توقع المصرف المركزي المغربي تجاوز معدلات البطالة خلال العام المقبل 10 في المئة، ارتباطاً باحتمال انخفاض النمو إلى دون النسب المسجلة خلال العام الحالي، والتي تجاوزت 4.3 في المئة، بفضل موسم زراعي جيد واستمرار تراجع أسعار الطاقة في السوق الدولية. واعتبر محافظه عبداللطيف الجواهري في تقرير سنوي لعام 2014 قدمه إلى الملك محمد السادس، أن «النموذج الاقتصادي المغربي لم يعد قادراً على إيجاد فرص عمل كافية للخريجين والباحثين الجدد بسبب ضعف الأداء الاقتصادي في القطاعات غير الزراعية، ومحدودية فرص العمل في المهن الصناعية الجديدة مثل السيارات والطائرات، وعدم ملاءمة مجالات التعليم والتدريب مع حاجات سوق العمل وتخلف نظام المناهج التعليمية وقلة البحث العلمي، وصعوبة تحصيل التمويلات المصرفية لإنشاء المشاريع الصغيرة». وكشف التقرير أن إجمالي الوظائف المستحدثة العام الماضي بلغ 21 ألفاً في القطاع الخاص، وهو ثاني أسوأ معدل توظيف منذ أربع سنوات، إذ خسر القطاع الصناعي 37 ألف وظيفة، في حين لم تتجاوز الوظائف الجديدة 42 ألفاً في قطاع الخدمات الذي كان يوفر 108 آلاف فرصة عمل قبل سنوات، في حين ساهم القطاع الزراعي في إيجاد 16 ألف فرصة عمل من أصل 58 ألفاً معتادة سنوياً. وحذر من أن بطالة الشباب وتفاقمها أصبحت مضرة بالاقتصاد المغربي ولا تخدم الاستثمار الذي بدوره لا يعكس نشاطه في سوق العمل، إذ أصبح أربعة من كل 10 شباب عاطلين من العمل، أي 40 في المئة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و25 عاماً، وترتفع النسبة عند النساء المتعلمات وسكان المدن والحاصلين على التخصصات العالية. وأشار إلى أن الاقتصاد المغربي، على رغم تحسنه خلال السنوات الأربع الماضية، لم يستعد كامل القدرات التي كان يتميز بها قبل الأزمة العالمية عام 2008، ما انعكس سلباً على سوق العمل وبات يمثل تحدياً حقيقياً للاقتصاد الوطني، إذ يعيش 10 في المئة من الفئات النشيطة حالة إقصاء إنتاجي في مجتمع يتجه تدريجاً نحو الشيخوخة ويحتاج أن يستفيد من الطفرة الديموغرافية التي ستتراجع في العقود المقبلة. وأظهرت إحصاءات المندوبية السامية في التخطيط أن سوق العمل شهدت تحسناً طفيفاً في الربع الأول من السنة، وانخفضت البطالة من 10.2 إلى 9.9 في المئة، وتراجعت في المدن من 14.6 إلى 14.3 في المئة، وفي القرى والأرياف من 5.1 إلى 4.7 في المئة، ولدى الرجال من 9.8 إلى 9.4 في المئة، في حين استقرت لدى النساء عند 11.3 في المئة. ويقدر عدد العاطلين من العمل في المغرب ب1.157 مليون شخص، 30 في المئة منهم نساء. وعزا محللون هذا التراجع إلى التحسن الطارئ في القطاع الزراعي، هو تحسن موسمي. وقد تكون السياحة من القطاعات المحتمل أن تتضرر أيضاً بالأحداث الإرهابية في شمال أفريقيا، مثل اعتداءات سوسة في تونس، بعدما ساهمت بثمانية في المئة من الناتج المحلي، أي أن تحسن الاقتصاد المغربي رهن بالأمطار والأوضاع الإقليمية والدولية. وتوقعت المندوبية السامية تراجع النمو من 4.3 في المئة حالياً إلى 2.6 في المئة عام 2016، باحتساب احتمال انخفاض القيمة المضافة في القطاع الزراعي، وارتفاع أنشطة الصناعة والخدمات إلى 3.1 في المئة من 2.5 في المئة، وسط تحسن مرتقب في عجز الموازنة وميزان المبادلات الخارجية الذي سينخفض إلى ثلاثة في المئة العام المقبل بعدما سجل 3.3 في المئة خلال العام الحالي و5.7 في المئة عام 2014. وتميل المندوبية إلى تأييد وجهة نظر المصرف المركزي بأن النمو لا يزال أسير الأمطار والإنتاج الزراعي، وأن التحسن في الحسابات الماكرو اقتصادية مرده إلى الظروف الدولية واستمرار انخفاض أسعار الطاقة، التي تستورد منها الرباط 96 في المئة من حاجاتها، وفاقت قيمتها 10 بلايين دولار عام 2014.