أدى انفجار فقاعة الائتمان العالمية أخيراً إلى ظهور عبء مديونية هائل يهد كاهل مؤشرات التعافي الاقتصادي في كل دول العالم. ونشر «معهد ماكينزي» العالمي للاستشارات تقريراً جديداً بعنوان «المديونية العالمية وخفض معدلات الاقتراض المفرط»، يضيف مزيداً من التفاصيل إلى المشهد العام لكيفية تنامي الديون قبل الأزمة العالمية، ويلفت إلى النهج الذي يحتمل ان تأخذه عملية تقليص هذه الديون وخفض معدلات الاقتراض المفرط (leverage) مستقبلاً. وخلص التقرير إلى أن مستويات الاقتراض المضخّم لا تزال مرتفعة جداً في بعض القطاعات، في 5 من الاقتصادات العالمية الكبرى على الأقل. ولفت إلى ان تقليصها بعد كل الأزمات المالية الكبرى التي حصلت بعد الحرب العالمية الثانية، وشملت 45 حالة منذ العام 1930، جرى عبر فترة طويلة من التقشّف وانخفاض الناتج المحلي للدول، ليعود فيتعافى لاحقاً. وأوضح أن «القروض العقارية السكنية والتجارية لعبت دوراً أساساً في تعزيز الاقتراض قبل الأزمة الحالية، كما لعبت العقارات دوراً كبيراً في الكثير من الأزمات المالية الماضية». وتابع أن «وجود الأدوات الرقابية المناسبة كان ليوضح الزيادات والتراكمات غير المستدامة في الاقتراض المضخّم في الاقتصادات، قبل وقوع الأزمة بوقت كبير»، داعياً صانعي السياسات الاقتصادية للدول الراغبين في الحؤول دون ظهور فقاعات ائتمان والحفاظ على الاستقرار المالي، للعمل لتطوير تلك الأدوات. وأضاف أن في إمكان المسؤولين التنفيذيين في المصارف ان يستغلوا هذه البيانات في تنقيح نماذج الأخطار في المصارف، والجهات التنظيمية في وضع سياسة حصيفة للاقتصاد الكلي، ويمكن أن تستغلها المصارف المركزية أيضاً في التخفيف من حدة دورات النمو والكساد المستقبلية. وتابع ان على صانعي السياسة مراجعة حوافز الاقتراض المعتمدة، لا سيما في الأسواق العقارية، وتتضمن الخفوضات الضريبية للقروض العقارية والدعم والإعانات والبرامج الأخرى التي تشجع تملّك المنازل بعشوائية. وقال: «يعتبر ارتفاع معدلات الاقتراض المفرط مشكلة تواجه العالم بأسره، لا الولاياتالمتحدة فقط، إذ سجلت نسبة الدين الإجمالي إلى الناتج المحلي الإجمالي نمواً سريعاً بعد عام 2000 في معظم الاقتصادات المتقدمة». وبلغت مديونية 7 من اصل أكبر 10 اقتصادات معدلات أكبر من معدلات مديونية الولاياتالمتحدة بحلول عام 2008. ولفت التقرير الى ان 10 قطاعات في 5 دول كبرى تمتلك فرصاً كبيرة لخفض معدلات الاقتراض المفرط، وترتبط هذه المعدلات المرتفعة في 8 قطاعات من القطاعات ال10 المعنية بالعقارات، وتتمثل في القطاعات العائلية في بريطانيا والولاياتالمتحدةوإسبانيا وكندا وكوريا الجنوبية، والعقارات التجارية في إسبانيا وبريطانيا والولاياتالمتحدة، وقطاع الشركات والقطاع المالي في إسبانيا. أما في الأسواق الناشئة، في البرازيل والصين والهند وروسيا، فتعتبر معدلات الاقتراض المفرط في القطاع الخاص أقل كثيراً من مثيلاتها في الاقتصادات المتقدمة، نظراً لممارسات الاقتراض المتحفظة. وتبلغ نسبة الدين الإجمالية إلى الناتج المحلي الإجمالي في تلك الدول الأربع 150 في المئة، أي نصف النسبة للاقتصادات المتقدمة حيث يبلغ المتوسط 300 في المئة. ولفت التقرير إلى ان الأنظمة المصرفية في معظم الدول عوّضت من الاقتراض المفرط في الربع الأول من العام الماضي، إلى درجة ارتفع عندها رأس المال إلى مستويات ال15 سنة السابقة للأزمة. وذكّر بأن «أي إجراءات لتعزيز رأس المال في المصارف يجب أن تطبق تدريجاً وبحرص شديد على مدار فترة زمنية كافية، للحد من خفض مَنح التسهيلات الائتمانية للشركات والمستهلكين». وحذّر من ظاهرة الدخول في فترة طويلة من التقشف أو «شد الحزام»، التي استغرقت تاريخياً في المتوسط ما بين 6 و7 سنوات، وتضمّنت انخفاضاً في نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي تقدّر ب25 في المئة تقريباً.