سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الضغوط على الصين ودول شرق اسيا لاعادة استثمار فوائضها وتحسين الانفاق لديها لمعالجة الخلل بالميزان التجاري قمة العشرين ترحل ملف الخلل بالميزان التجاري لصندوق النقد
أصدر زعماء مجموعة العشرين أمس توجيهات لوزراء مالية بلدانهم بوضع إجراءات إرشادية لكشف الاختلالات الكبيرة في الموازين التجارية والتي تهدد استقرار الاقتصاد العالمي. وذكر بيان صدر بعد قمة استمرت يومين لأكبر 20 اقتصاداً في العالم أن الإجراءات التي ستتألف من مجموعة من الإرشادات ستساعد في الوقت المناسب في تحديد الاختلالات التي «تتطلب اتخاذ إجراءات وقائية وتصحيحية». وسيعمل الوزراء مع صندوق النقد الدولي على وضع الإرشادات على أن تتم مناقشة ما يتم إنجازه خلال النصف الأول من العام المقبل. وأظهرت مسودة البيان أن المجموعة لم تقرر بعد وصف الإرشادات بأنها «قابلة للقياس» أو «نوعية وكمية». وفي النهاية لم يستخدم أي وصف. وأعلنت مجموعة العشرين عن استمرار الانتعاش العالمي لكن مع انخفاض المخاطر وأقرت بوجود توترات وتقلبات جلية في النظام النقدي العالمي. وفي تبني للهجة التي استخدمها وزراء المالية خلال اجتماعهم الشهر الماضي في كيونججي بكوريا الجنوبية تعهد الزعماء بالمضي قدماً نحو توفير أنظمة لأسعار الصرف تحددها قوى السوق وبتعزيز مرونة العملات بما يعكس العوامل الاقتصادية الأساسية. وذكر البيان أن الاقتصادات المتقدمة ستوفر الحماية من التقلبات في أسعار الصرف الأمر الذي سيساعد في تخفيف مخاطر التقلبات الكبيرة في تدفقات رأس المال التي تواجه بعض الاقتصادات الناشئة. وفي هذا السياق ذكرت مجموعة العشرين إنه سيكون من المقبول أن تتخذ الاقتصادات الناشئة التي تبالغ في أسعار الصرف وتعاني من أعباء لا مبرر لها للتكيف «إجراءات احترازية كلية وضعت بعناية» لمواجهة تدفقات رأس المال. وفي تعليقه على بيان قمة مجوعة العشرين قال الدكتور عبد العزيز العريعر عضو مجلس الشورى وخبير اقتصادي: ان البيان لم يأت بجديد خصوصا حول موضوع الاختلال بالميزان التجاري الدولي، ومن الواضح انه لم يكن هناك اتفاق على المقاييس والضوابط التي يريدون لها ان تخفف وتحد من هذا الاختلال، لذلك تمت إحالته إلى صندوق النقد كونه جهة محايدة وتتمثل فيه جميع الدول مما يسمح لها بمتابعة كل الخطوات وإبداء وجهات النظر حولها عند قيام الصندوق بوضع هذه الآليات.. وأضاف العريعر أن الاختلال بالميزان التجاري واضح جدا فالصين من خلال انخفاض عملتها وتركيزها على التصدير جمعت فوائض هائلة وصلت إلى 2.5 تريليون دولار، وبالوقت نفسه فإن مشترياتها لا تتناسب مع حجم صادراتها الكبيرة وهذا إذا ما استمر سيجعل جميع الدول مدينة للصين؛ لذلك فإن الضغوط التي تواجهها الصين ودول شرق آسيا هو تحويل هذه الفوائض إلى استثمارات ورفع مستوى الإنفاق باقتصادياتها لزيادة الاستهلاك وبالتالي الطلب مما يعيد التوازن للتجارة الدولية. وأوضح العريعر أن خروج البيان بهذه الصيغة إنما أجل النقاشات الحادة وحولها إلى مشاورات في محاولة الوصول لهدف قد يبرر ما تقوله أمريكا بإن سياساتها الرامية لإنعاش اقتصادها هو مفيد للاقتصاد العالمي لأنها اكبر سوق للعالم، وهذا يعني ان هناك عدم اتفاق على الخطوات التي من شأنها ان تصحح الاختلالات التجارية الدولية. ومن المعروف أن انتعاش الاقتصاد الأمريكي فرض تخفيض سعر الفائدة على الدولار وانخفضت معه قيمة الدولار وبالتالي ذهبت الأموال إلى الدول التي تمتلك اقتصادا قويا وسعر فائدة مرتفعا. ويبدو ان هناك رغبة لوضع ضوابط تحد من حجم تدفق رؤوس الأموال لتلك الدول ذات الفائدة المرتفعة. وحول إذا ما كانت أمريكا قادرة على إجبار الصين على رفع قيمة عملتها أضاف الدكتور العريعر باستطاعة أمريكا ان تجبر الصين على رفع قيمة عملتها لان لديها الوسائل كون الدولار يتمتع بمزايا عديدة كعملة احتياط رئيسية بالعالم، لكنها لا تريد ان تلجأ إلى حلول صعبة لان هناك فوائد تأتي من الصينلأمريكا، فالمستهلك الأمريكي سيتضرر في حال ارتفاع أسعار البضائع الصينية أيضاً لأنها تحرص على مستوى إنفاق ومعيشة الفرد لديها، فمعروف ان أمريكا تتبنى استراتيجية صناعية بأن تحول الصناعات البسيطة للدول الناشئة وتتفرغ هي للصناعات الكبيرة والمعقدة كالطائرات وغيرها. وحول إذا ما كان البيان قد أجل أو ألغى بعض النقاط التي كانت مثار بحث قال الدكتور العريعر ان البيان خلا من نقطة كانت مطروحة للبحث، إلا أنه يبدو انه تم التخلي عنها وهي كانت بالمناسبة مطلبا أمريكيا بوضع ضرائب على الفوائض المالية الجامدة أي لا يتم إعادة استثمارها، لكن يبدو انه تم إلغاؤها نظرا لحساسيتها. من جهته رأى الدكتور زين العابدين بري عضو مجلس الشورى خبير اقتصادي ان البيان لم يوضح حقيقة الوضع الاقتصادي العالمي حالياً، مبينا أن التعريج على ان الاقتصاد العالمي ينمو وان المخاطر انخفضت بأنها تعني أن مجموعة العشرين لا ترى أي بوادر لانحدار اقتصادي جديد وان الانتعاش مستمر، لكن لابد من معالجة الاختلالات التي قد تحد من قوته وبالوقت نفسه يرى أن هناك تجاهلا لحقيقة وضع اقتصاد بعض الدول المتعثرة خصوصا في أوروبا وكيفية المعالجة المتوقعة لها ومدى التأثير الذي قد تحدثه مستقبلا، كما لم يوضح البيان كيفية الجاهزية التي يمكن أن تتم بها معالجة أي عقبات مستقبلية ولم نسمع تحديدا لمستوى الانتعاش الاقتصادي العالمي الحالي بشكل دقيق وفي أي مرحلة نقف منه. وحول إحالة ملف الاختلال بالميزان التجاري الدولي إلى صندوق النقد الدولي توافقت وجهة نظر الدكتور بري مع الدكتور العريعر بأن تحويل الملف سببه عدم الاتفاق على وجهات محددة فاختير صندوق النقد الدولي كجهة محايدة؛ لان هناك وضوحا باختلاف وجهتي نظر رئيستين أو أكثر حيال طبيعة المقاييس التي يجب ان تعالج هذا الخلل. واوضح الدكتور بري أن ملف الاختلاف بتحديد طريقة سعر صرف العملات سيبقى قائما بشكل أو بآخر؛ لان هناك مصالح كبيرة تحرك سياسات الدول الكبرى خصوصا التي تعتمد التصدير أساسا لاقتصادها وان أي قواعد قادمة يجب ان تحتكم لقواعد السوق العرض والطلب على أي عملة الذي يأتي مدعوما من واقع قوة اقتصاد كل دولة وليس من باب التدخلات التي أصبحت تشكل ضغطا كبيرا على الاقتصاد العالمي وتخلق خللا كبيرا في الميزان التجاري، فكل الاقتصادات الكبرى لديها عجز بالميزان التجاري مع الصين وهذا ليس بصالح الاقتصاد العالمي. وحول دعوة رئيس صندوق النقد الدولي للعودة لتبني الذهب كمعيار لتقييم العملات قال الدكتور بري ان هذا الجانب أصبح صعبا جدا وان الذهب العالمي لا يمكن إن يغطي حاجة الاقتصاد العالمي للنقد، وإلا فإن قيمة الذهب ستصبح كبيرة جدا إذا ما تمت العودة لوضع الذهب كغطاء للعملات وفق أسعار توافق احتياج الدول من النقد؛ لذلك فإن الطريقة السليمة هي النظر إلى قوة اقتصاد كل دولة وترك الأسواق هي التي تحدد قيمة العملة لتلك الدول بمعزل عن التدخلات المباشرة وغير المباشرة بأسواق الصرف.