لا يقبل «داعش» انتقادات سكان المناطق التي يسيطر عليها. حتى في الفلوجة التي عُرِفت بعلاقاتها الطويلة مع المجموعات المسلحة في العراق، بدأ الأهالي يشعرون بأن خطة التنظيم للمعركة التي يستعد لخوضها في مواجهة القوات العراقية، لن تختلف عن المعارك السابقة ضد القوات الأميركية، فالمسلحون يجدون دائماً منافذ للهرب، تاركين السكان وحدهم. وعلى رغم إعلان القوات العراقية تطويق الفلوجة من كل الجهات، استعداداً لاقتحامها، بالتزامن مع قصف يومي، يستهدف بعضه منازل مدنيين، فإن أهالي الفلوجة يدركون أن الحصار الكامل شبه مستحيل، فقد فشل الجيش الأميركي في ذلك عامي 2004 و2005. يقول أبو مهيمن الفلوجي، وهو لواء سابق في الجيش، انتقل أخيراً إلى بغداد: «لا تمكن محاصرة المدينة، خصوصاً من شمالها حيث المناطق السكنية ممتدة ومتشعبة بين منطقتي السجر والصقلاوية، ومن جنوبها الغربي، حيث المناطق الزراعية الوعرة، وصولاً إلى الفرات». ويضيف أن «لدى داعش منافذ آمنة، لإيصال الإمدادات أو للانسحاب عندما يشتد الضغط عليه. المشكلة دائماً ستكون مشكلة السكان الذين لن يستطيعوا استخدام طرق التنظيم، معرّضين أنفسهم للاعتقال أو القتل على أيدي «الحشد الشعبي» أو قوات الأمن لاتهامهم بأنهم دواعش». وكان التنظيم الذي دخل الفلوجة مطلع عام 2014، بذريعة مساعدة العشائر في التصدي لحكومة نوري المالكي، ثم انقلب على الجميع لاحقاً، أجبر السكان على مبايعته. وينقل بكر العيساوي الذي عاش في المدينة لأكثر من سنة، صورة لاستدراج الأهالي للتورط بالمبايعة، قائلاً: «إن فكرة بايِع ثم ناقش ليست غريبة على العراقيين، فهي محوّرة من شعار بعثي قديم، مفاده نفذ ثم ناقش. والفرق أن الذهاب الى إلمبايعة، خصوصاً إذا كان المبايع من شيوخ العشائر والوجهاء أو من أصحاب رؤوس الأموال والأكاديميين، يغلق كل أبواب النقاش». ويضيف : «كأي عصابة ابتزاز يلجأ التنظيم إلى إرهاب المواطنين وعائلاتهم، وفور اكتمال البيعة، يصبح أي اعتراض بمثابة انتحار لأن المُبايِع نكث العهد». ويوضح أن «بعض الوجهاء في الفلوجة ناشد عناصر التنظيم ان يُبعِدوا مراكزهم وتجمعاتهم عن المناطق المأهولة، فقد علم هؤلاء الوجهاء من بعض الضباط في الجيش السابق أن مسلحي داعش سينسحبون فور بدء المعركة وسيتركون الأهالي هدفاً للمهاجمين، وقد تحدُث مجازر». ويؤكد أن «مصير كل مَنْ يعترض هو الإعدام. وبدأت الفلوجة تفرغ تدريجاً من العناصر العربية والأجنبية التي كانت تتجوّل مكشوفة الوجه، وحل محلها مقاتلون ملثّمون، يرجّح أنهم من المسلحين في المنطقة الذين لا يرغبون في التعرف إليهم». وكان «داعش» أعدم في الموصل الخميس الماضي الشيخ يونس ياسر، عضو هيئة العلماء في المدينة، وأحد أبرز الخطباء الذين قادوا التظاهرات السنّية عام 2012. وروى شهود أنه أُعدِم بناء على قاعدة «بايِع ثم ناقش»، فقد اعتزل الشيخ في منزله، منذ سيطرة التنظيم، ولم يبايع البغدادي، فكان مصيره الإعدام. العلاقة الملتبسة بين قادة التظاهرات من رجال الدين وزعماء العشائر من جهة، و «داعش» من جهة أخرى، تكاد أن تكون متشابهة في كل المدن، إذ غادر معظمهم إلى اقليم كردستان. لكن الوضع في الفلوجة مختلف، فقد مرت خمسة أشهر من التعايش بين الطرفين، قبل تطبيق شعار «بايِع ثم ناقش». سعيد خان في كابول (أ ف ب)، أعلنت السلطات الأفغانية أمس أن حافظ سعيد خان زعيم «تنظيم الدولة الإسلامية في أفغانستانوباكستان»، قُتِل مع عنصرين آخرين من التنظيم بغارة لطائرة أميركية من دون طيار في شرق البلاد. وأفادت أجهزة الاستخبارات الأفغانية بأن سعيد خان قُتِل أول من أمس، بينما كان «يشارك في اجتماع مع قياديين آخرين» في التنظيم، في منطقة قريبة من الحدود مع باكستان.