ودعت عنيزة يوم السبت الماضي 1-4-1427ه أحد أبنائها البررة ورجالها المخلصين الذين أفنوا سني عمرهم في خدمة دينهم ثم أبناء أمتهم بكل أمانة وإخلاص، ذلك هو الوجيه الشيخ عبدالرحمن بن عقيل بن محمد العقيل (أبو خالد) رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته. ولقد كان الفقيد مثالاً يحتذى في أخلاقه ومعاملته، فعلى قدر كبير من التواضع والسماحة وطلاقة الوجه، كان يلاطف الصغار ويخفض جناحه لهم ويمازح الكبار ويعطيهم قدرهم مما جعله رحمه الله كبير المنزلة عالي القدر وهذا مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من تواضع لله رفعه). والفقيد جامع لكل صفات الرجال الأفذاذ فهو صاحب إحسان، حكيم ذو عقل راجح رزين له نظرة ثاقبة بعيدة لذا فقد لقبه أهل عنيزة ب(الأمير) وحق لهذا اللقب أن يفخر بأمثاله رحمه الله. أحب رحمه الله الخير فبذل ماله وجاهه في مساعدة المحتاجين ولم يكن ذلك إلا ابتغاء ما عند الله تعالى من الأجر والثواب ولقد كانت يده المنفقة وجاهه المبذول سرا أكثر منه علانية {الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ} البقرة 274 جعلك الله يا أبا خالد منهم وتقبل منك. ومن أمثاله رحمه الله يتعلم المرء صلة الرحم، فقد كان يسأل عن البعيد من أقاربه ومعارفه قبل القريب يتلمس أخبارهم ويلمس حوائجهم لعله يسهم في مساعدة أو وقفة أو يبادر إلى تهنئة بمناسبة رغم أنه صاحب الحق في ذلك لكبر سنه وعلو قدره. أسأل الله أن يكتب له أجر ذلك وثوابه. من أجل ذلك وغيره من الصفات الفاضلة والمناقب الحميدة أحب الناس أبا خالد رحمه الله وهذا بلا ريب من علامات محبة الله تعالى لعبده فقد ورد في الحديث الشريف: (إن الله إذا أحب عبداً نادى في أهل الأرض إني أحببت فلاناً فأحبوه. فيحبه الناس) جعلك الله يا أبا خالد من أحبابه وأكرمك بالنظر إلى وجهه الكريم. وعندما مرض كان كل من يعرفه من عنيزة وخارجها يتابعون حاله ويسألون عن صحته إلى أن انتقل إلى جوار ربه صابر محتسباً، {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي} (الفجر 27-30). ولعل الله تعالى أراد لك أيها الفقيد الغالي أن تكون ممن قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: (والمَبْطُون شهيد)، أنزلك الله منازل الشهداء في الجنة. إلى أبناء أبي خالد وأهله ومحبيه أقول: أحسن الله عزاءكم وجبر مصابكم وإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا على فراقك يا أبا خالد لمحزونون ولا نقول إلا ما يرضي الرب {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. وعزاؤنا بعلامات الخير وبشائر الرضا الكثيرة التي منها تلك الجموع التي قدمت إلى جامع فضيلة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى من عنيزة وخارجها للصلاة عليه والدعاء له بالمغفرة والناس شهداء الله في أرضه. اللهم اغفر لأبي خالد وأعلِ منزلته في جنات الخلد، {وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ} (الحشر 10).