تباطأ النمو الاقتصادي المغربي في الربع الأول من هذه السنة، بفعل تراجع الإنتاج الزراعي الناتج عن ندرة الأمطار واستمرار تداعيات الأزمة الاقتصادية والمالية في منطقة اليورو، فضلاً عن تراجع العائدات السياحية والتدفقات الاستثمارية الأجنبية. وأفاد تقرير للمندوبية السامية في التخطيط بأن النمو الاقتصادي «تراجع إلى 2.2 في المئة من 4.7 في المئة نهاية العام الماضي. إذ تراجع النشاط الزراعي بنسبة 11.7 في المئة، وأداء بقية القطاعات الصناعية والخدمية من 5 في المئة إلى 2.8 في المئة فقط، بسبب انخفاض الصادرات المغربية نحو أسواق الاتحاد الأوروبي، خصوصاً مصنوعات الملابس الجاهزة والصناعات الميكانيكية والالكترونية، وتقلّص الطلب العالمي على الأسمدة الفوسفاتية التي تمثل نسبة كبيرة من صادرات الرباط نحو أسواق آسيا وأميركا اللاتينية». واعتبر التقرير أن معظم القطاعات الاقتصادية «تضرر من الأزمات الإقليمية والدولية والأحوال المناخية المتتالية، باستثناء قطاع العقار والبناء والأشغال الكبرى، التي ارتفعت القيمة المضافة فيها بنسبة 6.5 في المئة. وزادت القيمة المسجلة في العقار 7.2 في المئة بفضل استمرار طلب المقيمين والأجانب والمهاجرين على الشقق والمنازل في المغرب. وانخفضت مساهمة السياحة بنسبة 1.6 في المئة، نتيجة تراجع عدد الليالي الفندقية 4 في المئة والسياح الأجانب 2.7 في المئة». وأشار التقرير إلى «تباطؤ استهلاك الأسر المغربية في الربع الأول من العام الحالي، متأثراً بتقلص الإنتاج الزراعي وفقدان 157 ألف وظيفة، إذ ارتفع متوسط معدلات البطالة في المغرب إلى 10 في المئة وكان يقدر ب 9 في المئة قبل سنة». وتوقع «تقلّص الاستهلاك إلى 1.9 في المئة فقط في الربع الأول. وظلّ الطلب الداخلي يشكل قاطرة النمو الاقتصادي في المغرب طيلة العقد الماضي، ما كان يمكّن من تحقيق متوسط نمو من 5 في المئة بفضل سياسة تمويل الاستهلاك. وكانت المصارف التجارية تعتمد هذه السياسة قبل تراجعها عن هذا السلوك تحت ضغط شح السيولة النقدية نتيجة تنامي عجز الموازنة البالغ 6 في المئة، وحاجة الخزينة الى موارد إضافية». وساعد ارتفاع الديون المستحقة على الإدارة المركزية في «تحسن الكتلة النقدية بنسبة 2.4 في المئة. فيما واصلت الموجودات الخارجية تراجعها بسبب تفاقم عجز ميزان المدفوعات الذي تضرر من ارتفاع قيمة الواردات الأساسية مثل الطاقة والقمح». ولفت التقرير، إلى «انخفاض الاحتياط النقدي 4.5 في المئة في الربع الأول، وزيادة المديونية المستحقة على الاقتصاد نحو 3.4 في المئة، وهي وضعية صعبة انعكست على أداء بورصة الدارالبيضاء التي انكمش حجم معاملاتها بنحو 27 في المئة». وأظهر استطلاع أعدّته مندوبية التخطيط، أن «54 في المئة من الأسر المغربية أرجأت شراء سلع مستدامة في مقابل 22 في المئة». وتوقع « 92 في المئة منها احتمال ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الشهور المقبلة، وعدم قدرتها على الادخار». ولم يستبعد «62 في المئة ارتفاع عدد العاطلين من العمل في الشهور ال 12 المقبلة بسبب تدهور الأداء الاقتصادي».