ردد المسئولون الفلسطينيون كثيراً، أنه لا يوجد فارق بين ايهودا باراك وارييل شارون، وأنه لا يهم من يتسلم رئاسة الحكومة الاسرائيلية، فكلاهما لا يوافق على إعادة الحقوق الفلسطينية كاملة، وبالتالي لا يساعد على تحقيق السلام. أيضا الشعب الفلسطيني، جماهير الانتفاضة، وفصائل المعارضة ترى هذا الرأي، بل ان بعضاً من المثقفين الفلسطينيين والنخب السياسية الفلسطينية حتى التي لا تعارض السلطة بشدة ترى ان الوقوف مع باراك وتمكينه من الفوز على شارون يجب ألا تقدم عليه السلطة الفلسطينية، لسببين، أولهما أن باراك أثبت ومن خلال المدة التي قضاها في الحكم أنه ليس ذلك الذي يتوقع منه أن يحقق حتى المتطلبات الدنيا من الحقوق الفلسطينية، كما ان مماطلاته وتسويفاته التي تطيل عمليات التفاوض تضر بالقضية الفلسطينية اكثر من اضرار وجود رئيس وزراء اسرائيلي آخر على رأس السلطة واضح في عدائه للحقوق الفلسطينية كارييل شارون، وهذا ما يسهل على الفلسطينيين وعلى الأسرة الدولية وعلى العرب والمسلمين عملية الفرز، أما الاستسلام لسلام ناقص كما يريد باراك تحريره بأساليب ملتوية، أو بمواجهة هي لا بد منها لإصلاح الوضع غير السليم الذي تريد فرضه اتفاقيات الاستسلام. ولهذا فان محاولات التقويم التي تقوم بها الآن السلطة الفلسطينية لايهودا باراك بحجة أن الفلسطينيين لا يريدون وصول شارون الى رئاسة الحكومة الاسرائيلية، كما يقول ياسر عبد ربه في أحد اللقاءات التلفازية، ولهذا فقد بادرت السلطة الفلسطينية الى تقديم اقتراح عقد مفاوضات متواصلة في منتجع طابا المصري بين الاسرائيليين والفلسطينيين للوصول الى اتفاق سريع يسبق انتخابات رئاسة الحكومة الاسرائيلية. ولأن اقتراح السلطة الفلسطينية يخدم باراك فقد سارعت حكومته على الاشتراك في هذه المفاوضات إلا أن جميع المحللين السياسيين يرون أنها لن تحقق ما يصبو اليه كلا الطرفين، فالتوصل الى اتفاق بين الجانبين في فترة قصيرة لا تتعدى الشهر لقضايا أساسية، كمسألة عودة اللاجئين والسيادة على القدسالشرقية والمستوطنات والمياه، فهذه القضايا لا يستطيع باراك أن يغامر وهو في خضم المعركة الانتخابية بأن يقدم للفلسطينيين ما يحقق حتى الحدود الدنيا من طموحاتهم، وإلا خسر نسبة كبيرة من الناخبين الاسرائيليين الذين لا يقبل أغلبهم إن لم يكن جميعهم بالتخلي عن القدسالمحتلة كعاصمة موحدة لاسرائيل ولا بعودة اللاجئين الفلسطينيين ولهذا فقد استسبق باراك مفاوضات طابا بالإعلان عن رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين ومنع أي سيطرة فلسطينية على القدسالشرقية. هذه الشروط الاسرائيلية حتى وإن كان الاعلان عنها علناً من قبل باراك يدخل في الترويج الانتخابي له، إلا أن الفلسطينيين لا يمكن أن يقبلوا التفاوض ما لم يتوصلوا الى تسليم اسرائيلي بها، خاصة أنهم يستندون الى مرجعية دولية تمثلها القرارات الدولية ومنها القرار 242 الذي ينص على وجوب التزام اسرائيل بالانسحاب الى خطوط حزيران يونيو عام 1976 بما فيها القدسالشرقية والحرم الشريف، والذي تؤكد نصوصه ضمنا عدم شرعية المستوطنات الاسرائيلية التي أقيمت بعد تلك الحرب اضافة الى العديد من القرارات الدولية التي امدت على عدم قانونية تلك المستوطنات إضافة الى ان القرار 194 ينص على حق اللاجئين في العودة الى وطنهم, واذا كان باراك لا يريد أن يغامر بخسارة الانتخابات بالموافقة على إعادة الحقوق الشرعية للفلسطينيين فان ممثلي السلطة الفلسطينية لا اعتقد أنهم سيغامرون بخسارة مصداقيتهم وتأييد شعبهم وتعاطف العرب والمسلمين بالموافقة على التنازل عن حقوقهم الشرعية، وبالتالي فإن النتيجة التي يتوقعها الكثيرون فشل محادثات طابا وبالتالي زيادة حظوظ شارون بالفوز برئاسة الحكومة الاسرائيلية، وهو مرغوب به شخصياً إذ ان فوز شارون سيوضح الأمور، ويجعل الأبيض,, أبيض، والأسود,, أسود وهو ما يصبغ السياسة الاسرائيلية سواء قادها باراك,, أو شارون. ممراسلة الكاتب على البريد الإلكتروني