روى البخاري - رحمه الله - في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في سفر وكان معه غلام له أسود يُقال له أنجشة يحدو فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير). فهذه حادثة حدثت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، ملخصها أنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر، ومعه عددٌ من أصحابه ومعهم مجموعةٌ من النساء، وهم يسيرون في الطريق، أخذ أنجشة يحدو أي يغني، وكان حسن الصوت، فأخذت الأبل تتمايل وعلى ظهورها بعض النساء، فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً: (ويحك يا أنجشة رويدك بالقوارير). يقول النووي - رحمه الله - عند شرحه لهذا الحديث: قال العلماء سمى النساء قوارير لضعف عزائمهن تشبيهاً بقارورة الزجاج لضعفها وإسراع الانكسار إليها. ثم ذكر أقوال أهل العلم ومنها قوله: معناه أن أنجشة كان حسن الصوت وكان يحدو بهن وينشد شيئاً من القريض والرجز وما فيه تشبيب فلم يأمن أن يفتنهن ويقع في قلوبهن حداؤه فأمره بالكف عن ذلك. قلت: فإن كان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأمن على النساء من صوت صحابي جليل أسود - كما في الرواية - من أصحابه صلى الله عليه وسلم، فكيف بحالهن في هذا الزمان مع الأصوات الحسنة، والأشكال الفاتنة، ممن يخرجون بأبهى زينة، وأقرب مسافة، يتلاعبون بمشاعر النساء، ويثيرون غرائزهن، بالكلمة واللحن والحركة. فيا عالم رفقاً بالقوارير.