واضاف ماريا كوستا "في السابق كانت التجارة تتم عبر الصحراء بالقوافل.. اما اليوم فهي اكبر حجما واسرع في التسليم واكثر اعتماد على التكنولوجيا المتطورة كما يثبت ذلك حطام الطائرة البوينج 727 الذي عثر عليه في الثاني من نوفمبر في منطقة جاو بمالي وهي منطقة تاثرت بالتمرد والارهاب." وبعد ذلك بايام القى مسؤولو ادارة مكافحة المخدرات الامريكيون القبض على ثلاثة افارقة من غرب افريقيا بعد عملية لهم في غانا. ونقل الرجال الثلاثة وكلهم من مالي الى نيويورك يوم 16 ديسمبر كانون الاول بتهم تهريب المخدرات والارهاب. واتهم عمر عيسى وهارون توري وادريس عبد الرحمن بالتخطيط لنقل الكوكايين عبر افريقيا بهدف دعم القاعدة وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي والقوات المسلحة الثورية اليسارية في كولومبيا. وتعزز الاتهامات ما وصفه اكبر مسؤول في ادارة مكافحة المخدرات الامريكية في كولومبيا لمراسل لرويترز بانه "تحالف شرير بين ارهابيي المخدرات بامريكا الجنوبية والاسلاميين المتطرفين." لكن بعض الخبراء يشكون رغم ذلك في ان الرجال الثلاثة ليسوا سوى مجرمين. وهم يشكون في ان تجار المخدرات قد تخلوا عن صلاتهم بالقاعدة ليضعوا ايديهم على المخدرات. وقالت ادارة مكافحة المخدرات في شكواها الجنائية ان توري قاد جماعة مسلحة تنتمي الى القاعدة يمكنها نقل الكوكايين من غانا عبر شمال افريقيا الى اسبانيا مقابل 2000 دولار للكيلوجرام بما في ذلك النقل وحماية المخدرات. وبحث توري طريقين بريين مختلفين مع عميل سري. واحد الطريقين يمر عبر الجزائر والمغرب والاخر عبر الجزائر وليبيا. وقال للعميل ان جماعته عملت مع القاعدة لنقل ما يتراوح بين طن وطنين من الحشيش الي تونس وكذلك لتهريب مهاجرين باكستانيين وهنود ومن بنجلادش الي اسبانيا. ويحذر محللون من ان المال الناشىء عن تجارة الكوكايين عبر الصحراء قد يحول تنظيم القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي الذي يقدر عدد اعضائه في جنوب الساحل بين 100 و200 رجل الى تهديد اكبر في المنطقة الممتدة من موريتانيا الى النيجر. وهي منطقة بها استثمارات اجنبية ضخمة في النفط والمناجم وربما خط لانابيب الغاز عبر الصحراء. وقال دوجلاس فرح عضو مركز التقدير الاستراتيجي الدولي وهو مركز ابحاث امن مقره واشنطن "هذه الجماعات سيصبح لديها الكثير من المال اكثر مما كان لديها من قبل واعتقد انكم سترونهم يحملون اسلحة اكثر تطورا بكثير." وتغطي منطقة تمبكتو اكثر من ثلث مساحة شمال مالي وهي منطقة تعادل مساحتها مساحة سويسرا عدة مرات وجانب كبير منها خارج سيطرة الدولة. وقال مولاي حيضرا مسؤول الجمارك ان التدفق الشديد للكوكايين جوا حول المنطقة الى "مستودع صناعي" للكوكايين كما عبر عن مشاعر القلق تجاه التحدي الذي تواجهه سلطات انفاذ القانون المحلية. واضاف ان المهربين استخدموا عائدات من التجارة واشتروا بالفعل "اسلحة الية وعقدوا العزم بقوة." وقال انهم "يدعون انفسهم القاعدة" رغم انه يعتقد ان القاعدة ليس لها صلة بديانته لكنهم يستخدمونها "كقاعدة ايدولوجية". وتقول السلطات ان سيارات تويوتا رباعية الدفع المجهزة باجهزة تحديد المواقع وهواتف تعمل عن طريق الاقمار الصناعية لا غنى عنها للمهربين. ويقول سكان ان المهربين يفرغون بعض الهواء من اطارات عرباتهم للتمتع بثبات اكبر على رمال الصحراء التي يمكنهم السير عليها بسرعة تصل الى 110 كيلومترات في الساعة في قوافل على طرق الي شمال افريقيا. وقال حاكم تمبكتو الكولونيل محمد منجارا انه يعتقد ان المهربين لديهم خيام مكيفة الهواء مما يمكنهم العمل في مناطق بالصحراء ترتفع فيها درجات الحرارة صيفا الي مستويات غير محتملة "قد تحرق حذائك". وقال ان الجيش يفتقر الي مثل هذه التجهيزات. وينجذب عدد متزايد من الناس في المنطقة الفقيرة حيث لا يزال التنقل باستخدام الجمال والحمير شائعا الي هذه التجارة. ويمكنهم ان يحصلوا على ما يتراوح بين اربعة وخمسة ملايين فرنك افريقي (ما بين تسعة الاف و11 الف دولار) في عملية تهريب واحدة. وقال محمد هامالك هو مرشد سياحي من الطوارق في تمبكتو " التهريب قد يكون مغريا لاشخاص لا يمكنهم سوى الحصول على 100 او 200 دولار شهريا." ووصف حيضرا مسؤول الجمارك شمال مالي بانها منطقة لا يمكن لادارته دخولها. وقال "يوجد الان خط احمر عبر شمال مالي لا يمكن لاحد ان يذهب الى هناك." وقال المسؤول الامريكي شميت الذي تحدث في دكار هذا الاسبوع ان تنامي تهريب المخدرات جوا يتطلب عملا سريعا من جانب المجتمع الدولي. واضاف "ينبغي ان يكون هذا اكبر اهتمامات الحكومات... لدول غرب افريقيا ودول غرب اوروبا ولروسيا والولاياتالمتحدة يجب ان يكون لهذا الامر اولوية كبيرة في جداول عملها." ووقف التجارة.. مثلما يدرك المهربون.. تحد هائل دون شك دبلوماسيا وهيكليا واقتصاديا. وتتسم علاقة فنزويلا التي تقلع منها الطائرات التي تقوم بالرحلة وتتزود بالوقود بالمواجهة مع كولومبيا التي ركز رئيسها الفارو اوريبي على سحق تمرد القوات المسلحة الثورية اليسارية المستمر منذ 45 عاما. ويرفض زعيم فنزويلا اليساري هوجو تشافيز دخول ادارة مكافحة المخدرات الامريكية للعمل في بلاده. وفي لفتة عداء منه تجاه واشنطن ارسل الاسبوع الماضي طائرتين طراز اف 16 لاعتراض طائرة بي3 امريكية وهي طائرة تستخدم في البحث عن المهربين ورصدهم قائلا انها خرقت المجال الجوى الفنزويلي مرتين. وهو يقول ان الولاياتالمتحدة وكولومبيا تستخدمان عمليات مكافحة المخدرات كغطاء لغزو مخطط لدولته المنتجة للنفط. وتنفي واشنطن وبوجوتا هذه المزاعم. وفيما يتعلق بالحد من تجارة المخدرات فان ادارة مكافحة المخدرات الامريكية لها اكبر وجود خارج البلاد مقارنة بباقي وكالات انفاذ القانون الامريكية اذ ان لها 83 مكتبا في 62 دولة. ولكن وجودها ضعيف في افريقيا حيث لها اربعة مكاتب في نيجريا وغانا ومصر وجنوب افريقيا ولكن هناك خططا لفتح مكتب خامس في كينيا. ويعمل ايضا الانتربول ووكالات انفاذ القانون الاوروبية للحد من التجارة. ولكن محليا يقول مسؤولون ان افريقيا تخسر الحرب على المخدرات. وابرز مشكلة مثلما يوضح نموذج مالي هو نقص الموارد. وكانت عمليات القبض الوحيدة هي التي جرت فيما يتصل بالطائرة البوينج بعد ايام من العثور عليها في الصحراء. واتضح ان المقبوض عليهم بدو يحصلون على الالومينيوم من جسم الطائرة لصنع اواني للطهو على الارجح وتم الافراج عنهم بسرعة. وقالت الشرطة في غينا بيساو لرويترز ان لديها اسلحة قليلة ولايوجد مال لشراء وقود للسيارات التي تبرعت بها حكومات ولاسجن مشدد الحراسة لاحتجاز المجرمين. والفساد مشكلة اخرى. وتقول الشرطة وجماعات حقوق الانسان ان الجيش افرج من جانبه عن عدة مهربين متهمين او اعتقلتهم السلطات في اطار تعاملها مع المشكلة. وهناك اسئلة تحيط بالفترة التي استغرقتها سلطات مالي للابلاغ عن اكتشاف الطائرة البوينج. وما يثير القلق على نحو خاص بشأن مصالح الولاياتالمتحدة هو ان شبكة الطائرات لا تطير في اتجاه واحد لتنقل الكوكايين من امريكا اللاتينية الي افريقيا ولكنها تطير عائدة الي الامريكتين. واشارت مذكرة داخلية لادارة الامن الداخلي اطلعت عليها رويترز الى حالة واحدة هبطت فيها طائرة قادمة من افريقيا في المكسيك حاملة ركاب وشحنة لم يتم فحصها. ووصلت الطائرة جلف ستريم 2 الي كانكون قرب جزيرة مارجريتا بفنزويلا قادمة من افريقيا. وكانت الطائرة على قائمة لمراقبة الطيران وحملت راكبين اثنين فقط. وكان احدهما امريكي لا يحمل حقائب والاخر من مواطني جمهورية الكونجو ويحمل جواز سفر دبلوماسيا وحقيبة يد لم يتم تفتيشها. وقال خبير الطيران الذي كتب تقرير الامن الداخلي "مصدر القلق الواضح والكبير هو ان هناك نظام نقل قادر على نقل اطنان من الكوكايين من الغرب الي الشرق... ولكن من عدم الفطنة توقع الا يعود شيء وعندما يكون هناك منظمات ارهابية على جانبي المسار يجب ان تعطى اولوية كبيرة لمعرفة ما الذي تعود به هذه الطائرات." ن ع - أ ف (سيس)