لا بدّ من كلمتين عن جبيل (بيبلوس) وهي تفتتح موسم مهرجاناتها، فبعد اختيارها أفضل مدينة سياحية عربية، وبعد زينة الأعياد الماضية التي بلغت صورها أطراف العالم، لم يتأخر فريق مهرجاناتها، وعلى رأسه لطيفة لقّيس، من التماشي مع طموحات «مهد الابجدية» كما يحلو للجبيليين تسمية مدينتهم الصغيرة، بمرفأها الصغير، وسوقها القديم وفورانها الدائم. وليس إطراءً في غير محلّه لو اعتبرنا جبيل قفير انتاج وتطوّر لا يهدأ، فبلديتها برأي القاصي والداني انجح بلديات الساحل اللبناني على الاطلاق، بل كلما غبت عنها فترة ورجعت وجدت مستجدات إيجابية إن على صعيد تنظيم المواقف، او الحفاظ الحريص على النظافة، ناهيك عن شعور وطيد بالأمن والأمان يغذيه ابناء المدينة بكياسة ولطف وكثير من روح النكتة. أما العمل على تنظيم السير وإنجاح الخطة الموضوعة بدقة فأمر يقرب المعجزة إذا ما اخذنا في الاعتبار ضيق الشوارع القديمة وبعد المرفأ النسبي عن الفسحات المؤهلة لاحتواء عدد هائل من السيارت تتدفق في فترة زمنية قصيرة. زياد حوّاط، رئيس بلدية جبيل، نشد على يدك! جون ليجيند (ترجمة اسمه: حنّا الخرافة) وهو كذلك! تسع جوائز «غرامي» ومليون نسخة تباع من البومه الأخير «كلّي» اضافة الى دورة عالمية موسعة، جبيل إحدى محطاتها، ها هو يزيح الستارة عن مهرجانات 2015 بصوته الآسر وحضوره الزئبقي وأغانيه التي غزت العالم، والتي تشبه حديثاً هامساً تتكرر فيه كلمة «حب» بعد كل كلمة ... حب! ساحر جون ليجيند لا لأنه ركب موجة (R&B) او الإيقاع والنجوى، وحوّلها الى استعراض صاخب مما يحصل كثيراً في عالم ال «شوو بيزنيس» هذه الايام، بل لأنه اضاف الى المعادلة سيرة ذاتية قوامها الوجد بكل ما فيه من لوعة وروعة: «ماذا أفعل من دونك يا صاحبة الفم البارع/تشدينني وتطردينني خارجاً/تجعلين رأسي يدور فلا أستطيع استيعابك/ ما الذي يجري في عقلك الجميل/ فيما انا في الرحلة السحرية معك/ لا اعرف ما يصيبني/ رأسي تحت الماء لكنني أتنفس/ أنت مجنونة وأنا بلا عقل/ لأن كلّي يحبك/ يحبك كلك/ أعطني كلك/ وسوف أعطيك كلي». تلك مقاطع من «كلّي» الأغنية الأساسية في ألبوم «الحب في المستقبل» ولو جرى وصلها بأي أغنية أخرى لليجيند لما تغير أسلوب البوح المباشر والبسيط والشبيه إلى حد التطابق مع حديث العشاق أينما كانوا: «قولي إنك ستبقين قليلاً بعد/ لا تقولي الوداع الليلة/ قولي إنك لي/ قليل من الحب يستحق لحظة من وقتك/ أقرع بابك بحذر/ البرد قارس في الخارج/ تعالي نشعل النار/ أعرف أنني سأحترق الليلة/ هل كنت ستقولين؟/ ألا فقولي/ قولي/ احفظي فسحة للحب/ احفظي مجالاً لبرهة معي/ احفظي مكاناً لحبي، مكان صغير/ احفظي القليل لي/ ألا فاحفظي القليل / آه احفظي القليل لي». جون ليجيند موسيقي وكاتب اغنية ورجل أعمال وفاعل خير. يقول عنه الموسيقي كوينسي جونز: «سيكون من الرائع ان نعرف إلى أين سيذهب ليجيند بعد كل الذي حققه!» ويقول ليجيند: «ليس على الفنان أن يعود دائماً إلى حيث بدأ. هذا الألبوم الأخير مثلاً ما زال يذكرني بما جاء قبله لكنه مستقلّ من حيث استيعاب الأنواع المختلفة كالهيب هوب والبلوز والإيقاعيات». وفي مقابلة مع أوبرا تحدث ليجيند عن مسألة العنصرية «المتفشية في طبيعة النظام العام خصوصاً على صعيد العدالة حيث ما زالت حياة الأسود أقل قيمة من حياة غيره». ويرفض ليجيند تجنب الحديث عن العنصرية لأنها لا تزال تحت البريق الخادع الذي يراد به إقناع العالم بأن أميركا تجاوزت عنصريتها إلى الأبد. كان جون ليجيند متفوقاً في المدرسة. أنهى دروسه الثانوية وهو في السادسة عشرة ودرس إدارة الأعمال والموسيقى ومن ثم عمل في مركز استشاري لإحدى الشركات في بوسطن مستمراً في التأليف والتفتيش عن منتج لأغانيه. وبعد خمس سنوات من الجهد المستمر استطاع انتاج ألبومه الأول «تعالي نعلو». بعد ذلك استمرّ العلوّ صعوداً... وفي جبيل مساء الأول من أمس رفع ليجيند الجمهور اللبناني على أجنحة الإيقاع والنجوى، فخرجنا كأننا نمشي على السحاب!