الأمير نايف بن عبدالعزيز منذ أكثر من ثلاثة عقود وهو يحمل دائما همنا وهاجسنا الأمني الكبير,, ومنذ تعيينه نائبا لوزير الداخلية عام 1390ه ثم وزيرا للداخلية في 8/10/1395ه وهو يعيش يوما بيوم ولحظة بلحظة هذا الهاجس الوطني الذي يعد أهم المسؤوليات التي تناط بالمؤسسات الرسمية للدول,, ونحمد الله أن الأمن في بلادنا يعد أفضل البيئات الأمنية في العالم بحكم التحكيم الشرعي للكتاب الكريم والسنة النبوية,, ثم للجهود التي تبذلها مؤسساتنا الأمنية وعلى رأسها الأمير نايف الذي سعى لتكريس مفاهيم جديدة في الجهاز الأمني السعودي، نادرا ما نراها في غيره من الأجهزة الأمنية للدول الأخرى,. ولم يكن من باب المصادفة أن يكون الشخص الذي تناط به مسئوليات الأمن في المملكة هو نفس الشخص الذي يعمل جاهدا في تكريس مفاهيم وقيم مهنية جديدة في مجال الإعلام الذي يعد من الأدوات الأساسية التي ينبغي توظيفها بوعي كامل في خدمة المجتمع والدولة,, وكلتا المسؤوليتين (التنفيذية) الأمنية و(التنظيمية) الاعلامية هي من المهام الصعبة التي قد يراها البعض من المسؤوليات المتناقضة والمتعاكسة في المصالح,, فرجل الأمن يرى عدم النشر للقضايا الأمنية، ورجل الإعلام يرى أهمية النشر للتوعية والتبصير,, وكلاهما يعمل على أداء مهامه المناطة به على أكمل وجه,, والأمير نايف جمع بين طرفي المعادلة الصعبة,, فلديه أمنيون يرون التريث دائما,, ولديه مؤسسات إعلامية ترى سرعة الاعلان عن الأحداث,, ويظل الأمير نايف يحمل في داخله هما أمنيا على مستوى الوطن، وهاجسا إعلامياً على مستوى الصحافة والإعلام,, وهذه مهمة قد تبدو مستحيلة نظريا، ولكنها ممكنة قولا وفعلا من خلال التجربة التي أسسها الأمير نايف في أحداث ومناسبات عديدة,, وهي اشبه ما تكون ب(شعرة معاوية) التي تشدها وترخيها المواقف والاحداث التي نواجهها داخليا وخارجيا,, وأحسب ان الأمير نايف قد عمل في صف الاعلاميين أكثر من صف الأمنيين في كثير من المواقف التي استدعت اختلافا في وجهات النظر,, ولكن لم يكن ذلك على حساب المعادلات الأمنية. ومن يتابع مجريات الشأن الأمني والإعلامي في كثير من دول العالم، وخصوصا الدول النامية يلاحظ دائما علاقات متوترة بين أجهزة الأمن التي تراقب وأجهزة الإعلام التي تبث وتنشر,, وعادة ما يكون هناك تصادم ومواجهات تتم بين هذه الأجهزة تؤدي الى نزيف في المصلحة الوطنية,, فهذه تبني وتلك تهدم,, وهذه تؤسس وتلك تنقض,, وتسود مناخات العداء وسوء النية والتشكيك وغير ذلك من الممارسات العقابية والانتقامية التي قد تؤسس لعلاقات من عدم الاستقرار وتعكير الأمن الوطني في تلك الدول,, ونحمد الله ان بلادنا بكافة مؤسساتها بعيدة عن هذه الأوضاع والمسائل المتشابكة والمعقدة التي تعكر صفو الأمن ونقاء الإعلام,. ومنذ ان تولى سمو الأمير نايف رئاسة المجلس الأعلى للإعلام عام 1400ه، وهو يعمل جاهدا بكل الطرق في سبيل تكريس مفاهيم جديدة في اعلامنا تواكب التطورات التقنية والمستجدات العصرية في صناعة الإعلام,, فتم اعتماد وتحديد السياسة الاعلامية السعودية، والتي تمثل وثيقة بما تحتويه من خطوط عامة وتوجهات اساسية لمضامين الاعلام كما ينبغي ان يكون عليه,, وهذه الوثيقة لا شك مثلت عصارة تجربة الاعلام السعودي خلال العقود التي مر بها,, وهي امتداد للسياسة السعودية عامة، بشقيها الداخلي والخارجي,, وتعكس هذه السياسة الثوابت الدينية والقيم الوطنية التي اصبحت معيارا نحتكم اليه ونبراسا نهتدي به,, ولاشك ان السياسة الاعلامية تخضع بين الوقت والآخر لإعادة نظر وتوجيهات جديدة وتحتاج الى ضخ متجدد بحكم المستجدات العصرية والقيم المهنية المتخصصة في هذا المجال,, وهذا ما تضمنه نظام المطبوعات والنشر الذي أقر مؤخرا، وحمل في طياته استجابات واضحة لمستجدات التقنية والظروف المحلية والدولية,, وكذا يصدر لاحقا نظام المؤسسات الإعلامية الذي يتوقعه الوسط الصحافي لتحديد حقوق وواجبات الصحافيين السعوديين، وتأطير وضع المؤسسات الصحافية وفق الظروف والمستجدات الإعلامية الحديثة. والذي يسترعي انتباهنا دائما في الاحاديث والمؤتمرات الصحافية للأمير نايف هو درجة الصراحة التي تعد سمة إيجابية مميزة للأمير,, فهو يتكلم بصراحة معهودة في شخصيته,, سواء مع أو ضد الأجهزة الأمنية,, وسواء مع أو ضد المؤسسات الاعلامية,, وحديث الأمير في الأسبوع الماضي مع مسؤولي الاعلام ورؤساء تحرير الصحف المحلية يعكس هذا التوجه الذي يمثل شفافية عالية في التعامل مع الأحداث والمواقف,, وهذه الشفافية الأمنية هي لاشك مهمة من وجهة نظر الرأي العام عامة ووسائل الإعلام خاصة,, وهي تمثل انفتاحا اعلاميا واعيا تجاه المستجدات الاتصالية التي اخذت تتأسس في مفاهيمنا نحن كمسؤولين وإعلاميين ومتلقين. ان التطور الجديد في وسائل اعلامنا خلال الاعوام الماضية يأتي ثمرة ونتيجة واضحة لجهود شخصية يبذلها الأمير نايف في سبيل تحقيق المعادلة الصعبة بين الأمن والإعلام,, فقد سجل اعلامنا قفزات نوعية في متابعته للأحداث المحلية والدولية,, حيث استطاع ان يقدم إعلامنا سبقا إعلاميا وصحافيا في اكثر من مناسبة وأكثر من حدث,, وكذا لا ننسى ان الإعلام لم يكن ليحقق هذا التطور النوعي في خدماته دون أن يكون هناك توجيهات واضحة من سموه للاعلان عن هذه الأحداث وإعداد التحليلات المناسب والتقديرات الواقعية للوقائع,, ومن هنا دخل الاعلام السعودي مرحلة جديدة من التطور والنمو بما يتماشى مع ثوابت المجتمع ويواكب مستجدات التقنية وتطلعات المتلقي الاعلامي,. وحوار المسؤولية ونقاشات الفكر والوعي الوطني دائما تكون أساساً في أحاديث الأمير وخصوصا ما يرتبط منها بمجالات الإعلام الشاملة في مجتمعنا العربي المسلم,, ولربما ان الاجتماع الأخير مع القيادات الاعلامية في وزارة الاعلام وفي المؤسسات الاعلامية أعطى توجهات جديدة في ضرورة ان يواكب الاعلام طموحات المتلقين ويقف ملتزما امام مسئولياته للمجتمع وللمهنة الصحافية والاعلامية التي يؤديها نخبة صحافية تسهر على خدمة هذا الوطن الغالي,. وفي هذا السياق ربما يكون مناسبا طرح مقترح وجود اجتماعات دورية ثابتة في برنامج سمو الامير للالتقاء برموز الفكر والثقافة والمجتمع ممن لهم حضور دوري في صحافتنا المحلية، لإطلاعهم على توجهات الاعلام وخطط السياسات الامنية في مجتمعنا,, وتهدف هذه الاجتماعات الى ترسيخ واقعنا الاعلامي وتعزيز مسؤولياتنا الامنية حيث تصبح التوجهات العامة متسقة في مضامينها وخطوطها مع كل مستويات التجهيزات الاعلامية التي يمثلها صفان في المؤسسات الاعلامية,, القيادات التحريرية المباشرة لدفة العمل الاعلامي,, وأصحاب القلم والرأي المشاركون في صناعة الرأي العام السعودي، بما يكتبون ويرسمون من صور ونماذج تزخر بها صحافتنا ووسائل اعلامنا,, ووجود لقاء سنوي على أقل تقدير بينهم وبين سمو رئيس المجلس الأعلى للاعلام سيكون بمثابة استكشافات جديدة وتبادلات مفيدة ونقاشات مخلصة لمجريات الشأن الإعلامي والأمني في المملكة وبما يساهم في بلورة وتأسيس فكر إعلامي أصيل تساهم فيه كل عناصر الصناعة الاعلامية,, ولاشك ان تنظيم مثل هذا اللقاء سيضيف الى اللقاءات الدورية الأخرى واللقاءات المناسباتية التي تحدث في مواقع عديدة ومناسبات مختلفة,.