يختلف شهر رمضان في مكةالمكرمة عن سائر بقاع الأرض وكأنها بلد لا تنام، إذ تزدحم شوارعها وطرقاتها طوال اليوم، والحركة لا تتوقف في الشوارع وإن هدأت في بعض الأوقات بعد صلاة المغرب، إلا أنها تعود مرة أخرى بعد صلاة التراويح لتنتعش في الأسواق، والطرقات حتى صلاة الفجر. وتتعدد مظاهر شهر رمضان في مكةالمكرمة خصوصاً في أيامه الأخيرة، وذلك لحرص الكثير من المعتمرين على الصلاة والاعتكاف في الحرم المكي الشريف مهوى أفئدة المسلمين، وكثرة المعتمرين في أيامه الأخيرة، وقضاء أيام عيد الفطر المبارك بجوار الحرم المكي. ويروي أحد كبار السن في مكةالمكرمة إسماعيل بخش ل«الحياة» مظاهر شهر رمضان، وعادات أهل مكة في التعامل مع المعتمرين والزوار للمسجد الحرام، مؤكداً أن خدمة المعتمرين والزوار نهج تتوارثه الأجيال، وطلب للرزق والبركة من الله على هذه الخدمة. ويبين أن حركة الناس في الشوارع في مكةالمكرمة تبدأ من بعد صلاة الظهر، إذ تنشط الأعمال والأسواق ويعمد الناس إلى قضاء حوائجهم ومستلزمات منازلهم، مشيراً إلى أن التجارة تنشط في شهر رمضان وتزداد الأرباح فيه أكثر من أشهر السنة كافة. وأضاف: «تبلغ الشوارع ذروتها في الزحام قبل أذان المغرب، فتجد الزحام على الفوّالين وبائعي السوبيا والشريك والكعك، وتهدأ الحركة عند أذان المغرب وكأن هذا البلد لا يوجد به أحد وتعود الحركة إلى الشوارع قرب أذان العشاء استعداداً لصلاة العشاء والتراويح إما في المسجد الحرام وإما في مساجد الحي». ويلفت إسماعيل بخش إلى أن من مظاهر شهر رمضان في الشوارع كثرة بسطات «البليلة» في الحارات والأزقة، إذ إن «البليلة» تعتبر أهم الأطعمة المنتشرة في الحجاز كافة ويتناولها الصائمون في رمضان. وتعد «السوبيا» المشروب المفضل والأساسي في شهر رمضان على غالب الموائد الرمضانية في منطقة الحجاز كافة، إذ يؤكد غسان بن داود أن «السوبيا» الشراب المسيطر على بقية المشروبات الرمضانية الأخرى، كما أنها ارتبط شربها في هذا الشهر أكثر من غيره، والذي يحضّر من الشعير والزبيب. ويستطرد ابن داود: «لا يمكن أن تعيش مكةالمكرمة «أجواءها الرمضانية»، دون وجود بسطاتها التي ارتبطت وجدانياً ورمضانياً، فجولة واسعة على حاراتها القديمة وأحيائها، تجد الاستعدادات على أهبها، والتي أصبحت مع الأيام قصة عشق، وثقافة شعبية، أو يمكن أن نقول لها فولكلوراً شعبياً رمضانياً، تمتاز به مكةالمكرمة والحجاز عموماً». فيما يعتقد براء العمرو أن ازدهار مكةالمكرمة وبركة أعمالها، يعود إلى خدمة ضيوف الرحمن، والوقوف على راحتهم من أبناء المجتمع المكاوي كافة، في أيام رمضان أو في أيام عيد الفطر المبارك. ويلفت إلى أن مكةالمكرمة الموقع الوحيد في العالم الذي لا يهدأ طوال العام، فما بين موسمي العمرة والحج أيام معدودات لا تتجاوز 15 يوماً، مؤكداً أن ذلك نهج الآباء والأجداد في خدمتهم والسهر على راحتهم.