لا أخفي أنني واحد ممن سعدوا بفوز الأستاذ الدكتور منصور الحازمي بجائزة الملك فيصل في الأدب هذا العام، لا لأنني من محبي الدكتور منصور فحسب بل لأنها جاءت تكريماً لرمز من رموز الثقافة في بلادنا زخر عمره الثقافي بالعطاء الغزير المؤثر, أما أنه غزير فلأن د, منصور شاعر مبدع وناقد مبرز، وهو في الثانية أكثر منه في الأولى، وأما انه مؤثر فلأنه من الرعيل الأول الذين حملوا التأهيل الأكاديمي ولم يكن ممن يلمع نفسه طموحاً للكرسي الدوار والجلوس في الصفوف الأولى في الحفلات بل امتطى القلم، فألّف ما أهّله لهذه الجائزة، وما سيبقى عطاء تنهل منه الأجيال، وهو إلى جانب ذلك قد تخرج على يديه آلاف الطلاب في التعليم العالي، وتولى مناصب أكاديمية أثراها بالعطاء فكان ممزياً في كل عمل قام به. كان د,منصور جديراً بالميدالية الذهبية عن عمله عضواً في اللجنة العليا للتخطيط الشامل للثقافة العربية، وكان جديراً بالتكريم ضمن شخصيات ثقافية خليجية كرمها قادة دول مجلس التعاون في مسقط عام 1410ه، وهو ذلك الرجل الذي رأى ضرورة تأصيل البحث العلمي فكانت ريادته بتأسيس مجلة كلية الآداب في جامعة الملك سعود عام 1390ه إثر عودته بالدكتوراه وتوليه عمادة كلية الآداب، ومضى على هذا الدرب مؤلفاً وناقداً وكاتباً ومشاركاً في مؤتمرات الأدب والثقافة، لم يلههِ عن ذلك اشتغاله بالأعمال الإدارية، ولم يُنهِ نشاطه سن التقاعد. د,منصور هو أول من عمل معجم المصادر الصحفية لدراسة الأدب والفكر في المملكة عن المادة الصحفية في صحيفة أم القرى من عام 1343 1365ه بقسميه الأول في الشعر والثاني في النثر، فيسَّر بذلك الطريق لدارسي أدب بلادنا للإقدام على الدراسات وإن كان بعضهم قد جحد صنيعه في تيسير طريقه في البحث بعدم الإشارة لجهده. وهو قد تناول في كتابه مواقف نقدية كثيراً من الأعمال الأدبية محلية وعربية مما أبزره ناقداً أدبياً من أبرز النقاد في العصر الحديث، ولم يقف عند بحثه الأول الرواية التاريخية في الأدب العربي الحديث بل خصص كتابه فن القصة في الأدب السعودي الحديث للتاريخ للرواية والقصة القصيرة في المملكة، فهو في دراساته قد جمع بين نقد الشعر والنثر بل والواقع الاجتماعي من خلال كتابه في البحث عن الواقع . يبدو أن فوز الدكتور منصور بالجائزة قد تأخر ولكنه جاء في الوقت المناسب مثبتاً نزاهة هذه الجائزة في أنها لا تمنح للقريب قبل البعيد بل للجدير بها في الوقت المناسب, ها هو منصور ابن شيخ القبيلة (إبراهيم بن عائج الذي كان له تاريخ مميز) يفوز بالجائزة الدولية ويحتفي به على أرقى مستوى لا ليفرح هو بذلك بل تلاميذه ومحبوه الذين سعدوا بفوزه بهذه الجائزة البعيدة عن الشكوك فهو ثاني سعودي يفوز بجائزة الأدب في بلادنا بعد شيخنا حمد الجاسر رحمه الله ، فهنيئاً للدكتور منصور، وهنيئاً لتلاميذه وهنيئاً لبلادنا بهذا الفوز. للتواصل: ص,ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691