قبل أيام من الذكرى العاشرة لهجمات 7 تموز (يوليو) 2005، أعلنت بريطانيا تعزيز إجراءاتها الأمنية في ظل مخاوف من عمليات إرهابية ضخمة يُخطط لها تنظيم «داعش»، متحدثة عن «تهديد وجودي» يمثّله هذا التنظيم لدول الغرب. وجاء ذلك في وقت ارتفع عدد البريطانيين الذين قُتلوا في الهجوم الإرهابي الذي نفّذه مؤيد ل «داعش» على شاطئ سوسة في تونس إلى أكثر من 30، في أثقل خسارة بشرية لبريطانيا منذ تفجير تنظيم «القاعدة» باصاً وثلاث مقصورات للمترو في لندن قبل 10 سنوات (52 قتيلاً ومئات الجرحى وأربعة انتحاريين). ورأس رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس اجتماعاً للجنة «كوبرا» التي تجتمع في حالات الطوارئ وتضم مسؤولين في الحكومة وأجهزة الأمن والاستخبارات، فيما أعلنت شرطة اسكتلنديارد أنها نشرت رجالاً مسلحين لتأمين دورة ألعاب كرة المضرب التي بدأت في ضاحية ويمبلدون، كما تم نشر أعداد إضافية من رجال الأمن في مواقع تجارية وحكومية في أنحاء المملكة المتحدة، في مؤشر إلى القلق من هجمات إرهابية. ويأتي ذلك في وقت تتوقع بريطانيا بدء تدفق ملايين السياح الأجانب، بمن فيهم العرب الذين يأتون في العادة خلال فصل الصيف، وينفقون بلايين الجنيهات، وهو أمر يدر دخلاً مهماً للاقتصاد الوطني. وقال كاميرون في تصريحات أمس أن المتشددين الإسلاميين «أعلنوا الحرب على بريطانيا وهم يهاجمون مواطنينا في وطننا وفي الخارج». وبعدما تعهد رداً «واسع النطاق» على مذبحة السياح على شاطئ سوسة، قال: «إننا هدف... إنهم يهاجمون طريقة حياتنا ومبادئنا، وعلينا أن نقف موحدين مع الذين يتشاركون معنا في قيمنا». وقال كاميرون في مقابلة مع القناة الرابعة في «بي بي سي» أن «داعش» ليس إسلامياً ولا يجب أن يُطلق عليه وصف إسلامي، بل هو تنظيم بربري، مقراً في الوقت نفسه بنجاحه في «جذب الكثيرين» من أوروبا وأميركا والشرق الأوسط وغيرها، قائلاً أن الصراع ضد «داعش» سيكون عبارة عن «كفاح جيلنا». ودافع رئيس الوزراء البريطاني عن مشاركة بلاده في الضربات ضد «داعش» في العراق، قائلاً أنه يجب إلحاق الهزيمة به في سورية أيضاً. لكنه أصر على أن الرئيس بشار الأسد هو أحد أسباب صعود نجم «داعش» نتيجة «معاملته المشينة» للمجتمع السنّي. وأكد أن «داعش» يمكن أن يُهزم عسكرياً، لافتاً إلى أنه خسر مساحات واسعة من الأرض. لكنه جدد رفضه إشراك الجيش البريطاني في حرب برية، قائلاً أن العمل يتم على جبهة تدريب «جيوش محلية» تتولى قتال «داعش». وعلى الصعيد المحلي، شدد كاميرون على ضرورة انخراط الشباب المسلم في المجتمع، وعلى دور الأئمة في محاربة التطرف، ودان المواقف التي لا تندد في شكل صريح بتصرفات «داعش»، بل تحاول أن تجد لها تبريراً.