جميل ان نرى الامسيات الشعرية بدأت تتزايد وبدأ الاهتمام بالشعر يأخذ مكانه الطبيعي وما قامت به جمعية الثقافة والفنون بمحافظة جدة مساء يوم الاربعاء الماضي جميل أيضا عندما استضافت الشاعر سليمان المانع والشاعر الحميدي الثقفي على مسرح مدينة الملك فهد الساحلية ولكن لابد لنا من وقفات مع هذه الامسية التي شهدت حضورا جماهيريا دون المتوسط. الوقفة الأولى إن ادارة الامسية لم تكن في المستوى الكبير لشاعرين كبيرين مدير الامسية لم يكن قد اعد مسبقا نبذة عن الشاعرين وكان الجمهور يتطلع الى الشيء الكثير من الاستاذ هاشم الجحدلي الذي يعتبر شاعرا لديه الخبرة الشعرية التي تؤهله لادارة امسيات اكثر حضورا جماهيرا ولكن ما حدث ربما يكون خارج عن ادارة مدير الامسية الذي انهى الامسية دون النظر لطلبات الجماهير التي ربما رأت ان لها الحق في طلب بعض القصائد من الشاعرين وهذا المتعارف عليه في الامسيات الشعرية فالجمهور يريد ان يفعل الامسية بمثل هذه الطلبات. الوقفة الثانية الشاعر الحميدي الثقفي الذي بدأ الامسية كان الاحرى به ان لا يكرر بداياته في الامسيات السابقة حيث انه لم يأت بجديد غير انه بدأ الامسية بقصيدة (موجة حمام) التي ربما سمعها الجمهور وقرأها كثيرا ثم قصيدة (جمرة الماء) التي وقف الجمهور مع هذه القصيدة وقفات غير راضية عن هذه القصيدة وربما الحميدي كان يريد ان يضع الحضور امام خيار واحد لا ثاني له وهو الاستماع الى صرخت النار ثم صرخت النور وغبار الشمس الذي اهداه للجمهور من عيونه واصفا الموت امام دم الضحية؟؟ لكي تخرج من سواحل صوته ليضع اكمالات الحياة امام حبيبه الذي ليس حبيبه لوحده ناثرا اوراق دفتر اعشاب الخلوة عندما سلمها لذلك الصائغ لتذهب مع الريح العقيمة متأثرة بالاظافر التي تبحث في كتاب الامل عن مفتاح السعادة ثم يعود ليهجو النفس في جديده الوحيد مستمداً ذلك من بيوت الحارة التي اصبحت علب ساردين في قصائد الحميدي لذا يجب على الحميدي الثقفي ألا يكرر ما قاله في امسياته التي سبقت بل يجب عليه ان يربط بين الجديد والقديم حتى لا يكون الجمهور قد تسرب اليه الملل. الوقفة الثالثة الشاعر سليمان المانع كما تعود عليه جمهوره حيث قام يربط الجديد بالقديم ومواكبة الاحداث ها هو المانع الذي استوطن الليل في دمه واخذ ينتظر من الرهبة لحظة شروق في حياته التي سهر من اجلها ونام صاحبه ليضع عشق مدينة جدة وحقوقها في عيونه التي فاضت بالدمع وعيونها التي فاضت بالشوق هكذا بدأ المانع دورته بقصيدة (البارحة) ليبدأ بعدها مع العملاق الصغير (محمد الدرة) ليواكب الاحداث عندما ينفي الذل الذي تصوره المجانين واخذ يفجر الالغام التي اعادت الى ذهن الحضور معركة احد وحطين عندما ترك محمد الدرة مليار مسلم مقدام يسأل عن شارون لكي تزغرد فلسطين على انكسار وذل شارون وانتصار المسلمين. ثم يضع غريب الدار بياناته الشخصية امام الجمهور عندما قال: يا رب حطو كل عيب العرب فيه وانت الذي وحدك تعرف الحقيقه كل الخفايا والنوايا وماضيه وشيطنة ضحكاته وشيطان ضيقه ليعود الطفل الغريب كبيرا وهو يبحث عن نفسه من خلال (بنت الحلال) حازما قلبه رابطه بالحبال مخاطبا دلو بوحه حين جذبه ليأتيه (شلقى) راسما للحضور صورة جميلة كيف ان المجتمع ضخم ذلك الانسان ليكتشف ان معدنه ماس ليعود مرة اخرى الى رحلة البحث المضنية عن دروب الرجاء حيث ذهب يبحث عنها في الجنوب وهي في الشمال (شام). أجنبت لدروب الرجا واثرهن شام قصرت حباله بالهوى يانصيبي بقيت اصارع بالعزيمة والاحلام عسى تطيب ودنيتي ماتطيبي الوقفة الرابعة بعض نقاد الامسية لم يضعوا الامور في نصابها بل حكمتهم المصالح والمجاملات الشخصية وذلك من خلال ما قاله خالد المحيميد عن الشاعر الحميدي الثقفي حتى ان الشاعر الحميدي لم يكن راضياً عن ذلك بل وضع يده على رأسه مستغربا ذلك وفي نفس الوقت متعجباً، خالد المحيميد بالغ كثيراً في الثناء والمديح للشاعر الحميدي حتى انه شبه الالفاظ والتراكيب الشعرية في شعر الحميدي كأنها تراكيب المتنبي وذلك ربما يعود الى العلاقة القوية والصداقة الحميمة التي تربط المحيميد والحميدي بينما تجاهل خالد المحيميد الشاعر سليمان المانع. الشاعر عبدالله الصيخان: قال انه سعيد جدا بنمو تجربة الحميدي الثقفي واقترابها كثيرا من ثقافة الفصحى مبديا اعجابه بخروج تجربة سليمان المانع من المسار الذي سجنه فيها فترة طويلة وكيف انه وجد له وطناً واصبح يغرد ويحب ويعشق. الدكتور عبدالله المعطاني: سجل ملاحظته على من يذهب الى الشاعر ويترك القصيدة (النص) الذي يربط الشاعر بالجمهور وبين ان هناك مفاتيح اهمها مفاتيح التراكيب والدلالات. المعطاني: وضع سليمان المانع في المرحلة الوسطى بين القصائد القديمة القوية التي تعاملت تعاملاً مجردا مع اللغة ومع الصور مؤكدا ان المانع قريب جدا من ثقافة الجمهور وهو يتقدم قليلا الى تراكيب حديثه وقال الحميدي الثقفي ادهشني وانا معجب بشعر شعراء مثل سليمان المانع ولكنني اميل الى نصوص الحميدي وقال ان الصور والمعاني المتأبية التي تجعل الناقد ناضح الجبين من اجل الوصول الى ضالته وبين ان الصور الجديدة واللغة المتحركة وتحولات النص الموجودة لدى الحميدي الثقفي انا معجب بهذه اللغة الحديثة لان نصوص الحميدي يوجد بها انتريحات ونصوص سليمان المانع بها ابداع وروعة. الوقفة الأخيرة ان المجالات في ساحات النقد الشعري سواء الشعبي او غيره بدأت تطفو على السطح لذا لابد للشعراء ألا ينجرفوا خلف هذه المجاملات ولابد للنقاد ان يعيدوا العلاقات الشخصية والمصالح المشتركة عن النقد الهادف الذي يبحث عنه الشاعر ويبحث عنه الجمهور.