الرياض، صنعاء، عدن - «الحياة»، رويترز، أ ف ب - أكد مستشار وزير الدفاع السعودي العميد أحمد عسيري، أن الهدنة التي دعت إليها الأممالمتحدة أخيراً ستكون ضارة للشعب اليمني، عازياً ذلك إلى كون الميليشيات الحوثية لا تلتزم بها، وتعمل على تنفيذ بعض الاعتداءات والتحركات العسكرية خلالها، منوهاً بأن هذه الميليشيات تحد من وصول العمليات الإغاثية للشعب اليمني على رغم إصدار 1215 تصريحاً في الموانئ والمطارات اليمنية لجميع الوحدات والمنظمات الإغاثية، مضيفاً: «ما لم يكن هناك التزام واضح، فإن التحالف الدولي غير معني بهذه الهدنة». وقال عسيري لقناة «العربية» أمس: «قوات التحالف ترى أن الهدنة لم تلتزم بها الميليشيات الحوثية، ولم تكن هناك آلية لرصد التحركات الحوثية والخروقات التي تقوم بها، وهناك تحركات منهم في اتجاه عدد من المحافظات، وهذا يدل على نوايا هذه الميليشيات باستغلال هذه الهدنة، وبالتالي فإن الضرر من هذه الهدنة أكثر من النفع، لذا يجب أن يكون للهدنة حد أدنى للمعايير حتى تكون نافعة وليست ضارة للشعب اليمني، فما يحدث اليوم هو أن تلك الميليشيات غير ملتزمة، وتعمل على تكثيف تحركاتها العسكرية في الأرض، وهذا مؤشر على استغلالها الهدنة لإعادة انتشار قواتها، وتجربتنا في الهدنة السابقة كشفت عن عدم الالتزام، إذ تسبّبت بأضرار كبيرة على العمليات العسكرية وعلى مستوى المواطن اليمني». وحول تأكيد المبعوث الأممي لليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد الذي أوضح أن تلك الميليشيات قدمت له ضمانات بالالتزام بهذه الهدنة قال: «نحن نرصد تحركات هذه الميليشيات على الأرض، وتحركاتها اليوم باتجاه عدد كبير من المدن هو رد على المبعوث الأممي، فنحن لا نعتقد أن تلك الضمانات التي قُدمت له كافية، إذ يجب أن تعلن هذه الميليشيات التزامها، ويجب أن تكون هناك آلية ووجود مراقبين على الأرض، ولدينا شواهد كثيرة خلال خمسة أيام عندما قامت الميليشيات بتحريك قواتها باتجاه الحدود السعودية وعدد من المدن، ما يعني أن مثل هذه الهدنة تعد ضارة، فإذا كانت هذه الميليشيات فعلاً ترغب بهذه الهدنة يجب أن تعلن موقفها علانية وأن تلتزم، وعلى الأممالمتحدة أن تحدد معايير لهذه الهدنة حتى تصبح مسؤولية واضحة لجميع الأطراف»، متسائلاً: «بعد كل ما حدث هل يعتقد المبعوث الأممي أن تلك الميليشيات ستلتزم بهذه الهدنة؟». وأفاد عسيري بأن عمليات «إعادة الأمل» ومنع تحركات الميليشيات الحوثية ستتواصل ما لم يكن هناك التزام واضح ومعلن منها، وما لم تكن هناك آلية واضحة لتطبيق الهدنة، مبيّناً أن معاناة المواطن اليمني هي وجود هذه الميليشيات على الأرض، واقتراب الدبابات والصواريخ من المساكن، معتبراً أن ذلك يعكس عدم نجاح الهدنة، الأمر الذي يدفع التحالف الدولي إلى القول بأنها غير معنية بهذه الهدنة. وأضاف: «نحن كجهة تحالف أصدرنا حتى اليوم 1215 تصريحاً في الموانئ والمطارات اليمنية لجميع الوحدات والمنظمات الإغاثية والهيئات الدبلوماسية، موضحاً أنه منذ أن تصل هذه المواد الإغاثية للموانئ تقوم الميليشيات الحوثية وأعوانهم بالتحكّم بها ومصادرتها، لافتاً إلى أن قرار 2216 يستوجب على الأممالمتحدة أن تُشعر الميليشيات الحوثية بضرورة احترام القرار. إلى ذلك، تصدّت القوات البرية وحرس الحدود على الحدود السعودية - اليمنية لمحاولة هجوم بري من قوات الحوثيين والرئيس المخلوع في مركز أبوالرديف بمحافظة الخوبة. وأوضحت مصادر ل«الحياة» أن عدد المسلحين ممن حاولوا الاقتراب من الحدود السعودية بلغ أكثر من 500 مسلّح من الحوثيين وجيش النخبة والحرس الجمهوري التابع للرئيس اليمني المخلوع، مشيرةً إلى أن معظمهم قُتلوا خلال التصدّي لهم، ومنهم من استطاع الفرار إلى مواقع جبلية وعرة في الحدود وتمّت ملاحقتهم عن طريق «الأباتشي»، منوّهة بأن عمليات تمشيط المناطق الحدودية لا تزال متواصلة. وأضافت المصادر: «حاول الحوثيون أمس الاعتداء على الحدود برمي قذائف عدة على محافظتي الطوال والخوبة، بدءاً من وقت الإفطار إلى قبل منتصف الليل، وكانت معظمها في مواقع خالية ولم تحدث أضراراً، وذلك في محاولة لإشغال المرابطين ومباغتتهم، إلا أنهم كانوا متيقظين وتمكنوا من السيطرة عليهم، كما أن كاميرات المراقبة كشفت عدد 4 متسللين حاولوا الاقتراب من أحد أبراج المراقبة ويحملون متفجرات وتم القضاء عليهم، وأثناء التمشيط اتضح وجود 8 متسللين آخرين يحاولون الاقتراب من الحدود بالقرب من جثث القتلى وتم الرد عليهم والقضاء عليهم في حينه». من جهة أخرى، تفقّد مدير الدفاع المدني بمنطقة جازان اللواء سعد الغامدي أمس، المراكز الحدودية للدفاع المدني بمنطقة جازان. ووقف اللواء الغامدي على استعدادات وجاهزية مركز الحرث والطوال والموسم ومركز الإسناد المشاركة في «إعادة الأمل»، واطّلع على سير العمل الميداني مع الجهات المشاركة، مثمّناً الجهود المبذولة في المشاركة مع القطاعات المشاركة للحفاظ على أمن الوطن. وقال مدير الدفاع المدني في المنطقة: «جميع الفرق المشاركة في الواجب الإنساني على أهبة الاستعداد في مباشرة الحوادث والمشاركة مع الجهات ذات العلاقة في الحدود الجنوبية». وقبل ساعات من سريان الهدنة الإنسانية غير المشروطة التي أعلنتها الأممالمتحدة لتطبَّق بدءاً من منتصف ليل أمس احتدمت المعارك على كل الجبهات بين ميليشيا جماعة الحوثيين والقوات الموالية لها من جهة وبين مسلحي المقاومة المؤيدين لشرعية الرئيس عبدربه منصور هادي من جهة أخرى، في حين شن طيران التحالف غارات على تجمُّعات الحوثيين ومواقع عسكرية ومنازل موالين للجماعة ومقرّبين من الرئيس السابق علي عبدالله صالح. وأبدى الطرفان شكوكاً في إمكان صمود الهدنة، ونقلت وكالة «فرانس برس» عن وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية عز الدين الأصبحي أنه لا يتوقَّع التزام الحوثيين وحلفائهم بها. وقال: «هؤلاء يمارسون أعلى درجات المراوغة حتى مع المجتمع الدولي، وتحرُّكاتهم العسكرية المتواصلة على الأرض لا تنمُّ عن نيات حسنة، أو توجهات جدّية وصادقة لتثبيت هدنة إنسانية من أجل مساعدة المحتاجين والمتضرّرين من أبناء الشعب اليمني». واستدرك: «لا نريد هدنة من خمسة أيام أو عشرة، نظل نحتسب ساعاتها ودقائقها. نريد حلاًّ جذرياً للأزمة». وقال زعيم جماعة الحوثيين عبدالملك الحوثي: «ليس لدينا أمل كبير بنجاح الهدنة، وتجربتنا مع الهدنة السابقة كانت مريرة». وهدّد في خطاب تلفزيوني ب «خيارات استراتيجية كبرى» و «تعبئة عامة»، داعياً إلى «سدّ الفراغ في السلطة من دون انتظار الخارج». إلى ذلك، أفادت مصادر المقاومة بأن قوات الحوثيين في تعز (جنوب غرب) استقدمت تعزيزات إلى المدينة، وشنّت هجوماً على مواقع للمقاومة في جبل جرة والضباب، كما واصلت قصف الأحياء السكنية شمال مدينة عدن وغربها واستحدثت جبهة جديدة شمال مدينة الضالع، بالتزامن مع اشتباكات ضارية مع مسلحي القبائل في محيط مدينة مأرب. وأضافت المصادر أن مسلحي المقاومة صدّوا هجمات الحوثيين وكبّدوهم خسائر ضخمة في الأرواح والمعدّات، بخاصة في تعز ومأرب حيث تحاول الجماعة إخضاع المدينتين للتفرُّغ لبقية المناطق في الجنوب والشرق. وأشارت مصادر المقاومة في تعز إلى اشتباكات عنيفة في أحياء الخمسين والأربعين والجمهوري وحول جبل جرة، في ظلّ تقدُّم المقاومة صوب جبل العروس الإستراتيجي في منطقة صبر. واستهدف طيران التحالف منزل توفيق صالح نجل شقيق علي صالح في منطقة الأصبحي، وضرب تجمُّعاً للحوثيين في قاعة «زهرة المدائن» في حي الجراف شمال العاصمة. كما طاول القصف مخزناً للسلاح في جبل نقم وفي جبل النهدين المطل على القصر الرئاسي، وسُمِع دويُّ انفجارات قرب مصنع الغزل ومعسكر الشرطة العسكرية، وقرب منزل قديم للرئيس السابق في منطقة شعوب. وأكدت مصادر عسكرية وشهود أن غارات التحالف استهدفت مواقع في مديرية الرضمة في إب، وأخرى في مديرية الزاهر في محافظة البيضاء في مناطق «سودا غراب ومرداس ومدرسة الرويشان»، واستهدفت منزل الشيخ عبدالقوي صالح الحميقاني الموالي للحوثيين. كما استهدفت الغارات مواقع في عدن ولحج، وطاولت الخطوط الأمامية للحوثيين غرب مدينة مأرب، وامتدت إلى عمران وذمار والجوف ومناطق في محافظتي حجة وصعدة، خصوصاً في ساقين والعند والمقاش.