يواجه الأطباء مشكلة عدم التزام المريض بمواعيد أخذ الدواء في وقته المحدد، أو إساءة استخدامه. والاستخدام الخاطئ للدواء قد ينتج عنه أضرار صحية بالغة الخطورة، وأبسطها تناول حبة (مسكِّن) بجرعات كثيرة فيؤدي لتسمم الجسم بالبارستامول مما قد يسبب الوفاة. ومثلما للدواء جانب إيجابي للعلاج والشفاء فله مضار سلبية على الجسم. والمؤسف اضطلاع بعض الصيادلة بصرف أدوية للمرضى وممارسة دور الطبيب خاصة في صرف المسكنات بحجة أنها آمنة، بعد أن يبرئ ذمته بطرح عدة أسئلة تقليدية. وفي علم الصيدلة يقسَّم صرف الدواء لعدة أقسام منها: صرف الأدوية بموجب وصفة طبية وتشمل الأدوية النفسية والعصبية. وهناك أدوية تصرف بنشرة طبية للمرة الأولى فقط ثم يكررها المريض دورياً دون وصفة مثل أدوية الضغط والسكري والقلب، أما الأدوية التي تصرف بوصفة طبية حسب حالة المريض فمنها أدوية الالتهابات أو الأمراض الجلدية أو الحساسية وغيرها. والقسم الأخير هو الأدوية التي لا تحتاج لوصفة طبية لصرفها مثل أدوية الزكام والصداع والسعال والآلام الخفيفة. ورغم تلك التقسيمات الصارمة، إلا أن هناك تجاوزات من لدن الصيادلة، وعشوائية في استخدام الأدوية من غالبية المرضى، حتى أصبح من المعتاد أن يطلب المريض من الصيدلية دواءً معيناً قد تناوله سابقاً أو سمع عنه من أصدقائه، أو يكتفي بشرح حالته للصيدلي تهرباً من زيارة الطبيب بسبب خوفه من تهويل مرضه أو تجنباً لدفع فاتورة الكشف. أو أنه يقرأ النشرة الطبية المرفقة مع الدواء دون استشارة الطبيب، وإن كانت النشرة تزوّد المريض ببعض المعلومات إلا أنها لا يمكن أن ترشده عن كيفية تعديل الجرعة أو إيقاف تناول الدواء. ولا بد من التنبيه لمخاطر سوء استخدام الأدوية أو صرفها دون استشارة الطبيب، وخاصة للأطفال، فكثير من الأدوية يتم التخلص منها عن طريق الكبد والكلى وهي عادة غير مكتملة النمو عند الطفل، إضافة إلى وجود بعض الأمراض التي تحتاج لتعديل جرعة الدواء مثل أمراض القلب أو الكبد والكلى، وهناك أمراض أخرى يُمنع معها تناول بعض الأدوية مثل فقر الدم لتسببها بحدوث تكسّر في كريات الدم. وأخذ الدواء بكميات غير مقننة أو وفق المزاج هو أمر خاطئ؛ لأن كثرة الدواء تؤدي لاختزانه في الكبد فيؤثّر على عمل الكلى ومنها الحديد كأحد المقويات، والأمر يسري على بعض الفيتامينات، فالإسراف في استخدامها يفضي لأضرار سيئة، وكذلك كثرة استخدام أدوية الكالسيوم أيضاً يؤدي إلى تكلّسها في الكلى. لذلك فالطبيب وحده هو القادر على وصف الدواء المناسب لمراعاته جميع الاحتياطات اللازمة، كما أنه هو الذي يقرّر متى يوقف تناول الدواء عند حدوث مضاعفات. والملاحظ كثرة طلب الشباب والمراهقين لأدوية مكافحة السمنة رغم مضارها الكبيرة وتأثيرها على القلب والأوعية الدموية والعظام، كما يقبلون على الأدوية النفسية بحجة الخوف والقلق وقلة النوم فيصرف لهم الصيدلي أدوية هي بالأساس فاتحة للشهية وجالبة للنوم فتجمع السوائل تحت الجلد. وأول أعراض هذا الدواء انتفاخ الوجه واستدارته، وتسمى هذه الحالة (وجه القمر) التي يفرح الشباب بنتائجها فيداومون على استخدامها، وبعد مدة يتحول الجلد للون الأحمر وتضعف المناعة وقد تؤدي لتوقف الكلى. ورغم أن القوانين الدولية تمنع نشر إعلانات عن الأدوية بأنواعها أو الدعاية لها بوسائل الإعلام إلا أننا نشاهد تلك الإعلانات بالذات منتشرة بطريقة مزعجة. إن نشر الوعي حول كيفية الاستخدام الأمثل للدواء هو مطلب شرعي واجتماعي ووطني، ويحسن بجميع وسائل الإعلام تكثيف التوعية وتوضيح مخاطر الاستخدام الخاطئ والعشوائي للأدوية؛ لأن لها مضار آنية ومستقبلية على الجسم، مع ضرورة الرقابة الصحية من قبل وزارة الصحة على الصيدليات التي تحولت إلى محلات تجارية بحتة دون النظر لصحة البشر!! www.rogaia.net [email protected]