حينما ترد كلمة الهيكل أو الهياكل، ربما قد تفزع أو تجفل، لأن أول ما يتبادر إلى مخيلتك أمر الموت والفناء والعياذ بالله.. ذلك المتمثل في الهياكل العظمية أو الجماجم التي تذروها الرياح، في وقت يأتي فيه استدعاء صورة الهياكل هذه من قبيل التنظيمات واللوائح والإجراءات الإدارية التي تعد في الغالب محوراً مهماً في الكثير من الأنظمة في حياتنا لا سيما ما له علاقة في تفصيلات المهام والواجبات وتصورات البناء الإداري الذي يعاني لاشك من قصور وإهمال وعدم تنظيم. فالهيكل لم يعد هو ذلك الشبكة العظمية لمخلوق نافق إنما بات تخطيطاً وتنظيماً يعرفه الجميع، إلا أننا بتنا نجفل منه كإجفالنا من صور الموت حينما نتأمل تجارب بعض الجهات والقطاعات على نحو الهيكل الوظيفي أو التنظيمي أو الهيكل العام أو ما إلى تلك الهياكل التي لازمت تجاربنا التنظيمية فباتت في الغالب عبئاً تنظيرياً ثقيلاً على المشروع التطويري بل ربما أضحت هذه الهياكل لا نفع فيها أو فائدة مرجوة منها حيث نراها وقد حشرت في الكثير من التعاميم والقرارات دون معنى يمكن أن يترجم في مصلحة العمل الإداري على وجه التحديد. ولنكن أكثر قرباً من هذه الهياكل التي لا زالت تنتصب دون فائدة، فبعد عقود من التنظير الذي لا يكف عن التحذير، وبعد إنجاز تلال من الدراسات وتحرير وكتابة وأرشفة الكثير من النتائج للبحوث والاجتماعات اكتشف القطاعات الصحية وقبلها التعليمية والشؤون الاجتماعية لدينا أن الهياكل التنظيمية لهذه القطاعات لا تتطابق مع المهام بمعنى أننا وعلى مدى هذه السنوات كنا نشخص الحالة فقط، ليظل النظام مجرد هيكل نخر الموت جنباته وقوض الانتظار أركانه وضاعفت البيروقراطية من وجوده فيصبح مع الوقت مجرد هيكل عظمي تذروه الرياح فحسب. فالحق أن أي تنظيم إداري أو فني لا يمكن أن يخلو من هذا الهيكل التنظيمي أو ذاك، إلا أن هذا الهيكل لا يمكن أن يكون مناسباً أو مطابقاً لأن هناك من يقوم بترقيعه أو تجميعه على نحو سد ثغراته بأي تنظيم وقتي وآني لا يحل المشكلة إنما يبقيها قائمة على علاتها. فالجهات التي كشفت أخطاء «هياكلها التنظيمية» هي أهم القطاع الخدمية في حياتنا.. تلك التي تتمثل في الصحة والتعليم، والله عليم بأمر الشؤون الاجتماعية التي لم يعد فيما يبدو أن لها أي هيكل تقوم عليه إنما قد بنيت وأعدت في العراء، فلم تعد الهياكل فيها مفيدة أو نافعة. هناك من القياديين وأصحاب القرار في بعض الجهات الخدمية من ينظر إلى مسميات التطوير أو إعادة الهيكلة على أنه شر مستطير أو فاجعة قد تحل به وبمن حوله، فكان سد الذرائع أن ترمي الإدارات هذه الأنظمة والهياكل وراء الظهر، أو تلقى في الخِرج أو أي مكان مغبر لا تخرج منه أبداً. أعداء التطوير الإداري كثر رغم تحولات التقاعد وتبدلات الإعفاء والتعديل والتسريح فلا بد لنا أن نتيقن أن هناك فئات لا تزال تمارس الحضور القديم حتى ولو من خلال أي عقد عمل يكفل لها التواصل مع آلة القمع لأي تطوير، فهم يبقون ما بقيت هذا الهياكل التنظيمية المعطلة بل ربما نراهم يحرصون على أن تكون هذا الهياكل والتنظيمات مجرد حبر على ورق أو مجرد تنظير لا يفيد. [email protected]