لم يبق لنا في ظل موسم الأمطار واستعداداتنا الفاشلة، إلا أن نلوم المطر أو التقلبات المناخية، أو حتى ارتفاع درجة حرارة الأرض الواضحة في ضرب المناطق السكنية المتواضعة، وذات الدخل المحدود، أو الفقيرة، وفقاً لنظرية الجنوب الفقير والشمال الغني، ونظرية التميز التي دعمتها التقلبات المناخية العالمية، وهذا لا يجوز. الحكاية تكررت في الرياضوجدة، وحدثت بشكل أسوأ في بيشة وتهامة، لكن لنتذكر أيضاً أن ما حدث في الرياض من مشاكل واحتجازات وخسائر شملت في الغالب المناطق الشرقية والجنوبية من العاصمة، وما حدث في جدة شمل أحياء معروفة بعشوائيتها، وكأن العشوائية قضية اختيارية للمواطن، والذي يمكن له البناء في أي موقع يريد، وفي ممرات الأودية والشعاب، دون تراخيص أو أذونات أو صكوك شرعية. الخسائر في الأرواح كما الخسائر المادية تركّزت في مناطق تعرف بالتواضع في الخدمات، وطبعاً بأسعار الأراضي والعقار الأقل مقارنة ببقية الأحياء الراقية والمرتفعة والواسعة الشوارع والممرات والطرقات النظيفة والمعقمة، وهذا ما يؤكد - أقولها مداعباً! - نظرية المؤامرة المناخية مع ارتفاع درجة حرارة الأرض وسخونتها! ومن الظلم أيها السادة، الاعتقاد بأن المشكلة تكمن في التمييز في توزيع مشاريع البنية التحتية وتفضيلها للأحياء الراقية ذات الشوارع الفسيحة، كما أن التمييز لم يكن في عوامل مناخية واحتباس حراري، ولكنها في أجهزة الفاكس، وتعطل هواتف مراسلي الصحف المحلية، وكاميرات التلفزيون السعودي، الذين لم يأتوا على لقطات اليوتيوب التي حملتها الإنترنت، لسيول جارفة في بيشة دمرت سدوداً ومزارع وبيوتاً متواضعة بأعداد كبيرة، كما هو الحال في سيول تهامة التي عبرت الأودية وبين الجبال بسرعة متناهية وسحبت في طريقها عدداً من البشر والشجر والمساكن. فهل نقول شكراً للأمطار -كما يردد الجميع هذه الأيام، والتي كشفت لنا الظروف المناخية وعيوب وسائل الاتصال، فيما أن البلديات والأمانات والتخطيط العمراني هو المنصف والعادل، أم نشكر المطر الذي وهبنا فرصة لإعادة خطط التنمية التي تحمي الإنسان من احتمالات الأخطار البيئية....؟ إلى لقاء