشبكة العربية للتعليم عن بعد ورئيس تحرير مجلة تعليم الجماهير. فهنيئا لنا بهذا الاصدار الذي يمثل اضافة نوعية للمكتبة العربية. وبالله التوفيق