يعتبر اليوم الوطني يوماً مميزاً تحتفل به الدول لارتباطه بذكرى تاريخية محددة غالباً ما تكون تأسيس الدولة أو استقلالها أو ما شابه ذلك، ولكن في بعض الدول هو يوم كالأيام العادية لا يتميز إلا بوجده في ذاكرة التاريخ؛ أما في المملكة العربية السعودية فإن اليوم «الأول من الميزان» يعتبر يوماً مختلفاً عن الأيام الأخرى ليس لكونه يوماً فاصلاً في تاريخها منذ قيام هذه البلاد المباركة على يد المؤسس الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- فحسب بل لارتباطه بتغييرات متتالية تشهد فيها المملكة نمواً يشمل جميع نواحي الحياة المدنية والسياسية والاقتصادية.. وقلما يمر يوم على بلادنا لم يتميز بحدث أو أحداث إيجابية، وتبعاً لذلك يأتي اليوم الوطني الثامن والسبعون الذي سيوافق بمشيئة الله الرابع عشر من شهر شوال يوماً بارزاً حافلاً بإنجازات كثيرة في شتى المجالات، حققتها هذه الدولة المباركة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله-.. ولعل صدور خطة التنمية الخمسية التاسعة يعتبر الحدث الأبرز، ذلك أن هذا الحدث جاء في مرحلة تهيأت فيها الظروف الملائمة لتحقيق أهداف هذه الخطة، حيث تم التركيز على تأهيل وإعداد القوى البشرية من خلال التوسع في إنشاء الجامعات ومعاهد التدريب وتطوير المناهج وبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي ونحو ذلك من البرامج التعليمية المتطورة مما يضمن وجود الكوادر المؤهلة لتنفيذ الخطة بشكل سليم ومدروس؛ في الوقت الذي تدور فيه عجلة الحاضر مليئة بالنتائج المبهرة مثل إنشاء الطرق والمصانع ومعالجة المشاكل الاجتماعية كالفقر والإسكان والبطالة والعمل على تحقيق الرعاية الصحية الشاملة، ولهذا كانت الخطة الخمسية التاسعة حدثاً فريداً وبرنامجاً طموحاً، سواء من خلال المبالغ المقدرة لتنفيذها والتي قدرت بمبلغ (1.440.000.000.000) ألف وأربعمائة وأربعين مليار ريال مما يجعلها الأضخم في تاريخ المملكة، أو من خلال أهدافها المرسومة المتمثلة في تسريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية المستدامة وتحقيق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة وتحسين مستوى معيشة المواطن والارتقاء بنوعية حياته، والعناية بالفئات المحتاجة، وتنمية القوى البشرية، والتوسع في تنوع مصادر الدخل إلى آخر أهدافها الطموحة البالغة (ثلاثة عشر هدفاً)، كل هذا في إطار واضح المعالم يعتمد أولاً وأخيراً على الحفاظ على ثوابت الدولة المتمثلة في الالتزام بالشريعة الإسلامية منهجاً ودستوراً والإسهام في بناء حضارة إنسانية في إطار القيم الإسلامية السمحة بمثلها الأخلاقية الرفيعة، وترسيخ أسس الدولة وهويتها وأرثها العربي والإسلامي. إن اليوم الوطني لهذا العام يعتبر بلا شك علامة بارزة في تاريخنا إذ إنه يأتي وقد حققت بلادنا المباركة قفزة كبيرة نوعية من التطور والنماء في شتى المجالات يشهدها القاصي والداني، ثم توجت هذه الإنجازات بصدور الخطة الخمسية التاسعة التي هيئت لها كافة عوامل النجاح وستحقق أهدافها المرسومة بإذن الله. وهذا في واقع الأمر لم يكن ليتحقق لولا أن البلاد ولله الحمد تنعم بعناصر الأمن والأمان والاستقرار، ويأمن فيها المواطن والمقيم على ماله ونفسه وعرضه.. كيف لا وقد سخرت الدولة كافة الإمكانات المادية والبشرية لضمان أمن وسلامة كل من يعيش على تراب هذا الوطن الغالي حتى أصبحت بلادنا واحة أمن وأمان ورخاء وازدهار، بفضل الله سبحانه وتعالى ثم التوجيها السيديدة لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- وجهود القائمين على وزارة الداخلية، وفي مقدمتهم صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز نائب وزير الداخلية وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية -حفظهم الله- الذين نذروا أنفسهم ووقتهم لخدمة دينهم ومليكهم وطنهم. وفي الختام، أسأل الله أن يعيد علينا هذه المناسبة المباركة أعواماً عديدة على بلادنا الغالية وهي سائرة بقوة وثبات نحو التطور والرقي في مختلف المجالات والميادين في ظل بيئة آمنة ومستقرة تكلؤها عناية المولى عزّ وجل ورعايته.