ما كان ينبغي للشيخ العودة أن يشير إلى كلمة (فساد) بصورة مطلقة في برنامج الحياة كلمة على قناة ال(إم بي سي) الجمعة الماضية حول الآثار التي خلفتها سيولالرياض مؤخراً، ليس من باب منع الحديث عن هذا الموضوع، وليس من باب منع أحد من الكلام، وليس من باب تغيير الحقائق، ولكن من باب عدم الإثارة والتهييج، ولاسيما عندما تخرج الكلمة من شخصية لها مكانتها الإعلامية والجماهيرية ومن خلال برنامج ذائع الصيت يشاهده العالم العربي، فالشيخ العودة لا يتحدث إلى فئة قليلة أو أشخاص معينين، وإنما إلى ملايين من الناس ما يجعل كلمة (فساد) تستغل بشكل أو بآخر من الاتجاهات المعادية للمملكة أو من الدخلاء الذي يضمرون سوءاً لشعبنا، أو من الإرهابيين الذين يجدون في كلمة عالم دين فرصة لتمريرها للناس بما يخدم مشروعهم الإرهابي، فهذه الكلمة عندما تصدر من شيخ يحترمه الكثير، فإنها تكون أكثر تأثيراً لمن يريد زعزعة مكانة المسؤولين في منطقة الرياض في نفوس الأهالي، وهذا ما لا نتوقعه مطلقاً فالخدمات التي قدمتهما الإمارة والأمانة على مدى السنوات الطوال سنظل مدينين لها ما حيينا، ولن يزعزعها حادث عارض يمكن التعامل معه كما هو، وليس كما يتخيله البعض أو يستغله المناوئون. هذا الشيء يجعلنا نؤكد باستمرار أن الحديث للإعلام فن وذكاء ومهارة يحتاج إلى عقلية دبلوماسية وسياسية قادرة على تقدير الموقف من جميع أطرافه، فكلمة (فساد) لا نقول بمنع الحديث عنها بقدر ما نقول بأهمية التعامل معها إعلاميا بذكاء بالشكل الذي يمكن أن نوصل رسالتنا من دون أن نعطي فرصة للخصوم بأن يجعلوا من هذه الكلمة سكيناً يطعنون بها مبدأ الوحدة الوطنية التي نؤكد عليه باستمرار. كانت مداخلة سمو أمين منطقة الرياض د. عبدالعزيز بن محمد بن عياف في محلها في برنامج الحياة كلمة، وقد وفق كثيراً في الإشارة إلى أن إطلاق كلمة (فساد) بصورة تعميمية أمر لا يمت للحكمة الإعلامية بصلة، وقال إن أبواب الأمانة مفتوحة على مصراعيه لمن يريد أن يبحث عن المعلومة الصحيحة بعيداً عن التكهنات والإشاعات، وهذه المداخله من سموه الكريم تؤكد قرب المسؤول من الناس وأنه يعيش معهم همومهم، حيث فتح سموه الكريم خطاً ساخناً للتواصل مع المواطنين والتوجيه بإنقاذ الموقف حالياً ولاحقاً، وقد أعطت المداخلة فرصة لأن يراجع العودة نفسه من خلال معرفة ما يقال على وسائل الإعلام وتحديداً في القضايا الحساسة التي تحتاج إلى حكمة وروية وبعد نظر وهذا لا يطعن في حنكة الشيخ العودة ولكنه ربما كان محملاً بردود الفعل السريعة التي لم تقدر الموقف كما يجب، وحتى لولم يشر الشيخ العودة إلى أشخاص معينين في قضية الفساد، ولكن مجرد طرحها بصورة مطاطة قد تثير نوعاً من البلبلة وتحديداً عندما بدأ بها حديثه بدون مقدمات ولا سؤال. نحن نعرف مكانة الشيخ العودة ونعرف خطابه المتوازن في كثير من القضايا ونعرف جماهيريته وحرصه على الصالح العام، ولكن لا يعني هذا ألا نتداخل مع شيخنا الفاضل الذي نحبه كثيراً، فهو الآن يختلف عن السابق، فليس له الآن أتباع متطرفون يمطروننا بالرسائل النصية عندما نتداخل معه في قضية ما، ولا نتوقع أنه سيجعل من نفسه مقدساً لا يجوز المساس به كما هو الحال عند المشايخ المتطرفين الذين لا يقبلون النقد والمداخلة، إنه الآن يعرف أن قوله يمكن أن يؤخذ منه ويرد، وهذا ما يجعلنا نتواصل مع شيخنا الفاضل بكل حبٍّ ومودة، في حين نقدر لسمو الأمين حرصه على توحيد كلمة الأهالي وحكمته التي عرف بها في إدارة أعمال الأمانة وقدراته العالية في التعامل مع الأفراد بفن وحب واحترام، والذي يعرف سمو الأمين جيداً لا يملك إلا أن يقف له احتراماً، فالرياض في زمنه خطت خطوات متقدمة لا تضاهى، بتوجيهات كريمة من سمو أمير المنطقة حفظه الله. [email protected]