رحلتِ من هذه الدنيا الفانية إلى آخرة باقية، من دنيا التعب والألم والمرض إلى جنة الخلد ومُلك لا يفنى بإذن الله، رحلتِ وتركتِ وراءك فراغاً كبيراً للقريب والبعيد، للأبناء والبنات، للمساكين والأيتام، رحلتِ أيتها الأم الغالية بعد رحلة صبر وجهاد وبذل وعطاء، رحلتِ بعد أن أضناك التعب وانهكك المرض، فقد عانيتِ من شظف العيش وقسوة الأيام وصبرتِ وتحملتِ حتى غيَّر الله من حال إلى حال، ربيتِ أبناءك وبناتك على الإيمان بالله والطاعة والمحافظة على النعمة وصلة الرحم وتلبية دعوة الأقارب والجيران.. دائماً تحثينهم على الصلاة على الموتى على من يعرفون ومن لا يعرفون، رحلتِ أيتها الأم الغالية والكل يذكر مناقبك ويترحم عليكِ ويدعو لكِ، فقد كنتِ في مرضك صابرة محتسبة الأجر والثواب على ما أصابك.. كنتِ امرأة قوية صابرة يُضرب بك المثل في الاستقامة والطيبة والتسامح والنفس الكريمة. لقد انطفأت شمعة مضيئة في أرجاء منزلنا فعمَّ الحزنُ الزوجَ والأبناء والبنات والإخوان والأخوات والجيران والعشيرة والمحبين لمكانتك العالية في القلوب.. رحم الله والدتي وحبيبتي الغالية (صالحة بنت فايع آل عواض) التي يحق لنا نحن أبناءها أن نفخر ونعتز بها، فهي القدوة والمثل لكل شيء حسن وطيب، ذات المروءة والوجه البشوش المتسامح، كانت تسعى دائماً وأبداً نحو الخير، لقد عاشتْ -رحمها الله- كريمة عزيزة ورحلتْ عزيزة كريمة. عزاؤنا الوحيد يا والدتي ما خلفت لنا من سيرة عطرة وطيبة التي ستبقى مضرب مثل بالأم المثالية الرائعة المتدينة صاحبة الأخلاق الرفيعة، ونحن سنظل بإذن الله ثروة لك بعد الممات سندعو لك في كل وقت وحين ولن نقطع الوصال والدعاء. إنَّ العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أم محمد لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي ربنا (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون). أسأل الله العلي القدير أن يتغمدك بواسع رحمته، ويجعل قبرك روضة من رياض الجنة، وينزلك منزل الأنبياء والصديقين والشهداء، وأن يجمعنا وإياك في جنات النعيم في مقعد صدق عند مليك مقتدر.