يواصل المثقفون والإعلاميون وكل من عرف الراحل الكبير معالي د. محمد عبده يماني تعداد مآثره في الإعلام والجامعة وفي العمل الخيري الذي يغيب عن الكثير، إضافة إلى مؤلفاته الشهيرة عن آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (فقيد العمل الخيري) د. غازي عبيد مدني رئيس مجلس إدارة جريدة المدينة حالياً ومدير جامعة الملك عبد العزيز سابقا يقول: زاملته - رحمه الله - في جامعة الملك عبد العزيز حينما كان مديرها، والحقيقة لقد كان الرجل منتجا ونشيطا يعمل الخير دائماً ورجل قرارات ودائم الابتسامة حتى مع من يتجرأ عليه. كان هادئ الطبع يحب العلم والعلماء ويحب الخير. إنه فقيد الوطن وفقيد الصحافة وفقيد العمل الخيري وفقيد النشر لا أعرف من كتب مثله عن بيت النبوة، فله عدد من الكتب الرائعة في ذلك و- إن شاء الله - تكون في ميزان حسناته. كان أول لقاء لي مع معالي د. محمد عبده يماني - رحمه الله - عند عودتي من أمريكا في العام 1392ه، والحقيقة أن ذلك اللقاء كان (مريحاً) حيث أشعرني وكأننا أصدقاء منذ زمن. وقد تسنت لي معرفة معاليه - رحمه الله - عن قرب، وأذكر هنا بعض الذي أتذكره بعد هذه الأعوام - ثلاثة عقود ونصف - فإنني أتذكر بعض انطباعاتي عنه رحمه الله حيث: - لم أعرف عنه سرعة الغضب، بل كان لطيفاً سمحاً في تعامله مع الجميع، وأذكر جيداً أنه إذا غضب من أحد الموظفين وأراد أن يظهر (زعله) كان يقول: (يا ولدي.. هذا غير صحيح انتبه لنفسك) وكان يقولها بنبرة هادئة وكأنه يتحدث معه حديثاً ودياً. - عرفت عنه النزعة العملية، فقد كان يباشر فوراً في تنفيذ أفكاره، أو ما يقترح عليه: - إذا اقتنع - عرفت عنه كرهه الشديد (للبيروقراطية) والروتين، وكان يؤمن أن إدارة الجامعة يجب أن تتمتع بصلاحيات واسعة. - لاحظت عليه ميله الواضح لعمل الخير، وكان يهب لمساعدة من يحتاج إليه حتى ولو لم يطلب منه ذلك. هذا غيض من فيض، وأسأل الله أن يغفر له وأن يثيبه ويرحمه ويجزل له المثوبة على ما قدم لوطنه لذاكرة الدكتور يماني - رحمه الله - أبعاد عريضة وعميقة كلها وطن وثقافة وتاريخ ومحبة، ولي منها نصيب كبير، ومن ذلك ما حدث في مؤتمر الأدباء السعوديين الثاني في مكةالمكرمة حيث تكالب علي ثلاثة معقبين (امرأة ورجلان) ولقد انقض الثلاثة على المنصة بعد أن طرحت ورقتي وتكلم كل واحد منهم بكلام لا يليق خلقياً ولا علمياً في مشهد ومسمع من الجميع. وقد آثرت حينها تجاهلهم وتركتهم يقولون قولهم دون رد مني؛ لأن كلامهم يرد على نفسه، وشغلت نفسي ووقتي بالتحاور مع المتداخلين والمتداخلات علمياً ومعرفياً، ولكن الأستاذ الدكتور اليماني لم تسمح له غيرته العلمية والأخلاقية أن يترك الأمر ولذا بادر بكتابة مقال رفيع القيمة مثل رفعة صاحبه وبعث المقال إلى ثلاث صحف سعودية ونشر المقال فيها كلها، وفيه إنصاف وشهادة حق من رجل محق وذي ضمير وطني مخلص ولقد شجب تصرف الثلاثة وقال شهادته وكلمته التي يرى وجوب قولها، ولقد تجاوبت مع الموقف وكتبت كلمة بعنوان (وإنصاف ذوي القربى) شكرت فيها صنيعه الذي ما كان ولن يكون غريباً منه ولا عليه، وهو الرجل المنصف والصادق والمخلص وصاحب الضمير الوطني الحر والمؤمن. وكم كنت أرى وجهه وبسمته وبشاشة جبينه وأقول إن هذه طلة تصدر عن ضمير نقي وعن مضمر نوراني يشع الضوء على الوجه البشوش والقلب المحب. فهو - رحمه الله - علامة وطنية وهو صورة لمعنى الوحدة والترابط ومعنى الوفاء والحقيقة. (هنيئاً لفقيدنا الكريم) د. سهيل بن حسن قاضي رئيس مجلس إدارة نادي مكة الثقافي الأدبي قال: في وقت نعزي فيه أنفسنا، ونعزي الوطن، ونعزي الفكر الأصل والثقافة المستنيرة ونعزي أعمال الخير والسعي لخدمة الغير.. فإننا نهنئ معالي الدكتور محمد عبده يماني على هذه الميتة الطيّبة، في هذه الأيام المباركات... التي تتضاعف فيها الحسنات... وتتنزّل الرحمات.. وعزاؤنا في الراحل الكريم، ما له من منجز عظيم وأثر كريم في كل موقع كان فيه، وفي كل مسؤولية كانت عليه، وفي كل أمر أوكل إليه.. فهو رجل دولة ووزارة.. ورجل حكمة وإرادة.. ورجل إخلاص ووفاء.. ورجل خير وعطاء.. ومن النخبة الأصيلة للمثقفين والأدباء.. وبخلقه وسلوكه يصحّ الاقتداء.. وللفقيد الغالي من المناقب والخصال.. ما يقصّر فيها الكلام والمقال.. ولعل ما بقي له من آثار وأعمال.. يؤكد أن الموت لن يفقدنا أمثال هؤلاء الرجال.. رحم الله الدكتور محمد عبده يماني ابن الوطن الأصيل وابن مكةالمكرمة البار، رحمة الأبرار والأخيار.. وأسكنه فسيح الجنان.. وألهم أهله وذويه ومحبيه الصبر والسلوان.. (الابن البار للوطن) الأستاذ سعود بن علي الشيخي المشرف على فرع وزارة الثقافة والإعلام بمنطقة مكةالمكرمة قال: نعم بالأمس ودعنا رمزا وعالما من أشهر علماء هذا العصر، لقد فقدنا ابنا بارا لهذا الوطن المعطاء، فقد رحل وهو في قمة الوفاء لوطنه وأمته. إن معالي الأستاذ الدكتور محمد عبده يماني - تغمده الله بواسع رحمته - رحل عنا هذا الإنسان وقد رسم البسمة على محيا الكثير والكثير من الناس وغرس الأمل في قلوب وجدت يده تمتد إليها دون سابق معرفة بها لأنه أخلص عمله وفعله لله خالقه وهو كفيل برحمته - إن شاء الله - بعد أن اختاره إلى جواره. إن الساحة العلمية والفكرية والتربوية ودعت أحد رموزها في هدوء وصمت تتفكر في ما تركه من رصيد معرفي وعلمي وستبقى مؤلفاته وبحوثه ودراساته بصمة ومنارة للعلم والمعرفة يهتدي إليها الباحثون والمفكرون ليخدموا من محتوياتها الإسلام والمسلمين. لقد ذاع صيت هذا الرجل - رحمه الله - في كل أنحاء المعمورة بالتواضع والعلم وحب الناس حتى أنه استطاع أن يستقطب حبهم له، فهو الذي أحب الناس من أجل الله خالقه الذي اختاره إلى جواره في هذه الأيام العشر المباركة لتبقى ذكراه العطرة محط دعاء الجميع له بالرحمة والمغفرة. رحمك الله رحمة واسعة يا أستاذنا الكبير بخلقه وعلمه وتواضعه. (الكبير في أخلاقه) أما الشاعر يحيى حسن توفيق فيقول: كان - رحمه الله - كبيرا في أخلاقه.. و أجمل ما فيه أنه جمع إلى جنب لباقة الحديث القدرة على تخزين الأحداث في مخيلته بشكل غير عادي وتلقائي.. وعندما تجلس إليه لابد أن تستفيد معلومة من هنا أو طرفة من هناك؛ فقد كانت لديه القدرة على أن يشد من يحاوره إليه لحلاوة حديثه وطلاقة لسانه وبشاشة وجهه ونقاء سريرته.. و لا تسمع منه - رحمه الله - أبداً انتقاصا من قدر أحد - ولو همزا أو لمزا في حق أحد - وهذه بحد ذاتها نعمة كبيرة منحه الله إياها رحمه الله وأسكنه فسيح جناته وجزاه عما قدم خير الجزاء. (الرجل التربوي) ويقول عبد المؤمن القين - الكاتب المعروف: إن أبرز ما يميز العمل تحت إدارة معالي الدكتور محمد عبده يماني - رحمه الله - هو الاستفادة من تشجيعه وتوجيهاته التي لم تكن تخلو من عمق تربوي على اعتبار أنه كان مديرا لجامعة الملك عبد العزيز قبل أن يصبح وزيرا للإعلام.. كما أن تخصصه في الجيولوجيا لم يقف حائلا دون وضع لمسات إعلامية مهمة كإنشاء الإعلام الداخلي، والإعلام الخارجي وإذاعة القرآن الكريم، وكتاباته الصحفية منذ أن كان أستاذا للجيولوجيا بكلية العلوم بجامعة الملك سعود بالرياض، وتلك المقالات وغيرها يحتاج إلى وقفة لدراستها منهجيا وصحفيا، فهل كان معاليه - رحمه الله - من كتاب اليوميات بجريدة الرياض؟ لا شك أن كتابة اليوميات والأعمدة الصحفية قد تفسرها نظريات الصحافة والإعلام وتضع الكاتب في مكانة مرموقة، وتعتمد أي صحيفة على كتاب بعينهم لتحقق بذلك انتشارا أوسع. وما يميز شخصية معاليه - رحمه الله - تواضعه وإجابته على الخطابات والمكالمات الهاتفية وقبوله لدعوة غداء أو عشاء من موظفيه؛ سواء حينما كان على رأس الوزارة أو بعد ذلك، وهذه سجايا إسلامية تتفق مع كونه داعياً إسلامياً، رحمه الله رحمة واسعة ولاشك أننا برحيله نكون قد فقدنا أحد دعائم الإعلام في بلادنا وعزاؤنا في ما قدم وفي خلفه من بعده. يعد الراحل - رحمه الله - رجلاً تربوياً ومثقفا لديه ثقافة إسلامية ويحب الخير للناس ويحرص على رضا الجميع، اهتم بالابتعاث لمنسوبي الإعلام وأنا أحد أولئك المبتعثين فالذي يحرص على أن يتعلم الناس فهو إنسان فاضل، كما أنه رجل اجتماعي يشارك الناس في كل المناسبات.