إحساس عميق بالسعادة يشعر به كل مواطن عندما تحين ذكرى اليوم الوطني لبلادنا المباركة، ذلك اليوم الذي توّجت فيه ملحمة توحيد المملكة على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود طيب الله ثراه، وبدأت الدولة السعودية الحديثة مسيرة نهضتها المعاصرة. ولعل أول ما تستثيره هذه المناسبة الوطنية الجليلة، هو مشاعر الوفاء والعرفان للملك المؤسس ورجاله الأبطال الذين كتبوا بداية جديدة لتاريخ الجزيرة العربية، ووضعوا الركيزة الصلبة التي حملت صروح البناء والنهضة والتطور في جميع المجالات. فملحمة التوحيد التي قادها الملك المؤسس، لم تقتصر على توحيد الأرض وجمع أبناء المملكة تحت راية واحدة، لكنها صنعت وحدة حقيقة في الهدف والمصير والتطلعات لمستقبل أفضل، ورسخت مشاعر الولاء لوطن جدير بأن يشرف كل أبنائه بالانتماء إليه. وفي ظلال الوحدة تعاقبت الأجيال في وطن أبي شامخ بهويته الإسلامية التي يرمز إليها علمه الأخضر المزدان بشهادة الإسلام، ويجسّدها النظام الأساسي للحكم الذي يحكم الشريعة الغراء في كل أمور الحياة، وطن يعتز بعروبته، ويعي مسؤوليته في خدمة الإسلام والعروبة. وتوالت السنين لتزداد هذه الوحدة رسوخًا وتتسارع الخطى على طريق النهضة والتنمية في جميع المجالات وتتحول أهدافها من أمانٍ وتطلعات إلى ثمار ومكاسب ينعم بها كل أبناء الوطن ويتفتح وعي الأجيال الجديدة على واقع زاهر تتضاعف معه الطموحات التي يشارك الجميع في تحقيقها تحت قيادة رشيدة لأبناء الملك المؤسس سعود وفيصل وخالد وفهد، رحمهم الله جميعًا، وصولاً إلى هذا العهد المجيد لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله- الذي حمل على عاتقه مسؤولية تحديث الدولة السعودية، وتسليحها بعلوم العصر لتنطلق بقوة إلى مصاف القوى الكبرى في العالم، اعتمادًا على ما حباها به الله من إمكانات وموارد، ومكانتها كقائدة للعالم الإسلامي وحاضنة أقدس مقدساته الحرمين الشريفين، ووعيًا بأن أبناء وأحفاد الرجال الذين صنعوا ملحمة الوحدة - قادرون بمشيئة الله تعالى على صنع ملاحم عظيمة في مجالات التنمية والتواجد بقوة على خريطة المستقبل. واستطاع المليك - حفظه الله - في سنوات قليلة أن يحوّل أحلام كثير ممن لم يعاصروا ملحمة توحيد المملكة إلى حقائق بمشروعات عملاقة في التعليم والصحة والصناعة والتجارة والاقتصاد وغيرها، ليكتسب احتفالنا باليوم الوطني أبعادًا جديدة، يمتزج فيها الاعتزاز بتضحيات وبطولات الرجال الذين صنعوا ملحمة الوحدة، بالزهو بمكتسبات الوطن وإنجازاته، والتباهي بهذه العلاقة الرائعة بين الشعب السعودي وقيادته الرشيدة. فسياسة الباب المفتوح لخادم الحرمين الشريفين - وحرصه على تلمس احتياجات المواطنين صنعت ملحمة فريدة من التلاحم بين الشعب وقيادته.. واستنفرت الطاقات للمزيد من العطاء في وطن العطاء. وفي ظلال هذه الملحمة الجديدة، انطلقت مشروعات عظيمة لتطوير التعليم والقضاء والبحث العلمي والرعاية الاجتماعية والصحية، وارتفعت صروح مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وجامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية ومدينة المليك للطاقة الذرية والمتجددة، وانتشرت الجامعات في جميع مناطق المملكة، لترسم ملامح مستقبل أكثر إشراقًا بمشيئة الله تعالى. وكان الأمن والاستقرار في صدارة المشهد دائمًا، لحماية المكتسبات والإنجازات واستمرار المسيرة، والتصدي بكل حزم لأي تهديد لأمن وسلامة أبناء الوطن وتضافرت جهود المواطنين مع الأجهزة الأمنية خلال السنوات الماضية لتسطر ملحمة في حماية الأمن في مواجهة الفئة الضالة وإفشال مخططاتها التخريبية - في تجربة يشهد العالم بنجاحها ويسعى للاستفادة منها في مواجهة الإرهاب. ومع صعوبة حصر الإنجازات والمشروعات في هذا العصر الزاهر لخادم الحرمين الشريفين في جميع المجالات، نتوقف عند التطور الكبير في القطاعات العسكرية والأمنية ومنها الدفاع المدني، الذي يجسد بحق - مدى عناية القيادة الرشيدة بأمن الوطن وسلامة أبنائه باعتبار الإنسان هو صانع التنمية وهدفها. وقد أثبتت الأيام، قدرة هذه الأجهزة في ظل ما تحظى به من دعم القيادة الرشيدة والحرص على توفير كل الإمكانات لأداء مهامها على أكمل وجه.. فهنيئًا لبلادنا بما تنعم به من أمن واستقرار ورخاء وهنيئًا لولاة الأمر - هذا الحب الذي يمتلك قلوب أبناء الوطن، وليكن الاحتفال باليوم الوطني حافزًا لنا جميعًا.. لنتذكر تضحيات وعطاءات كل من وضع لبنة في صروح البناء، ودافعًا لمواصلة العمل والجهد على طريق التقدم، واستشعار المسؤولية للحفاظ على مكتسبات الوطن وإنجازاته.