دخلت المفاوضات الماراثونية بين ايران والقوى الكبرى اليوم (الجمعة) في فيينا يومها الرابع عشر، من دون تحقيق اي اختراق، فيما اتهمت ايران الغرب بالتراجع عن مواقفه وأبدت واشنطن استعدادها للانسحاب من المحادثات. وتسعى ايران والدول الكبرى الى انهاء المفاوضات باتفاق يضع حداً لأزمة دولية مستمرة منذ 13 عاماً حول برنامج طهران النووي. إلا ان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف اتهم الدول الغربية المتمثلة بمجموعة 5+1 (الولاياتالمتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين وألمانيا) ب «التراجع عن مواقف سابقة». وبحلول صباح اليوم تكون الولاياتالمتحدة تخطت المهلة المحددة لتقديم مسودة اتفاق إلى الكونغرس، ما يعني انه اصبح امام المشرعين الآن 60 يوماً بدلاً من 30 لمراجعة اي اتفاق يتم التواصل اليه. وقال ظريف في وقت متأخر أمس إنه «للاسف شهدنا تغييرات في المواقف وطلبات مبالغ فيها (...) من قبل عدد من الدول». واشار ظريف في حديث الى قناة «العالم» الاخبارية الى التباين في المواقف بين دول مجموعة (5+1)، إذ قال ان كل دولة «لديها مواقف مختلفة ما يصعب من المهمة» الرامية الى التوصل الى اتفاق. وصباح اليوم التقى ظريف مجدداً بنظيره الاميركي جون كيري. وشدد كيري أمس إثر لقاء مع نظرائه الفرنسي والالماني والبريطاني،على انه لن يتسرع في التوصل الى اتفاق، محذراً في الوقت ذاته من انه لن يبقى جالساً على طاولة المفاوضات إلى الابد. وفي هذه الجولة الاخيرة من المحادثات والتي دخلت يومها ال14 في العاصمة النمسوية، قال كيري انه في حال لم تتخذ «القرارات الصعبة قريباً، فإننا مستعدون تماما لوقف هذه العملية». واكد كيري ان المفاوضات تركز على جودة الاتفاق اذ يجب ان يكون «قادراً على الصمود مع الوقت». وتابع: «الامر ليس عبارة عن اختبار لايام او اسابيع او اشهر، بل لعقود». يذكر ان جهود التوصل الى اتفاق حول برنامج ايران النووي، الذي كشف عنه معارضون في العام 2002، بدأت في العام 2013 مع وصول الرئيس المعتدل حسن روحاني الى الحكم في الجمهورية الاسلامية. وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2013، توصلت ايران ومفاوضوها الى اتفاق اطار جمدت ايران بموجبه جزءاً من انشطة برنامجها النووي في مقابل رفع محدود للعقوبات. وتخطى المفاوضون العام الماضي مهلتين، في تموز (يوليو) وتشرين الثاني (نوفمبر)، للتوصل الى اتفاق نهائي، إلا انهم نجحوا في نيسان (ابريل) في لوزان بسويسرا في وضع الخطوط العريضة للاتفاق. وتجهد فرق من الخبراء في ايجاد الحلول المناسبة ونجحت فعلياً في احراز تقدم في بعض القضايا الشائكة الضرورية لتحويل اتفاق الاطار الى آخر نهائي قد يكون عبارة عن وثيقة من مئة صفحة. ويقول ديبلوماسيون انه تمت صياغة النص الاساسي فضلاً عن خمسة ملحقات اخرى. وفي حديث الى شبكة «سي ان ان» قالت وزيرة الخارجية الاوروبية فيديريكا موغيرني ان «النص وضع، انه جاهز، القضية عبارة الآن عن نعم او لا»، ما يعني الموافقة عليه او رفضه. وتابعت موغيريني «نحن قريبون جداً. ولكن اذا لم يتم اتخاذ القرارات المهمة والتاريخية خلال الساعات المقبلة فلن نحصل على اتفاق». ولكن يبدو انه لا تزال هناك بعض المسائل العالقة، ويقول ديبلوماسيون انه لا يمكن حلها الا على المستوى السياسي. وتطلب ايران رفعاً للحظر على السلاح الذي تفرضه الاممالمتحدة، الامر الذي ترفضه الدول الغربية حتى الآن خصوصاً في ظل اتهام طهران باثارة الفوضى في الشرق الاوسط. اما وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف فأكد متحدثاً من روسيا أمس وقوف بلاده الى جانب ايران، إذ قال ان «موسكو تدعم رفع الحظر في اقرب وقت ممكن». الى ذلك قال مسؤول ايراني، طلب عدم الكشف عن اسمه، ان «بكين أيضا دعمت الطلب الايراني»، مؤكدا ان «تخفيف الحظر الذي تفرضه الاممالمتحدة يبقى شرطاً ضرورياً». واكد المسؤول في الوقت ذاته اقتراب ايران ومفاوضيها من التوصل الى اتفاق شامل، مشيرا الى ان «الامر يتطلب من الاشخاص (الغربيين) التراجع عن اهداف غير ضرورية ووهمية».