كنت في العاشرة من عمري حينها كنت أتعالج من حمى الروماتيزم، وقتها وصلتني باقة ورد لم أر مثلها ولا في حجمها .. كان معها ورقة صغيرة مكتوب فيها « صديقي الصغير بندر .. أتمنى لك الشفاء العاجل « أخوك د. غازي .. عرفت أنه ذلك الرجل الوقور الذي أراه دائماً في التلفزيون والجرائد، وأسمع عنه كثيراً من أخي أبي شيهانة رحمهما الله جميعا.. الآن فقط نحس بقيمة من نفقد.. نعرف أنّ الحاضر إحساس من الجنون.. نعرف أن المستقبل قد نقص عموداً أساسياً.. نعرف كيف نهدي عمود الكلمات... نعرف كيف نصنع الأبجدية... نعرف كيف نرسم حزن الغيوم الرمادية.. نعرف كيف نرحب بالحزن بعقر دارنا من أجل من رحل.. نعرف كيف هو مؤلم معنى الفاجعة.. بعدك يا صديقي... تدلّت عناقيد العنب ولم يقطفها أحد... قطفنا الورد ولم يهدنا أحد... كتبنا قصائد ولم يسمعها أحد... أبحرنا بسفننا وأبعدنا.. عدنا ولم يفقدنا أحد... ستظل كالقصيدة لكل شاعر... وكالقلم لكل كاتب... وكالريشة لكل رسام... وكالمعنى لكل أغنية... وكالغيم لكل سماء... وكالقبلة لكل عاشق.. وكالصديق الوفي لكل «صالح».. وأفضل من يخفف المرض عن كل «بندر».. سنشتاق إليك شوق الغصون للعصافير.. وشوق العيون لمن تحب... كشوق كل من فقد الأبوة.. سأبحث عنك بين أبيات قصائدي... بين سطور كلماتي... بين دمعتي وآهاتي... بين المطر والغمامة.. والأمل وعش الحمامة... بين الشاي المعطر... ورسائل اليمامة.. بين الحب والإنسان.. بين الأزرق.. والمستحيلات الخمسة... بين الكاميرا والقلم... والحب والألم... سأبحث عنك بين ابتسامة وفرحة العيد.. بين الأطفال والبراءة.. كيف سنواري دمعة الفراق بابتسامة العيد... أبا يارا... كل عام وطيف بخير... بندر عبد الله صالح العزاز