إن المتأمل في حال لغتنا العربية الفصحى يرثي حال هذه اللغة، إننا نتعامل مع هذه اللغة وكأنها لغة ثانوية ليست بذات أهمية. ماذا أصابنا؟ كيف نهجر لغة القرآن الكريم ونستبدلها بلغة عامية ركيكة جعلتنا ننصب المبتدأ ونرفع الخبر؟ فهذا كتاب الله الذي نزل على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بلغة عربية فصحى، لا نستطيع قراءته كما يجب لأننا هجرنا الحديث بالفصحى, فإن دل هذا على شيء إنما يدل على عدم حرصنا على لغتنا العربية فنحن غير غيورين على لغتنا لأننا انبهرنا بالبهرج الخداع وبالحضارة الغربية واعتبرناها أم الحضارات فنحن نحرص على تعلم لغتهم كي نسير خلف حضاراتهم وهم ينظرون إلينا على اننا العالم الثالث,, أتدرون ماذا يقصدون بذلك؟ يقصدون اننا العالم المتخلف، هكذا ينظرون إلينا ومع ذلك نمجدهم!! فالمتعلمون والمثقفون والأدباء الذين يطلب منهم توعية الناس وحثهم على التمسك والتحدث باللغة العربية الفصحى نجدهم يتعالون ويكابرون على لغتهم الأصلية فنادراً ما يتحدثون بها ولايعيرونها إي اهتمام مع الأسف. وثمة شيء ثان ساهم بشكل كبير في هجر اللغة العربية وهي الفضائيات، فالقنوات الفضائية بشكل عام لم تخدم اللغة العربية بل عملت بشكل غير مباشر على اندثارها وتغريبها، لأن أغلب البرامج التي تعرض عن طريقها تتحدث باللغة العامية عدا نشرات الأخبار المطولة وموجز النشرات ومشاهدوها لا يقارنون بمشاهدي البرامج الترفيهية والرياضية، مما انعكس سلبياً على المتلقي حتى أصبحت هذه اللغة مثاراً للضحك والسخرية من قبل الغير عندما يريد أحد الأشخاص التحدث بها مع الأسف. أخواني القراء أود أن ارجع بذاكرتي قليلاً إلى الوراء وأخبركم بقصة حدثت معنا تتعلق بهذا الموضوع، وهي عندما كنت طالباً بجامعة الملك سعود وبالتحديد في السكن الجامعي كان لي جار من الجالية الصومالية قمت يوماً بزيارته وعرفته بنفسي فرحب بي واستقبلني استقبالاً لائقاً وقام بواجب الضيافة على الطريقة الصومالية بعد ذلك أخذنا نتبادل الحديث فقد كان محور حديثنا ينصب حول المقررات الدراسية وبصراحة كنت مندهشاً من فصاحة لسانه، فهو يجيد التحدث باللغة العربية الفصحى بطلاقة بل يتفوق على الكثير منا، فهذه حقيقة، فلم أخف اعجابي بفصاحة لسانه وأخبرته بذلك فقال لي هل تعلم يا صديقي كنت اعتقد أن الناس عندكم لا يتحدثون سوى العربية الفصحى قبل قدومي فهذا ما جعلني ألملم حقائبي استعداداً للرحيل إليكم، ولكن ما أدهشني وجعلني في حيرة من أمري عندما اصطدمت بالواقع فالغالبية العظمى لديكم لايتحدثون العربية الفصحى فلغتهم مكسرة قالها هكذا فالطلاب الجامعيون والذين يعول عليهم الوطن في تدريس الأجيال القادمة اللغة العربية الفصحى السليمة والخالية من العبارات العامية لايتحدثون بهذه اللغة رغم أنهم ينتمون إلى أعرق وأكبر جامعة سعودية، معترف بها دولياً. بالله عليكم من المسؤول عن تلك الفكرة التي كونها الطالب المبتعث من بلاده إلينا؟ هل هي المقررات الدراسية؟ أم المعلمون؟ أم وسائل الإعلام؟ أم المجتمع بأكمله؟ أريد إجابة شافية ياقراء الجزيرة,, ومني لكم أصدق وأطيب الأمنيات. عبدالقادر حامد الشملاني