أعلنت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية، توقُّف الخدمات الطبية والصحية في شكل كامل في 11 محافظة من أصل 22. جاء ذلك، بعد تحذيرات دولية من انهيار وشيك للقطاع الصحي في اليمن، بسبب تفاقم الصراع. وأوضح مصدر في الوزارة، أن الخدمات الصحية والطبية توقّفت في محافظاتعدن، ولحج، وصعدة، وتعز، وحجة، والضالع، وأبين، والبيضاء، وشبوة، ومأرب، والجوف. وعزا توقّف الخدمات في تلك المحافظات إلى «نقص المستلزمات والمعدّات الطبية والأدوية، ومغادرة غالبية الكادر الطبي الأجنبي من أطباء وفنيّين وممرّضين، البلد». وأكد المصدر أن هذه المحافظات «أصبحت منكوبة صحياً»، داعياً المنظّمات والهيئات الإنسانية الدولية كلها، إلى التحرّك العاجل لإنقاذ حياة الملايين من اليمنيين. ويمثّل الحصول على الرعاية الصحية في كثير من المحافظات المتضرّرة في اليمن، تحدياً كبيراً نتيجة الصراع الجاري، وإغلاق أكثر من 54 منشأة صحية بسبب تعرّضها للتدمير. وأدّى نقص الإمدادات الطبية وتوقّف نظام الرصد، إلى تعطّل الرصد والاستجابة لعدد متزايد من الأمراض المتفشّية التي يُشتبه في وقوعها، والحدّ من خدمات الصحة الأساسية مثل التطعيم، والتغذية، والمعالجة المتكاملة لأمراض الطفولة ومكافحة الأمراض. وصنّفت اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات الدولية المتخصّصة، الأزمة في اليمن كطارئة من طوارئ المستوى الثالث، وهذا التصنيف هو أعلى مستويات الطوارئ خطورة، ويستتبع تفعيلاً واسع النطاق لنظام الاستجابة، بما يضمن فاعلية أكبر في تلبية الحاجات الإنسانية للسكان المتضرّرين. وقال المصدر: «على رغم إعلان الأممالمتحدة هدنة إنسانية لإتاحة المجال لإدخال المساعدات الإغاثية والطبية والإنسانية العاجلة، إلا أن ذلك لم يحصل ولم تدخل أي مساعدات»، لافتاً إلى أن هذه المساعدات نظراً إلى تأخّرها في عرض البحر، قد تكون في حكم التالف، ولا تعلم الجهات المختصّة بالمواصفات والمقاييس حالتها وصلاحيتها، معرباً عن قلقه من صلاحية هذه الأدوية نظراً إلى بقائها في السفن لوقت طويل. وأضاف :»كل المستشفيات في اليمن الخاصة والعامة، حالياً، لا توجد بها أسرّة عناية مركّزة، وكلّها مليئة بالمرضى والجرحى، وبلاغات من سيّارات الإسعاف تتلقّاها غرفة عمليات الوزارة، أفادت بوفاة خمسة أشخاص خلال اليومين الماضيين على متن سيارات الإسعاف، نظراً إلى عدم توافر أسرّة عناية مركّزة في أي من المستشفيات الخاصة والعامة». غرف العناية المركّزة وبيّن المصدر أن غرف العناية المركّزة في المستشفيات، تعاني من نقص في الكادر الصحي فيها بعد سفر الكادر الأجنبي الى بلدانهم، داعياً كل الجهات ذات العلاقة إلى دعم الكادر الصحي اليمني المحلّي العاطل من العمل، بمنحهم درجات وظيفية إذ إنهم عملوا في شكل طوعي طوال الأشهر الثلاثة الماضية، وتوقّفوا عن العمل بسبب عدم قدرتهم على المواصلة، مشيراً إلى أن «آلاف المرضى المصابين بأمراض مزمنة مهدّدون بالوفاة، وكل يوم تحدث حالات وفاة». ودعا المصدر كل المنظّمات الدولية الإنسانية إلى الاستجابة للنداءات المتكرّرة التي وجّهتها وزارة الصحة، بخاصة بعد نفاد أدوية أساسية من مخازن وزارة الصحة وسوق الأدوية، والمتمثّلة في المضادات الحيوية من الدرجة الرابعة، ومادة «ألبومين»، وأدوية زارعي الكلى ومحاليل الغسيل الكلوي. وقال ممثّل منظّمة «يونيسيف» في اليمن، جوليان هارنيس: «تواجه طواقمنا المتجوّلة ظروفاً في غاية الخطورة، إذ يخاطرون بأرواحهم للوصول إلى الأطفال والنساء حيثما وُجدوا. فإن لم يقوموا بذلك، سيموت مزيد من الأطفال بسبب سوء التغذية والأمراض التي يمكن الحيلولة دونها». وأضاف: «لكن ما يحتاجه اليمن حقاً هو عودة السلام، وإيجاد حلّ لأزمة الوقود والطاقة وإعادة العمل بالخدمات الصحية المنتظمة». صحة الأطفال ويلقي الوضع المتدهور في اليمن بثقله على صحة الأطفال، إذ يتعرّض أكثر من 2.5 مليون طفل لخطر أمراض الإسهال، ويتعرّض 1.5 مليون آخرون لسوء التغذية الحاد، كما يواجه أكثر من 1.3 مليون طفل خطر الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الحادة، وهناك 2.6 مليون طفل دون سن الخامسة غير محصّنين ضد الحصبة. وأكد ممثّل منظّمة الصحة العالمية في اليمن أحمد شادول، أن الوضع الإنساني والصحي في اليمن آخذ في التدهور. وأضاف في بيان: «في بعض المحافظات مثل عدن، لم يعد في مقدور كثر من الناس الحصول مباشرةً على الطعام والوقود والرعاية الطبية ومياه الشرب النظيفة. وستسمح أي وقفة إنسانية لمنظّمة الصحة العالمية وشركاء المجموعة الصحية، بأن تنهض بفاعلية أكبر باستجابتها في المحافظات المتضرّرة، من خلال الوصول إلى فئات السكان التي حُرمت من الرعاية وتحتاج على نحو عاجل الى خدمات صحية منقذة للحياة». وأعلن شادول أنه يمكن منظّمة الصحة العالمية في حال سمحت الأوضاع الأمنية بذلك، أن تصل إلى أكثر من ثلاثة ملايين مستفيد.