اتجهت الأنظار إلى اجتماع مجموعة اليورو أمس لإصدار قرار حاسم بخصوص مقترحات الإصلاحات الجديدة التي قدمتها الحكومة اليونانية وأنعشت الأمل بإمكان التوصل على رغم الانقسامات إلى اتفاق في شأن مساعدة جديدة لأثينا تجنب اليونان الخروج من منطقة اليورو. وبدأ وزراء المال في منطقة اليورو اجتماعاً في بروكسيل لمناقشة المقترحات الأخيرة التي تقدمت بها أثينا وتتناول في شكل خاص ضريبة القيمة المضافة ونظام التقاعد وعمليات التخصيص وقد تؤدي إلى اعتماد خطة مساعدة جديدة لليونان بقيمة 74 بليون يورو على الأقل، هي الثالثة منذ 2010. وهذه الخطة التي استُقبلت بالترحيب من قبل المؤسسات الدائنة، قد تُستخدم في حال تلقت الضوء الأخضر من مجموعة اليورو، أساساً لجولة جديدة من المفاوضات ستوافق عليها اليوم الدول ال 28 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أثناء قمة لقادتها. وحتى ذلك الحين تعين على الدول ال19 الأعضاء في منطقة اليورو تجاوز خلافاتها. فإذا كان الأكثر تساهلاً بدءاً بفرنسا يعتبر أن مقترحات أثينا ذات صدقية، بقي إقناع الأكثر تشدداً وفي الطليعة ألمانيا والمتحفظون بمنح مساعدة جديدة لليونان بعد خطتين بقيمة إجمالية بلغت 240 بليون يورو. وحتى إن تفاهمت اليونان مع شركائها فإن هذا الأمر لن يحسم كل شيء، إذ يجب أن تعطي ثمانية برلمانات على الأقل موافقتها على خطة المساعدة، فيما ينبغي على البرلمان الألماني (بوندستاغ) أن يصوت مرتين. وفي هذا الصدد قال مصدر أوروبي «إن المسألة تتعلق الآن بإقناع الأكثر تشدداً، أي ألمانيا ودول البلطيق». واعتبرت داليا غريبوسكايتي رئيسة ليتوانيا، آخر بلد انضم إلى منطقة اليورو قبل ستة أشهر، أن هناك «50 في المئة من فرص» التوصل إلى اتفاق خلال عطلة نهاية هذا الأسبوع شرط أن يكون النص اليوناني «معدلاً بعمق». ولفت مصدر أوروبي ثان إلى أن المؤسسات الدائنة الثلاث لليونان - الاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي - درست النص واعتبرت أنه «إيجابي» قبل نقل رأيها إلى منطقة اليورو. وكان البرلمان اليوناني أعطى ضوءه الأخضر لحكومة رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس للتفاوض في شأن خطة مساعدة جديدة على أساس مقترحات «بعيدة» عن الوعود التي أطلقها في حملته الانتخابية وعلى رغم رفض 61 في المئة من اليونانيين في استفتاء 5 تموز (يوليو) شروطاً سابقة للمقرضين. ووافق البرلمان اليوناني بغالبية 251 صوتاً (من أصل نوابه ال 300) على هذه المقترحات التي تستعيد في خطوطها العريضة ما كان يرغب به الدائنون، وهذا ينعش الأمل مجدداً في إمكان التوصل إلى اتفاق يسمح للبلاد بالبقاء في منطقة اليورو. ودعا تسيبراس النواب من كل التوجهات إلى التصويت على خيار «المسؤولية العليا» وأن يجيز له التفاوض في شأن هذه الخطة، معترفاً في الوقت نفسه بأن الحكومة ارتكبت «أخطاء» وأن الخطة «بعيدة جداً» عن الوعود الانتخابية لحزب «سيريزا» اليساري الذي يقوده لكنها تبقى في نهاية المطاف أفضل الممكن. وعنونت صحيفة «أفغي» اليونانية الناطقة باسم «سيريزا» أمس «لا عودة إلى الوراء» فيما طالبت صحيفة «إيليفثروس تيبوس» اليمينية ب «إنقاذ اليونان». وأثارت تنازلات الحكومة اعتراضات في صفوف اليسار الراديكالي، فامتنع ثمانية نواب عن التصويت، وصوت نائبان ضد المقترحات فيما تغيب سبعة عن جلسة التصويت بينهم وزير المال السابق يانيس فاروفاكيس. وهذا التعبير عن سحب الثقة من الحكومة يحدث شرخاً في الغالبية البرلمانية بالنسبة إلى جلسات التصويت اللاحقة وقد يؤدي إلى تغييرات في داخل الحكومة وفق معلقين. ودعمت المعارضة الاشتراكية والمحافظة في شكل واسع النص. وتظاهر سبعة إلى ثمانية آلاف شخص مساء أول من أمس في أثينا للتعبير عن استيائهم مما يعتبرونه خيانة، فيما تشهد البلاد تباطؤاً في نشاطها منذ إغلاق المصارف وفرض رقابة على رؤوس الأموال في 29 حزيران (يونيو). وكتب على إحدى اللافتات «سيريزا يدعم الرأسمالية». وتقرر إغلاق المصارف حتى غد لكن نائب وزير المال ديمتريس مارداس ألمح أول من أمس إلى إمكانية تمديد هذا الإجراء مع بعض التعديلات. وكان تسيبراس عبر عن الأمل في إمكان فتح «مناقشة جدية حول إعادة هيكلة الدين» اليوناني الذي يبلغ 180 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وينقسم الأوروبيون في شأن هذا الموضوع لكن أثينا تشدد على هذه المسألة بدعم واضح من فرنسا وصندوق النقد الدولي (دعا مديره العام السابق دومينيك ستروس، بصفته الشخصية، إلى تخفيف الدين اليوناني في أول موقف علني له منذ 2011) ورئيس المجلس الأوروبي دونالد تاسك والعديد من خبراء الاقتصاد. وأشارت برلين أول من أمس إلى «هامش مناورة ضيق جداً» لإعادة هيكلة هذا الدين. لكن ذلك يسجل بعض التقدم مقارنة بالخميس عندما قالت المستشارة الألمانية أنغيلا مركل أن خفض الدين اليوناني «غير وارد». والخيار الأكثر ترجيحاً هو «إعادة هيكلة طفيفة» للدين.