بعث النيجيري السيئ الحظ الذي حاول تفجير طائرة خط أمستردام – ديترويت الكلام في الإرهاب الأممي وضرورة تقوية النظام الأمني والتشدد فيه. وحذرت هيلاري كلينتون من الخطر الشامل الآتي من اليمن، على ما قيل من قبل في أفغانستان، منذ 8 أعوام. وليس مرد مشكلة الإرهاب الى نهج إدارة الرئيس الأميركي السابق، جورج بوش، فحسب، بل الى استحالة جمع العوامل المختلفة التي تسبب الأنشطة الإرهابية في مفهوم مترابط وواحد. وترتبت على الاستحالة هذه مبادرةُ كل طرف من أطراف «التحالف المعادي للإرهاب»، وهو أبصر النور في خريف 2001، الى تحديد فهمه الخاص للمخاطر، ورسم أهداف يسعى الى بلوغها. والتعاون هذا أفضى الى إطاحة حركة «طالبان». وجليّ أن الإرهاب الدولي تتوسل به قوى وحركات تغلب عليها نزعات انفصالية او قومية، وينتشر عدد منها في روسيا وإندونيسيا والسودان وفلسطين وأفغانستان والصين والهند وتركيا واليمن. وتقاتل هذه الحركات الحكومات إما طلباً للاستقلال او لتغيير بنية النظام السياسي – الاجتماعي. وليس عسيراً فهم ارتباط ظاهرة الإرهاب الدولي بالعالم الإسلامي على وجه الخصوص. فانهيار النظام العالمي يؤدي الى انبعاث الوعي القومي، وهذا يحاكي الثقافة السياسية العامة السائدة. وأدت نهاية «الحرب الباردة» الى تنشيط الحركة السياسية في العالم الثالث. وكانت الحركة هذه أصابها الجمود، في النصف الثاني من القرن العشرين، على وقع إملاءات «الثنائية القطبية». وطابع الحركات القومية الإسلامي يحاكي دور الأيديولوجيا الاشتراكية، غداة التحرر من الاستعمار بين خمسينات وسبعينات القرن الماضي. وعلى خلاف الأفكار الاشتراكية، وهي حملت نفحة تقدمية، حملت الأفكار الإسلامية ألواناً تقليدية. والألوان هذه هي مرآة نزعة عامة في القرن الواحد والعشرين، تغلب أشكالاً تقليدية وأبوية من الوعي السياسي. ووسع الإرهاب الدولي رقعته الجغرافية. وتختلف بواعث الإرهاب عن تلك التي ميزت نشاط القوميين في الماضي. فقوى الإرهاب المتطرف ترفض هيمنة أميركا على العالم، بعد انتهاء «الحرب الباردة». فلم تجدِ سياسة إدارة جورج بوش الرامية الى جعل مكافحة الإرهاب الدولي محور السياسة العالمية. فمفهوم الإرهاب يفتقر الى التحديد، وتركت الحرية في تأويله الى السياسيين وأهوائهم. ولا يبعث على الاستغراب سعي سلطات الدول المختلفة في انتهاز مكافحة الإرهاب والتذرع بها الى خدمة مصالحها، على ما فعلت كلاً اميركا وروسيا. فالأولى تذرعت بالإرهاب لتوسيع صلاحيات أجهزة الاستخبارات والاستطلاع ، والثانية لإلغاء انتخابات المحافظين خشية وقوع عمليات إرهابية. ولا توحد مكافحة الإرهاب الدول التي تتولّى مكافحته جراء التباس مفهومه، والاختلاف على تعريفه. فالخطر ليس واحداً. والإرهاب هو من بنات المشكلات الدولية القائمة، وليس سببها. ويؤدي افتقار العلاقات الدولية الى اطار بنيوي متماسك الى تحفيز أنشطة الأطراف الدولية، أو الدول الطرفية والخارجين عليها معاً. ويفترض النجاح في مكافحة الإرهاب تعاون أجهزة الدول الأمنية، والتخلي عن دعم القوى المقاتلة ضد الحكومات الحليفة، وتبادل المعلومات. والحق أن التعاون بين الولاياتالمتحدةوروسيا، إثر 11 أيلول (سبتمبر) 2001، أصبح، على ما قال الأميركيون، «حرب جواسيس ضد جواسيس». ونهج باراك اوباما المرن في حل المشكلات الإقليمية المتراكمة اكثر عقلانية من أسلوب «مكافحة الإرهاب» الذي انتهجه بوش للتستر على فرض السيطرة على المناطق المهمة استراتيجياً. ولكن واشنطن لم تنجح الى اليوم في إحراز تقدم كبير في الاتجاهات التي سلكتها. *مدير تحرير مجلة «روسيا ف غلوبالنوي بوليتيكي» الروسية، عن «غازيتارو» الروسية، 14/1/2010، إعداد علي ماجد