ودع المنتخب البرازيلي بطولة «كوبا أميركا» لكرة القدم المقامة في تشيلي من الدور ربع النهائي على يد باراغواي، ليخرج بخمسة دروس والكثير من الشكوك بشأن قدرات الفريق، خصوصاً في غياب النجم الأبرز نيمار. وجاء خروج البرازيل في ربع النهائي بركلات الترجيح (4-3) أمام باراغواي بعد انتهاء الوقت الأصلي (1-1)، ليؤكد بما لا يدع مجالاً للشك سلسلة من المشكلات التي يعاني منها ال «سيليساو»، ظهرت في «مونديال 2014» وبدت مستفحلة خلال «كوبا أميركا». وكان المدير الفني للمنتخب البرازيلي كارلوس دونغا حاول بعد الخسارة أمام باراغواي التعامل بإيجابية مع الوضع، مؤكداً أن ال «سيليساو» سيستخلص «دروساً» من الاقصاء استعداداً للتصفيات المؤهلة «لمونديال روسيا 2018»، ولم يكشف دونغا عن تلك الدروس، ولكنها لا تحتاج للإفصاح عنها. ويبدو أن الدرس الأول والأهم بالنسبة للمنتخب البرازيلي هو الاهتمام بأبرز لاعبيه نيمار وتقديم الدعم له، لتجنب تكرار ما حدث في نهاية مباراة كولومبيا في ثاني جولات المجموعة الثالثة في البطولة القارية، والتي انتهت لصالح «لوس كافيتيروس» بهدف نظيف. فبعدما أطلق الحكم صافرة نهاية المباراة، سدد نجم برشلونة الكرة في ظهر بابلو أرميرو، قبل أن ينطح خيسون موريو، لذا تدخل باكا ودفع المهاجم البرازيلي. وأشهر أوسيس إزاء تلك الأحداث، البطاقة الحمراء في وجه كل من نيمار وباكا، وبعدها تقرر ايقاف نيمار لأربع مباريات بعدما وجه إهانات للحكم. وبدت حاجة المنتخب البرازيلي للبحث عن بديل لنيمار، الذي افتقد ال «سيليساو» من دونه القدرة التنافسية الحقيقية. ولخص الظهير الأيمن داني ألفيش الدرس الثالث بعد الخروج على يد باراغواي، حينما أكد أن المنتخب البرازيلي لم يمسك بزمام المبادرة، الأمر الذي ينطبق على مسيرة ال «سيليساو» ليس فقط في مباراته الأخيرة، وانما في البطولة برمتها. وكانت البرازيل تأخذ بزمام المبادرة سابقاً وتفرض ايقاعها على المباراة، وتعرف ماذا تريد في الملعب وكيفية تنفيذه، ولكن غاب هذا عن «الكناري» خلال النسخة الحالية من «كوبا أميركا»، باستثناء مواجهة فنزويلا في ختام منافسات دور المجموعات. وأشار فيليبي لويس أيضاً الى الدرس الرابع وهو حاجة لاعبي المنتخب البرازيلي للتعامل بقدر أكبر من الهدوء مع الحكام، ودفع ال «سيليساو» الثمن غالياً بايقاف نيمار أربع مباريات، ليفتقد جهوده خلال أول جولتين من التصفيات المؤهلة ل «مونديال روسيا». والدرس الأخير الذي لا يقل أهمية عن الأربعة الأولى، يكمن في رفع مستوى اللياقة، اذ انخفض الأداء البدني للاعبين البرازيليين بمرور الوقت، خصوصاً في نهاية المباريات. وسيكون له أهمية كبيرة في مشوار المنتخب البرازيلي في التصفيات المؤهلة لبطولة كأس العالم المقبلة، وبخاصة في المباريات التي تقام في مدن على ارتفاع كبير عن سطح البحر، مثل لاباز وكيتو وبوغوتا. وظهرت خلال البطولة الكثير من الشكوك التي يحتاج دونغا لتبديدها، وأبرزها رأس الحربة. وبدأ دييغو تارديلي منافسات «كوبا أميركا» أساسياً رأس حربة، ولكنه لم يتمكن من هز الشباك، ليقرر دونغا الاعتماد على فيرمينيو بدلاً منه، الا أنه لم ينجح سوى في تسجيل هدف واحد. ولم تسلم حراسة المرمى هي الأخرى من تلك الشكوك، إذ لم يبث جيفرسون الذي يلعب في بوتافوغو المحلي في دوري الدرجة الثانية، الطمأنينة في نفوس المدافعين قبل الجماهير في البطولة الأولى التي يدافع فيها عن عرين ال «سيليساو» أساسياً. أما في ركلات الترجيح أمام باراغواي، فلم يتمكن من التصدي لأي منها. وكاد يكلف فريقه هدفاً بخطأ في قراءة كرة أعادها له أحد مدافعيه، وهو ما حدث فعلاً في مواجهة بيرو. وخط الدفاع لم يكن محصناً من الشكوك، اذ فقد ديفيد لويز مقعده في التشكيل الأساسي بسبب الأخطاء التي ارتكبها خلال مواجهة بيرو، وارتكب تياغو سيلفا خطأً ساذجاً بلمس الكرة بيده داخل منطقة الجزاء خلال مباراة باراغواي، حصل منها المنافس على ركلة جزاء أدرك من خلالها هدف التعادل. وكان القلق الأكبر لدونغا هو عدم وجود صانع ألعاب يمكن الاعتماد عليه لتغذية المهاجمين، وهو ما افتقر إليه ال «سيليساو» خلال مشواره في البطولة القارية، باستثناء مواجهة بيرو، اذ اضطر نيمار للقيام بهذا الدور. وساءت الأمور بعدها بالنسبة للمنتخب البرازيلي وخرج من البطولة، الأمر الذي عزاه دونغا لغياب خمسة لاعبين عن صفوفه قبل انطلاقها، وأبرزهم أوسكار. وودعت البرازيل«كوبا أميركا» بغض النظر عن مدى تأثير هذه الغيابات، وعليها أن تتعلم من اقصائها وتبدد الشكوك التي خرجت بها من البطولة قبل انطلاق التصفيات المؤهلة ل «مونديال روسيا 2018».