الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحابته اجمعين, أما بعد. فإنه مما لا شك فيه أن الأمم الحية، والشعوب الأبية تولي دساتيرها الأولية العظمى من حيث الاهتمام والعناية والخدمة وتنشرها بين أفرادها لأنها المرجع الذي يحتكمون إليه في جميع شؤون حياتهم. ومن هذه الناحية فإنه يجب على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها أن يهتموا بدستورهم الخالد وكتاب ربهم المجيد الذي يختلف عن جميع الدساتير والكتب، لأنه كلام رب العالمين الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، تنزيل من حكيم حميد، تكفل الله تعالى بحفظه من التغيير والتبديل والزيادة والنقصان، كما قال تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون . أنزله الله تعالى ليخرج البشرية من الظلمات الى النور من تمسك به عصمه الله من الضلال، ومن أعرض عنه وقع في ضيق من العيش في الدنيا، وفي عذاب أليم يوم القيامة، كما قال تعالى: فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى . وقد أدرك قادة المملكة العربية السعودية هذه الحقيقة الشرعية، فتمسكوا بكتاب الله تعالى، واتخذوه دستوراً للبلاد، ومنهج حياة للأمة، وجعلوه في مقدمة اهتماماتهم، وأولوه ما يليق بقدسيته وجلالته وعظمته من الرعاية والاهتمام والخدمة والإجلال والتعظيم ولا أدل على ذلك من إنشاء خادم الحرمين الشريفين حفظه الله أعظم صرح علمي شهده التاريخ لخدمة كتاب الله تعالى، وطباعته وتفسيره وترجمة معانيه ونشره بين المسلمين في جميع أنحاء العالم، حتى وصلت ثماره الى كل انحاء الدنيا واستفاد منه المسلمون أعظم استفادة ومن ومن الأدلة البارزة على اهتمام المملكة بالقرآن الكريم رعايتها للجمعيات الخيرية لتحفيظ القرآن المنتشرة في جميع مناطق المملكة، ومحافظاتها، ومدنها وقراها وهجرها بحيث يتخرج منها كل عام عشرات من حفظة كتاب الله تعالى ولله الحمد . كما يأتي من الأدلة الناصعة والشواهد المشرقة على هذه العناية الكريمة حث الشباب المسلم في داخل المملكة وخارجها على التوجه الى كتاب الله تعالى وحفظه وتجويده وتفسيره وإقامة المسابقات في ذلك وتخصيص الجوائز القيمة للنابغين من أبناء الأمة الإسلامية, ويأتي في مقدمة هذه المسابقات المسابقة العالمية التي تنظمها وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والارشاد كل سنة في رحاب بيت الله الحرام بمكة المكرمة، ويتنافس فيها نخبة من أنبغ ابناء الأمة الإسلامية ليتربوا على مائدة كتاب الله تعالى، ويتخلقوا بأخلاقه ويتأدبوا بآدابه ويطبقوا احكامه ويكونوا دعاة لغيرهم الى تلك الفضائل. وتأتي المسابقة العالمية هذا العام أكثر تميزاً وأعظم اشراقة لأنها تحمل هذا العام اسم الملك المؤسس المجاهد عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه ولا شك ان اختيار هذا الاسم كان في غاية التوفيق والسداد، لأن كل ما شهدته المملكة من التمسك بكتاب الله تعالى، والعناية به وخدمته كان ثمرة من ذلك الغرس المبارك الذي غرسه في أبنائه ونتيجة مباركة لتلك التربية الإسلامية التي ربى عليها انجاله فقد كان يحث ابناءه والشعب السعودي على التوجه الى كتاب الله تعالى وحفظه وتفسيره والعمل بأحكامه في كل شؤون الحياة فلا عجب إذاً ان نرى ابناءه الكرام يسيرون على نهجه ويفتفون أثره في ذلك وفي مقدمتهم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني حفظهم الله ورعاهم ,وعلى هذا يكون تسمية هذه المسابقة العالمية باسم الملك المؤسس رحمه الله عرفاناً بأفضاله ووفاء لجهوده وأعماله فجزاه الله عن ذلك خير الجزاء وجعل ذلك في موازين حسناته والدعاء موصول لجميع ابنائه البررة الكرام الذين كانوا أوفياء لمنهجه، سائرين على طريقته، حتى وصلوا بالمملكة الى ماوصلت اليه من تقدم ورقي وازدهار مع المحافظة على الثوابت الإسلامية والعقدية. اسأل الله ان يوفق خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني ويحفظ لهذه البلاد أمنها وأمانها ورقيها و ازدهارها انه سميع مجيب. * وكيل وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد للشؤون الإدارية والفنية