هناك بعض الأحباء الذين لا يمكن نسيانهم خاصة إن كانت تربطك معهم علاقات ود وتقدير بحكم العشرة الطويلة وقد عاشرت صاحب السمو الأمير فهد بن سعود الكبير الذي انتقل إلى جوار ربه خلال الأيام الماضية بعد أن غيّبه الموت وغابت معه لمحاته النبيلة.. كنت شاهد عصر بحكم معاصرتي له في حياة والده الأمير سعود الكبير وأخيه الأمير محمد بن سعود الكبير وجميع إخوانه. فقد عشنا في مكان واحد في الرياض والحجاز و(طلعات القنص).. وحظيت منهم بالتقدير والحب والوفاء والاحترام ليس وحدي ولكن مع كل من كان يعيش في كنفهم. غيّب الموت الأمير الإنسان فهد بن سعود الكبير.. فالحياة تنتهي بالموت ولكن تبقى الأعمال الصالحة هي السيرة الممتدة إلى أن تقوم الساعة. السجايا والقيم الأصيلة وخيوط الخير كان يمسكها سمو الأمير فهد بن سعود الكبير الذي فارق هذه الدنيا الفانية إلى رحمة الله الواسعة.. فقد عانى سموه من المرض طويلاً لكنه احتسبه قد قابله بالصبر والرضا بما قدره الله عليه، وطيلة معرفتي بسموه فقد كان محفوفاًً بأسرته وأصدقائه وكل من يحتك به، وكان كريماً؛ دائماً ما يبحث عن المحتاجين لمساعدتهم ومد يد العون إليهم، وقد كانت الابتسامة حاضرة وقلبه واسعاً متواضعاً فالناس لديه سواء يقدر الكبير ويحترم الصغير ويعطف على الفقير ويحاول بكل ما يستطيع أن يتحسس أصحاب الحاجة الذين فيهم صفة التعفف.. هذا السلوك لم يأت من فراغ، بل من تربية اكتسبها من والده -رحمه الله- قوامها مخافة الله التي هي سمة هذه الأسرة الكريمة. ولا شك أن وفاة المغفور له -بإذن الله تعالى- الأمير فهد قد ترك فراغاً وخسارة كبيرة لأسرته ومحبيه لما عرف عنه من خصال وسجايا يعرفها القاصي والداني وقد أوردت البعض منها، ويخفف من فقدانه وجود أبنائه البررة الذين يعتبرون امتداداً له وكما ذكر نبي الرحمة في حديثه -صلى الله عليه وسلم-: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث، ابن يدعو له أو صدقة جارية أو عمل ينتفع به) وقد ترك الأمير فهد كل هذه الصفات والتي أدعو الله أن تكون له شفيعاً في آخرته.. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.. و(إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعون)، وصلى الله على نبينا محمد.