ونحن على أعتاب القرن الواحد والعشرين نستشعر حاجتنا إلى تطوير مناهجنا وأساليب تعليمنا وطرق تدريسنا بما يواكب التقدم الهائل في كل ميادين الحياة وإن كانت الاتجاهات التربوية الحديثة تنادي بتعزيز مبادئ من التعليم حديثة تخضع للتعلم الذاتي للطالب وتحصيل المعرفة من مصادرها الاساسية وتنويع مصادر التعلم وهدم الاسوار التي جعلتها المدرسة من حولها وفتح أبوابها للمجتمع الا ان اكثر ما ركزت عليه هذه البحوث والدراسات التربوية في مجال تطوير عملية التعليم والتعلم هو تربية الابداع في المدارس بحيث يدرب المعلم أو المعلمة طلابه على التفكير والقدرة الابداعية كحالة حين يدربه على مهارات القراءة والكتابة والرياضيات وبرمجة الحاسوب, فالتعليم الابداعي يختلف عن التعليم العادي بعمق أثره في تطوير السلوك وتعديله فهو عملية يشعر من خلالها المتعلم بالمشكلات أو الثغرات والعناصر المفقودة أو التناقضات الموجودة في المعلومات التي يحصل عليها والذي يتلخص في أهداف يسعى المعلم من خلالها إلى: رفع مستوى الوعي لدى الطلبة بالابداع واكسابهم الاتجاهات الابداعية, زيادة الوعي بالقدرات الابداعية وحسن استخدامها, تنمية قدرات الطلبة الابداعية وذلك من خلال الممارسة لبعض المهارات والاساليب الابداعية لهذه القدرات مثل الطلاقة، المرونة، الاصالة,, وغيرها, تطوير قدرة الطالب على الاحساس بالمشكلات من خلال حفزه على اثارة الاسئلة العديدة عن ظاهرة معينة والتنبؤ بنواتج عمليات حل المشكلة وتقويمها وبتدريبه على الكثير من المهارات الاخرى ذات العلاقة بالابداع مثل التركيب والتخطيط والقدرة على الاستنتاج والتفكير الناقد وغيرها. ويتطلب التدريس الابداعي من المعلم ان يسمح لطلبته بأن يعملوا في مشروعات مستقلة تساعد الطلبة على ان يكتسبوا اتجاهات ومهارات جيدة لحل المشكلة في الابداع مثل الاستقلال في العمل وتحديد المشكلة وجمع المعلومات وتوليد الافكار والتقويم واتخاذ القرار والاتصال. كما يتطلب التدريس الابداعي ان يركز الطلبة على التفكير في الاستعمالات غير العادية للأشياء والتفكير في الطرق اللازمة لتحسين أو تطوير الاشياء او الموضوعات بشكل غير مألوف كأن يسأل طلبته اسئلة غير عادية تشجعهم على الانطلاق في التفكير او كأن يدعم اساليب التعلم الذاتي من خلال حثهم على استخدام وتوظيف مصادر المعرفة المختلفة كالكتب والرسوم وغيرها, كما أن المناخ الصفي له دور في خلق تفاعل بين المعلم والطلبة وفي تشجيع الابداع وتدعيمه حيث يتميز هذا المناخ بالتوجيه والارشاد الواعي من المعلم والاصغاء الجيد لأفكار وأسئلة الطلبة وبكل تشجيع ويتصدى لما قد يتعرض له الطلبة من سخرية من زملائهم أو نقدهم بحيث يكوّّن شخصية ادارية وقيادة تعمل على تنظيم الجو التعليمي في الصف بما يخدم ابداع الطلبة. أساليب تربية الإبداع في مدارسنا ويمكن عمل الكثير في مدارسنا لتهيئة بذور الابداع بشرط تنويع حالات وامكانات الابداع عمليا، وأدبيا، واجتماعيا، وعمليا تطبيقيا بعيدا عن التحيز في الانتقاء أو الرعاية لفئة دون اخرى، والاهتمام بمستويات السلوك الابداعي وعدم الاقتصار على ذلك التفوق النادر التكرار, وفيما يلي بعض هذه الاساليب: 1 التوعية بأهمية الابداع لدى الطلاب وأولياء الامور، مما يتطلب حملة فعلية، وليس مجرد الاقتصار على مناسبة معزولة وهنا يحتل منهج حل المشكلات مكانة هامة في تدريب الاساتذة على الاكتشاف، والرعاية,,, الخ. 2 تأسيس تقاليد الجهد المنظم المستمر، والنجاح من خلال العمل الدؤوب وتجاوز النجاح السهل بأي ثمن ولا بد من تعزيز صورة الانسان الصانع المنتج وهو ما يتطلب تحويل العملية الدراسية وبمختلف الوسائل من الدراسة من اجل الاختبار إلى التربية من اجل تكوين الشخصية, ويستلزم ذلك بالضرورة ربط التعليم بالحياة في المحتوى والاساليب والتوجهات، والتفكير في كيفية ربط كل من المواد الدراسية بوظيفة عملية ملموسة وتؤدي إلى نتائج، من مثل ربط العلوم بالاختراعات وتطبيقات (التكنولوجيا) وتحويل المادة الدراسية الى خبرة فعلية تطبيقية يشارك الطالب في صناعتها ويتلمس آثارها في نفسه تقدما فعليا. 3 تحويل طريقة التدريس من التلقين الفوقي لمعرفة تطلب اعادة انتاجها في الاختبار، إلى تعلم نشط بالمشاركة والممارسة، واستثارة الاسئلة والتساؤلات وطلب التعليق على الافكار، والتعبير عن وجهة النظر، وتعليل الظواهر، وتوليد اكبر عدد من الافكار حولها، وتعزيز البدائل الاصلية في الاجابات ومكافأة التساؤلات المبدعة. 4 التركيز على اثراء محتوى عملية التعليم بحث تشتمل على رصيد علمي وثقافي واسع ومتكامل في آن معا فالمعرفة الغنية المتنوعة والمتكاملة هي وحدها التي تشكل خزان المادة الخام التي يتزود منها الابداع ويعمل عليها, عليه فلابد من اعطاء عناية خاصة لمنهج تحليل المشكلات وحلها، وتدريب الاساتذة والطلاب عليه جميعا لتنمية مهارات التفكير العلمي. 5 التعليم النشط يقوم على ممارسات عملية مثل ورش العمل والمشاريع، وحلقات البحث وأسلوب حل المشكلات والنشاطات اللامنهجية، والمناسبات والمعارض والرحلات العلمية الاستطلاعية، والاهتمامات التراثية، والأندية العلمية والادبية وتنمية الميول المتعلقة بها، وهو يرتكز على طريقة العمل في الفريق وتنمية روح الجماعة المنتجة. أخيراً ما نؤكده على ان اهتمام المعلم بأسلوب التدريس المناسب البعيد عن التقليدية سيوجد معلماً مبدعاً في عمله وطلبة مبدعين في مستقبلهم.