هل فكرت يوماً ما السبب وراء نسيانك لبعض الأمور والأحداث التي وقعت أمس، بينما لا تزال تتذكر أموراً أخرى وقعت قبل سنوات، ولماذا تبقى أحداث غير هامة مطبوعة في ذاكرتك، في الوقت الذي تختفي فيه أمور أخرى؟ للإجابة على هذا السؤال، نشرت قناة "ديسكفري نيوز" الأميركية قبل أيام فيديو على موقع "يوتيوب" شرحت خلاله آلية عمل الدماغ البشري في مجال الحفاظ على الذكريات أو مسحها. ونقل الفيديو عن عالم الأعصاب بول كينغ قوله، إن «العقل البشري يرتب الأحداث التي تقع يومياً وفقاً لأولوياته الخاصة، ويعطي أولوية التذكر للأحداث المؤثرة على حياتنا المستقبلية، أو تلك التي تسهم في بقائنا على قيد الحياة». لكن من الواضح ان ليس كل ما يتذكره عقلنا البشري هو هام لحياتنا المستقبلية، مثلاً لا يزال كثير من الناس يتذكرون أسماء وأحداث برنامجهم الكرتوني المفضل الذي تابعوه قبل عشرات السنين. وهنا يشرح مقدم الفيديو ان «المخ البشري غير قادر على تحديد مدى فائدة الحدث بدقة»، لذا قد نتذكر أحياناً أموراً غير هامة. ويبيّن الفيديو بعض المعايير التي يتبعها العقل البشري في تصنيف الأمور والأشكال وبالتالي ترتيب أهمية تذكرها، ومنها مدى تكرار الأمر، لكن حتى مع التكرار تقوم الدماغ البشرية أيضاً بتقييم مدى تأثير الأمر على مستقبل الشخص ومن ثم اتخاذ قرار تحويلها إلى ذكريات طويلة الأمد. وتلعب المشاعر دوراً كبيراً في عملية التذكر، إذ أن بعض الأمور التي تسببت لنا في شعور بالفرحة أو الحزن أو الألم، من الصعب ان ينساها العقل البشري، وكذلك الأمر بالنسبة للأحداث الفجائية التي وقعت من دون ترتيب أو توقع سابق. ويميل العقل البشري إلى تذكر القرارات التي أثرت إيجاباً أو سلباً على حياة صاحبه. إذاً لا تستتغرب في حال نسيت ماذا تناولت على الغداء أمس، لأنه من وجهة نظر عقلك هو أمر غير مؤثر في حياتك، إلا إن كان طعامك حينها شيئاً مختلفاً ومميزاً، فستتذكره لأنه قد يؤثر على خياراتك في المستقبل. وهناك طريقة أخرى يستخدمها الدماغ البشري لتخزين الأمور، وهي طريقة تعتمد على عوامل خارجية تثير المؤثرات العصبية لدى الشخص لتحيي ذكريات أو خبرات سابقة، وكلما تكرر الأمر أصبحت الذكريات أكثر صلابة، ومن الأمثلة على هذه الطريقة تذكرنا لكل ما تعلمناه عن قيادة السيارة في كل مرة نجلس فيها خلف المقود، ولأننا نركب سياراتنا بشكل شبه يومي، ونستذكر المهارات المطلوبة، يصبح من الصعب نسيان ما تعلمناه. وللنوم تأثير كبير في عملية تحويل الخبرات والذكريات التي نمر بها إلى محتوى ذاكرتنا طويلة المدى، لذلك ان كنت ترغب في الحفاظ على ما تتعلمه يومياً فحاول النوم جيداً لساعات كافية.