امتدادا للمقالة السابقة، نستكمل الحديث عن تشخيص اضطراب الوسواس القهري ومدى اختلافه عن وساوس الشيطان، ولتشخيص اضطراب الوسواس القهري لاعتباره مرضا يلزم ما يلي: 1- يجب أن تتوافر أعراض وسواسية أو أفعال قهرية أو كلاهما في أغلب الأيام لمدة أسبوعين على الأقل. 2- يجب أن يدرك المريض أنها أفكاره الخاصة به. 3- أن تكون مصدرا للإزعاج أو للتشويش على الأنشطة المعتادة. 4- يجب أن تكون هناك فكرة أو فعل واحد على الأقل لا يزال المريض يحاول مقاومته دون نجاح وتسبب له الإرهاق. 5- يجب أن تكون التصورات أو النزوات متكررة بشكل مزعج. 6- هذه الأفكار التسلطية عادة يشعر بأنها غريبة عليه لأنها عادة ما تكون مخالفة بشدة لتوجهات هذا الشخص ومبادئه ومشاعره، وكلما قاومها زادت حدة إلحاحها على وعيه. 7- هذه الأفكار والوساوس لا تختفي بعد الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم. والموسوس دائم الشكوى لمن حوله من وسواسه، ويتألم من هذا الوسواس، ويستفتي أهل العلم الديني عن حاله، ويتردد في النهاية على الأطباء، ويدعو الله أن يخلصه منها ويفرح إذا نجح في مقاومة وسواسه ويحزن أشد الحزن إذا غلبه الوسواس القهري. وسوسة الشيطان أما وسوسة الشيطان فهي وسوسة بالشر ومصدرها الشيطان وليس لها علاقة بالوسواس القهري، ولابد أن يكون معلوما لدى الإنسان المسلم أن الشيطان يخدع الإنسان فيزين له الشر على أنه خير وهذا هو جوهر الاختلاف الذي أحب أن أنوه به لجميع زملائي الأطباء النفسيين وكذلك لمرضى الوسواس، فالشيطان يوسوس في حدود إمكاناته وقدراته التي سمح له الله سبحانه وتعالي بها لهذا الشيطان، وهي محدودة وضعيفة، قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفاً } صدق الله العظيم – النساء 76. ومن أمثلة هذا الخداع من الشيطان للإنسان في القرآن الكريم، قال تعالى {فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ }، وقال تعالى {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى }، وقولة تعالى {مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ}. ووسوسة الشيطان تأخذ شكل التعطيل عن فعل الخير وعن أداء الفروض الدينية، وهناك ارتباط وتعلق معنى كلمة الوسواس بالشيطان فإذا أردنا ربطهما معا فلابد أن نفهم حقيقة المعنى للفظ القرآني المذكور بالتدبر في القرآن الكريم بأن الشيطان متبوعا بكلمة الخناس (الوسواس الخناس)، فهذه هي صفة الشيطان أنه يخنس ومعناها يختفي أو يتأخر لفترة ثم يعاود الظهور، وبالتالي فإن الخناس اسم من أسماء الشيطان لأنه يخنس، فإذا ذكر الله عز وجل فإنه يصمت ويسكت عن الوسوسة لفترة من الوقت، وأخيراً إن وسواس الشيطان يخف وينتهي بعد الاستعاذة بالله منه ثم التفل على اليسار كما هو وارد من القرآن الكريم والسنة النبوية العطرة. وفي المقالة القادمة بإذن الله سنذكر كيفية العلاج للوسواس القهري كمرض وللوساوس الدينية. د. علي مصطفى - أخصائي الطب النفسي