سبحان الحي القيوم، سبحان من لا تأخذه سنة ولا نوم، القائل في كتابه العظيم، المنزل على النبي الكريم، (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ ). لن نقول وداعاً بل إلى لقاء، في جنة عرضها الأرض والسماء، في ظل رحمة الرحيم، في جنات خلد ونعيم، بإذن الواحد الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا. عندما شاهدت الجموع الكبيرة في الجامع والمقبرة وأثناء تقديم العزاء، تذكرت حديث الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم «إذا أحب الله عبدا أحبه الناس»، فحقاً لقد عوضه الله حب الناس ودعاءهم الصادق له، فقد كان الجميع متأثراً والكل يتقبل العزاء لأن الفقيد ليس فقيد أهله فقط، بل فقيد الناس جميعاً، فعزى الناس أنفسهم قبل أن يعزوا أهله. لقد فقدت محافظة الزلفي أحد شبابها الصادقين الأوفياء، صاحب القلب الكبير وصاحب العلم الوفير، الذي سخر نفسه لخدمة دينه ثم مليكه ووطنه، فكان مثالا يحتذى به خلقاً وعلماً، فقد خدم في كل مجال وأبدع أيما إبداع، فكان بحق نعم المؤمن الصادق والمواطن الصالح الذي لا يعرف الكلل والملل، كرس حياته للعلم ثم العمل، أحب الناس فأحبوه، وكان شعاره دوماً «اعمل معروفاً ولا تنتظر الشكر». حتى من زاره أثناء مرضه العضال أيقن بحجم الإيمان الكبير داخله، ومدى رضاه التام بما كُتب له من ربه سبحانه وتعالى، فحقاً إنه مثال المؤمن الصابر والمحتسب بالقضاء والقدر، البشوش في وجه من زاره رغم الألم العظيم مخفيه بابتسامة متفائلة بمستقبل لم يكتب له به الشفاء بل اختاره الله إلى قربه، فوالله إنا على فراقه لمحزونون ولكنها حكمة الله وسنة الحياة. رحم الله الغالي ابن الغالي عبدالرحمن بن محمد المنيع رحمة واسعة وأدخله الجنة بلا حساب وجعله من أهل الفردوس الأعلى. فقد تعليم الزلفي أحد رموزه المخلصين، وأحد أركانه المتفانين، فقد الشخص المثابر المجتهد، المخلص في أداء العمل، وتوصيل الرسالة بكل إخلاص وأمانة. عزاؤنا الوحيد أنه مات شهيدا بإذن الله تصديقا لقول المصطفى عليه الصلاة والسلام كما رواه أبو هريرة (الشهداء خمسة: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله)، فقد مات مبطونا فنحسبه والله حسبه من الشهداء. لقد فقدنا شخصاً محترماً للكبير، وعطوفاً على الصغير، بشوشاً في وجه الناس، محباً للغير، متصدقاً ومنفقاً بكل وقت بابتسامته وماله، كما جاء في الحديث الصحيح عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «ابتسامتك في وجه أخيك صدقة». لا أدري كيف أحدثك عن خالك عندما تكبر يا زياد، فلن تستطيع الحروف أن توفيه حقه، ولن تقدر الكلمات أن تحصي خصاله، ولكنني سأختصر لعلها توفيه جزءا من حقه «لقد كان لك خالاً يمتلك قلباً كبيراً مؤمناً وصادقاً قلماً تجده في هذا الوقت». تغمده الله بواسع رحمته، وأسكنه فسيح جنته، وجعل قبره روضة من رياض الجنان، ورزق أهله الصبر والسلوان، إن ربي سميع مجيب، وإنه من عباده دائماً قريب.